كشف التقرير نصف السنوي لمنظمة "شيعة رايتس ووتش"، التي يوجد مقرها بواشنطن، أن شيعة العالم يمثلون قرابة نصف المسلمين وأن معاداتهم باتت ظاهرة انتشرت في المجتمعات العربية والإسلامية دون استثناء، داعية الحكومات إلى فتح قنوات الحوار مع الهيئات والنشطاء الشيعة من أجل تحقيق التعايش والاندماج. التقرير، الذي أصدرته الهيئة التي تعرف نفسها كمنظمة عالمية للدفاع عن حقوق الشيعة، يشير إلى أن النصف الأول من السنة الجارية يعد "من أعنف المراحل التي مر بها المسلمون الشيعة في العالم"، على أن "ظاهرة معاداة الشيعة والسعي إلى الحد من وجودهم ومصادرة حقهم في التعبير باتت واسعة الانتشار على مستوى عدد من المجتمعات". وبالرغم من عدم استناده على معطيات واقعية، فإن المصدر ذاته يرى أن الشيعة يمثلون نصف المسلمين في العالم، مرتكزا في ذلك على من قال إنهم باحثون وناشطون تابعون للمنظمة، "بالرغم من عدم وجود بيانات ديمغرافية دقيقة للحالة الشيعية في العالم بسبب التعتيم الشديد"، فيما رصدت الوثيقة ما قالت إنها حالات حادة من معاداة الشيعة في سبع دول من المنطقة، هي البحرين والسعودية وسوريا والعراق وإيران وباكستان ومدغشقر. على مستوى البحرين، أشار تقرير الهيئة، التي تصف نفسها بأنها "أول منظمة شيعية عالمية مستقلة تعنى برعاية وحماية حقوق المسلمين الشيعة في العالم"، إلى اعتقال قرابة 982 شيعيا منذ يناير الماضي؛ منهم 84 قاصرا و28 امرأة. أما في السعودية، فيورد التقرير أنه جرى "قتل قرابة 20 شيعيا وإصابة 40 آخرين مع اعتقال قرابة 15 ناشطا شيعيا وإعلان حكم الإعدام في حق 14"، على حد ما قدمته الوثيقة من معطيات. إلى ذلك، خلصت توصيات التقرير الصادر باللغة الانجليزية إلى ضرورة "الحوار والشراكة بين الحكومات والمؤسسات والنشطاء الشيعة كحل وحيد"؛ وذلك كإجراء لرفع سوء الفهم تجاه هذا التوجه الديني، "وتحقيق التعايش مع الاندماج، ومنح الحق في التعبير والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية الخاصة"، فيما حثت المنظمة شيعة العالم على ضرورة تحقيق الوجد الفعلي في البلدان المعنية. كما شددت التوصيات على "تدعيم ثقافة حقوق الإنسان لصالح الأقليات في المجتمعات العربية والإسلامية، خاصة الحقوق الصادرة عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والدساتير المحلية"، مع "السعي إلى نيل الشيعة لحقوقهم بطرق سلمية، مع تكثيف الحضور الإعلامي للتعريف بقضاياهم"؛ فيما كشفت عن دعوتها إلى الشيعة بضرورة توسيع دائرة التأثير، خاصة عبر وسائل الإعلام. وفي قراءة لما صدر عن المنظمة الشيعية المذكورة، يرى الدكتور إدريس الكنبوري، المتخصص في الجماعات الدينية، أن التقرير يبدو متحيزا للشيعة؛ "فهو يزعم أنهم يمثلون نصف عدد المسلمين في العالم، وهذا غير صحيح إطلاقا"، مضيفا "ليس هناك بلد إسلامي يشكل الشيعة فيه الغالبية المطلقة سوى إيران، وحتى إيران فيها نسبة من أهل السنة، وفي جميع البلدان العربية والإسلامية يشكل الشيعة أقلية.. أي أقل بكثير من نصف عدد السكان". وفي صلة بالمغرب، يكشف الباحث المغربي المتخصص في الجماعات الدينية، في تصريح لهسبريس، أن حضور التيار الشيعي في المملكة يبقى ضعيفا، معلنا أن هذا الحضور يكتسي طابعا سياسيا أكثر من الطابع الديني، "فهي شيعية علمانية وليست شيعية متدينة، أي تشيع سياسي لا تشيع ديني"، موضحا أن الأمر يتعلق بتوجه تابع لمراجع مختلفة؛ "لكن جلها يدور في الفلك الإيراني"، وفق تعبيره. ويورد المتحدث كيف أن ظهور الشيعة في الفترة الماضية بالمملكة كان مرتبطا بالموقف الدبلوماسي الإيراني، "الذي يسعى إلى تأكيد الوجود في العالم الإسلامي السني"، حيث إن هذا التوجه ظهر خصوصا "خلال الربيع العربي.. لأن إيران كانت ترى بأن أحداث الربيع قد تسهم في الدفع بالشيعة في بلدان السنة إلى تسجيل الحضور"، يقول الكنبوري.