فجأة وبدون مقدمات، دعا عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إلى مراجعة الدستور المغربي، بعد ست سنوات من إقراره؛ وذلك على خلفية الأحداث التي تعرفها مدينة الحسيمة، مؤكدا أن الهدف هو معرفة من سيحاسب المغاربة عند وقوع مثل هذه الأمور. الأمين العام لحزب "المصباح"، والذي يعد الهم الدستوري آخر الأمور التي يفكر فيها، بقدر تفكيره في تطبيع علاقة الإسلاميين مع القصر، وجد نفسه خارج اللعبة السياسية، بعدما جرى إبعاده من رئاسة الحكومة، ليطالب في أول خروج له بتعديل أسمى وثيقة في البلاد. وبين المزايدات السياسية على النظام، لتسجيل بعض الأهداف خصوصا أن هناك مؤشرات دالة على إعادة ترتيب المشهد الحزبي المغربي، وبين الحاجة المجتمعية لتعديل الدستور، تبدو دعوة الأمين العام لحزب "المصباح" في هذا التوقيت محاولة لفتح جبهة جديدة في علاقته بالدولة، بعدما فشل في كسب ودها لخمس سنوات من تدبير الشأن العام. وقال بنكيران، في أول خروج له بعد إبعاده من رئاسة الحكومة عندما حل ضيفا على شبيبة العدالة والتنمية، "إذا اقتضى الأمر مراجعة الدستور فلنفعل، حتى نعرف شكون المسؤول على شنو، ومن يتكلم مع من"، معتبرا الهدف من ذلك هو "توضيح الضبابية التي يعرفها المشهد السياسي". وفي تعليقه على دعوات بنكيران، اعتبر عبد المنعم لزعر، الباحث المتخصص في الشأن الحزبي المغربي، أن ما صرح به أمين عام "المصباح" يأتي في ظل الترتيبات الجارية في الحقل السياسي المغربي، والتي ستفرز لا محالة مدمجين جددا ومبعدين جددا، موضحا أنه "لا أحد يريد أن يكون مبعدا، أو أن يكون ضحية لاستراتيجيات الإقصاء التي سيعتمدها الحقل السياسي لتجديد نفسه". واعتبر لزعر، في تصريح لهسبريس، أن "اللحظة السياسية الراهنة يطغى عليها الطابع التفاعلي بين رهانات سياسة متجاوزة وبين أخرى مأمولة"، مشيرا إلى أن "هناك أكثر من عرض سياسي مقدم من أجل تجاوز المنطق الذي عرفته اللعبة السياسية بعد نتائج الانتخابات التشريعية ل07 أكتوبر 2016". الباحث في العلوم السياسية قال إن "هناك عروضا مقدمة من طرف أكثر من موقع وفاعل سياسي"، مبرزا أن "بعض الفاعلين يسوق لعرض سياسي تحت عنوان "حكومة الوحدة الوطنية أو حكومة كفاءات"، وبعضهم الآخر "يسوق لعرض سياسي يهم تحرير الجسد الحزبي من قيود المراقبة والعقلنة". وفي هذا الصدد، سجل لزعر أن "العرض الذي قدمه عبد الإله بنكيران، والمتمثل في "تعديل الدستور"، هدفه ومبتغاه هو معرفة القيمة السوقية لهذا العرض والتي تحددها عملية التسعير السياسية، موردا أن "الهدف الثاني هو محاولة ضمان الحضور سواء في إطار شراكة أو صفقة أو توافق على طاولة الترتيبات الجديدة التي تمهد للانتقال من رهان إلى آخر".