بدون سابق إنذار، وفي ظل التقاطب الحاد الذي يعرفه حزب العدالة والتنمية حول المؤتمر الوطني المقبل، خرج رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، ليعلن أنه مستعد لتقديم استقالته من مسؤوليته الحكومية ومن رئاسة المجلس الوطني للحزب. وبعدما وجهت إليه تهم بمحاولات كسب ود مؤتمري حزب العدالة والتنمية قبل شهرين من انعقاد المؤتمر الوطني الثامن، أخرج العثماني المقاطع التي تحدث فيها عن عزمه على الاستقالة؛ وذلك في لقاء تنظيمي بمدينة مكناس خلال انتداب أعضاء الحزب للمؤتمر. وقال العثماني في هذا الصدد: "مستعد لتقديم الاستقالة من رئاسة المجلس الوطني للحزب والحكومة إذا كان بقائي يمكن أن يؤدي إلى انشقاق الحزب"، لكنه استدرك بالتأكيد أنه "لا خوف على حزب العدالة والتنمية من الانشقاق لأن كل ذلك أوهام، وليس هناك مشاكل بيننا". وبعدما شدد على ضرورة بقاء "حزب العدالة والتنمية وفيا للمغاربة الذين صوتوا عليه"، أعلن العثماني في مجمع "الإخوان": "نحن إخوة رغم أن البعض يصور أن هناك تيارات"، مضيفا: "ليس هناك مشاكل وإن اختلفنا في بعض الأمور، فمثل هذه الأمور نتناقش فيها من قبل". "الجميع حريص على بقاء الحزب موحدا وسنتجه للمؤتمر، ومهما كانت النتائج سنظل موحدين، لكي يقوم الحزب برسالته الإصلاحية"، يورد رئيس المجلس الوطني لحزب "المصباح"، الذي أكد أنه "سنقوم بجهدنا لكي يستمر الحزب في أداء هذه المهمة". وأشار إلى أن "مبادئ الحزب أهم من جميع المظاهر الخلافية، والخلافات في الرأي موجودة في الحزب منذ زمان، ولكن هذا لن يكون سببا في الانشقاق اللهم إن كانت هناك مصالح شخصية التي تعتبر خطا أحمر". وتعليقا منه على تلويح رئيس الحكومة بالاستقالة، قال عبد المنعم لزعر، باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن قراءة رد فعل العثماني يجب أن تستحضر أن "مؤسسة رئاسة الحكومة تشتغل في سياق لحظة سياسية ضاغطة وبرهانات غير مستقرة"، مشيرا إلى ما اعتبرها "لحظة بناء بمعنى جديد للفعل السياسي والحزبي والانتخابي لما بعد إفرازات 07 أكتوبر 2017". وبعدما أكد في تصريح لهسبريس أن "هذا السياق حتما سيفقد الفاعلين السياسيين جزء من الحرية في تدبير عملية بناء الخطاب والفعل السياسيين"، اعتبر لزعر أن "الجسد الحزبي، خاصة بعد خطاب العرش الأخير، أصبح أمام حالة من اللاوعي التنظيمي والإيديولوجي تحول لدى بعض النماذج الحزبية إلى حالة من الفراغ". واستطرد المحلل ذاته بأن "بعض الساسة يبحثون عن ملء هذا الفراغ ببالونات وهمية توحي بامتلاك الزمن السياسي، مع العلم أن الزمن السياسي منفلت كما هي رهاناته من سلطة إفرازات 07 أكتوبر". وخلص الباحث في الشأن الحزبي المغربي إلى أن "تفسير هكذا خرجات هدفه عرض لملء الفراغ على مستوى بركة السياسة الجافة"، مؤكدا أنه "آلية للتنفيس المؤسساتي تجاه حالة الضغط السياسي والحزبي التي يعاني منها الفاعلون المعنيون بحركية الرهانات الخاضعة للاختبار". واعتبر لزعر في هذا الصدد أن هذه ورقة قابلة للتسويق سياسيا وحزبيا من أجل إعادة التموقع السياسي والحزبي، مرجعا ذلك إلى التحولات السياسية والحزبية والانتخابية التي تعرفها فضاءات اللعبة السياسية بالمغرب.