ودّع الجسم الصحافي والسياسي المغربي، بعد ظهر اليوم الثلاثاء، الصحافي والأديب عبد الكريم غلاب، إذ شُيّع إلى مثواه الأخير في مقبرة الشهداء بالرباط، بحضور لفيف من الوزراء والسياسيين من مختلف الأطياف، ومثقفين وحقوقيين وأفراد من عائلة الراحل. جنازة الراحل عبد الكريم غلاب جمعت مختلف الفرقاء السياسيين، من الأغلبية الحكومية ومن المعارضة، كما ضمت قيادات حزب الاستقلال، إذ حضر حميد شباط، الأمين، العام للتنظيم السياسي نفسه، إلى جانب كل من عادل بنحمزة وعبد القادر الكيحل؛ كما تواجد في مراسيمها نزار البركة، المرجح أن ينافس شباط على الأمانة العامة ل"حزب الميزان" في المؤتمر الوطني القادم للحزب. وأجمع الفاعلون السياسيون الذين حضروا تشييع الراحل عبد الكريم غلاب على المكانة المتميزة التي كانت يتبوؤها، إبان حياته، كمثقف ملتزم ومناصر لقضايا الوطن والمواطنين، معتبرين أن رحيله يشكل خسارة كبرى للمغرب. نزار البركة قال في تصريح لهسبريس: "فقدنا في الراحل أستاذ الأجيال الذي علمنا معنى الديمقراطية والوطنية، والدفاع عن الوحدة والترابية وعن مصالح المواطنات والمواطنين، من خلال عموده: مع الشعب، ومعنى الدفاع عن المنطق والعقل من خلال كتاباته حول الاجتهاد في الإسلام". وأضاف رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنّ الراحل، الذي كان واحدا من أبرز الوجوه في حزب الاستقلال، وعضوا بمجلس الرئاسة فيه، برز منارة في المشهد الثقافي المغربي، "حيث لعب دورا أساسيا في ترجمة معنى المثقف الملتزم الذي يشتغل بجد، ولا يعرف سوى العطاء ثم العطاء ثم العطاء"، حسب تعبيره. من جهته قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، إن "المغرب فقد، برحيل عبد الكريم غلاب، وطنيا عاش فترة المقاومة وكان من الشباب الذين ساهموا مساهمة قوية في مقاومة الاستعمار، وشارك في الإصلاح السياسي لتطوير البلاد بعد الاستقلال، كما ساند بقوة تطوير الحقل الأدبي والثقافي"، مضيفا: "كان شخصية لها إسهامات متعددة وأدى ثمن ذلك". نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، قال إن "عبد الكريم غلاب وطني غيور ومناضل سياسي محنك، وكاتب لامع وصحافي متألق، كرس حياته للدفاع عن القضايا الحقيقية للوطن، وبالأساس الدفاع عن الديمقراطية وعن العدالة الاجتماعية". واستطرد بنعبد الله بأن صاحب "دفنا الماضي" كان رجل القيم والمبادئ، وينتمي إلى الجيل الذي ربى عددا من المناضلات والمواطنات في صفوف الحركة الوطنية المغربية، مضيفا أن حزب الاستقلال فقد في عبد الكريم غلاب أحد أقطابه البارزة. وكان الراحل من أبرز الصحافيين والكتاب المغاربة، إذ شغل منصب مدير صحيفة "العلم"، لسان حال حزب الاستقلال، وكان يكتب عمودا شهيرا تحت عنوان "مع الشعب"، كما ألف عددا من الكتب، وصنع لنفسه مكانة متميزة في الأدب المغربي، إذ أغناه بعدد من الأعمال المتميزة؛ من أشهرها رواية "المعلم علي"، و"دفنّا الماضي" التي يعتبرها النقاد أوَّل إصدار مغربي تتوفّر فيه شروط الرواية.