كشف مصطفى السوسي، الناطق الرسمي باسم تنسيقية المغاربة المسيحيين، أن عدد المغاربة الذين اختاروا اعتناق الديانة المسيحية في تزايد، مشيرا إلى أن كل قرية أو مدينة مغربية يوجد بها من يعتنق الديانة المسيحية. وأورد السوسي، في حواره مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن عدد المغاربة المسيحيين لا يستهان به، مؤكدا أنهم يوجدون في جميع المناصب والمسؤوليات؛ بما فيها المناصب السامية. ولفت الناطق الرسمي باسم تنسيقية المغاربة المسيحيين إلى أنهم يتعرضون كل يوم للاضطهاد، سواء من لدن العائلات أو في الشارع أو العمل، مؤكدا أن عددا منهم طرد من عمله بسبب معتقداته الدينية. قبل أن نتحدث عن التنسيقية، دعني أسألك، كيف اعتنقت المسيحية وغادرت الإسلام؟ خروجي من فكر إلى فكر آخر ليس وليد اليوم؛ بل منذ سنوات مضت. عندما كنت أدرس بالمستوى الإعدادي، فكرت مليا في هذا الأمر، بالرغم من كوني من تلاميذ التعليم الأصيل، وتعرفت على حركة إسلامية وهي الأكبر في المغرب، واشتغلت معها كثيرا، وكنت منسقا للعمل التلاميذي لها بالمنطقة. لم أجد روحي يوما في هذا الدين بالرغم من كل ذلك، كنت أحس بفراغ روحي دائما، وهذا هو السبب الذي جعلني أطرح أسئلة وأقرأ عن ديانة أخرى. راسلت حينها مدرسة إسبانية، وبعد ست سنوات من الدراسة والمقارنة، تبين لي، في أواخر سنة 1994، أن العقيدة التي تناسبني هي المسيحية، وقد التحقت بها واعتنقتها عن علم وليس طمعا في الفيزا أو الفلوس. إذا كنت قد التحقت ليس طمعا، أكيد هناك من يستغل انتماءه إلى هذا الدين من أجل مغادرة البلاد أو الحصول على أموال؟ دعني أقول لك إن إيماننا بالمسيح لم يأت لنا بالأموال، ولو كان يأتي بها لوجدت نسبة كبيرة من المغاربة اعتنقت المسيحية. هذا الدين لم يجلب لي سوى المشاكل، فعائلتي وأصدقائي لا يكلمونني؛ لكن في نظرنا أن المسائل الروحية لا تقاس بالمال. هناك، بالفعل، من يأت إلى المسيحية من أجل الحصول على الفيزا وعلى الأموال؛ ولكن حين لا يجد ضالته يغادر بسرعة. ومن هنا، أود التأكيد على أننا مواطنون عاديون آمنا بالمسيح، ونحن لا نتوفر على أموال أو غيرها. منذ أيام، جرى اعتقال أجنبيين بتهمة التنصير.. ما تعليقك على هذا الحادث؟ أصدرنا، في تنسيقية المغاربة المسيحيين، بيانا نستنكر فيه هذه التصرفات، ونحن بالتنسيقية ضد ما يسمى بالتنصير، ونرفض أن يكون في بلدنا أو أن يأتي أجنبي للقيام بأعمال داخله سواء بحسن نية أو بسوئها. فكما هو معلوم، بلدنا تاريخيا عرف بكونه أرض كل الثقافات والديانات. ومن ثمّ، نؤكد أنه إن كان هذا التصرف قد تم بالفعل، فنحن كتنسيقية نرفضه ونرفض استغلال الأطفال والمعوزين والأمية والجهل في مثل هذه الأمور. المتتبع لكم يلحظ أن هناك خرجات متتالية، ما الذي يريد أن يوصله المغاربة المسيحيون من خلال تلك الخرجات؟ هذه الخرجات ليس عشوائية وإنما مدروسة ولها ظرفيتها؛ لكن الأهم هو أن خرجاتنا باتت بوجه مكشوف، بعدما كنا نخرج بأسماء مستعارة، فقد تم اتخاذ قرار للخروج بشكل علني ما دام أننا نؤمن بأشياء ومقتنعون بها، والظرفية هي التي تركتنا نخرج. هل هناك جهة أوحت لكم بذلك؟ لا وجود لأية جهة، ما يجب أن تعرفوه هو أن أعضاء تنسيقية المغاربة المسيحيين هم أناس آمنوا بالمسيح عن دراية ودراسة وعلم.. وبالتالي، فهم ليسوا في حاجة إلى أية جهة، ولا يلزمنا ربط علاقة معها كي تكون وسيطة مع بلدنا. هناك من يتهمكم بكون أعمالكم تهدد الأمن الروحي وتخدمون أجندات خارجية؟ إن كنا نهدد الأمن الروحي بخرجاتنا، فهذا يعني أن الروح غير مستقرة، فمن يؤمن بفكرة ومقتنع بها لا يمكن زعزعته، وإن كان غير مقتنع فيمكن أن يتم ذلك. نحن لا نفرض على أحد ديننا، ولا نتسلط على الناس، ونبين لهم ما نؤمن به.. بالعكس، تعاملنا بمحبة معهم، وعشقنا لبلدنا وللناس يجعلهم يتساءلون عن السبب الذي دفعنا إلى القيام بهذا الأمر وعن السبب في مغادرتنا للدين، فنحن لم يسبق لنا أن طلبنا من أحد أن يخرج من دينه ويلتحق بنا. نحن نتعامل معهم بالطريقة التي يجب أن تكون، وأؤكد أننا نحترم البلد وقوانينه ولا نعمل على زعزعة عقيدة أحد ولا لصالح أية جهة كانت. طيب، اشتكيتم، في رسالة منذ أيام، من مضايقات السلطات.. إذا أين تمارسون طقوسكم الدينية؟ أولا، دعني أقول إن المضايقات التي قلتم هي تصرفات شخصية ولا علاقة لها بالقانون أو بتعليمات، ونحن نطالب بأوامر من لدن وزارة الداخلية لتفعيل القانون حتى لا يضع بعض الأشخاص أنفسهم فوقه. وبخصوص سؤالكم، فنحن نمارس طقوسنا في بيوتنا بشكل عادي، وأحيانا نحضر في الكنائس بشكل عادي، فمن الجانب الأمني نمارس طقوسنا وقداسنا كأفراد ومجموعات، وإلى حد الساعة لا وجود لتضييق في هذا الأمر. هل يمكن أن نعرف كم عدد المغاربة المسيحيين، بمعنى أتتوفرون على إحصائيات؟ صدقني لو قلت لك، نحن داخل التنسيقية لا نتوفر على معطيات دقيقة حول العدد؛ لكن ما يمكن تأكيده هو أن كل المدن والقرى المغربية يوجد بها مغاربة مسيحيون، وأحيانا تجد أن أسرا بها فردان أو ثلاثة مسيحيين ولا أحد يعرف انتماء الآخر، وهذا معناه أن العدد كبير ولا يستهان به، وإن أردنا معرفة العدد الحقيقي، فحين تفتح السلطات لنا الباب سنقوم بإحصائهم وسنعرف حينها نسبة المسيحيين بالمغرب. عقدتم، مؤخرا، لقاء مع الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ما موضوعه؟ في البداية، فكرنا مليا في الجهة التي سنخاطبها، هل نتوجه إلى الملك، أم إلى الحكومة أم إلى الأحزاب؛ لكن تبين لنا أن البداية يجب أن تكون من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، باعتباره مؤسسة دستورية وطنية كما حدد ذلك الفصل ال161 من الدستور. راسلنا المجلس الوطني، الذي رحب باللقاء وجلسنا رفقة محمد الصبار قرابة ساعة من الزمن. كان اللقاء إيجابيا، به أخذ وعطاء حول حرية المعتقد والأقليات في المغرب، مع العلم أنه كما أكد بكونه لا يتوفر على عصا سحرية؛ لكنه قدم لنا وعدا بالدفاع عن الملف لدى الحكومة بكل قواه. لكن منذ ذلك الوقت لم نر شيئا، ما زلنا ننتظر أن تحل المشاكل الموجودة في البلاد، وحينها سنأخذ حقنا. ما هي خطواتكم المستقبلية للترافع عن مطالبكم؟ إلى حد الساعة، لا نريد أن نستبق الأحداث؛ فنحن لنا رؤية عمل، وهناك الكثير مما يمكن القيام به، فسنعقد لقاءات مع الأحزاب والجمعيات الحقوقية وغيرها، نحن نسير بثبات، وندرس كيف يتم التعامل مع ملفنا. هل هناك مغاربة مسيحيون يحملون أفكارا مختلفة عنكم ولتصوركم؟ كما تعلمون، لا وجود لأي شيء لا تتم معارضته، نحن بدورنا نجد معارضة من لدن بعض الأشخاص. خلال مناقشتنا مع المغاربة المسيحيين يقتنعون بتوجهنا؛ لكن للأسف، إن من يعارضنا تكون معارضته مبنية على فراغ وليس بناء على أفكار، ونحن داخل التنسيقية لا نمثل من يود معارضتنا. الملك أكد أنه أمير المؤمنين لجميع الديانات. كيف تلقيتم كمغاربة مسيحيين هذا الأمر؟ كانت هذه خطوة إيجابية جدا، دفعت العديد من المغاربة المسيحيين الذين كانوا يتسترون على انتمائهم الديني يخرجون إلى العلن بوجوه مكشوفة من قوقعتهم، وهذا الأمر جعل التنسيقية تخرج بقوة وببيانات وأمور عديدة. ثم إن هذا التصريح لا يمكن أن ينساه أو يتجاوزه التاريخ، كما يمكنني القول إنها نقطة سيبقى يذكر بها الملك عبر التاريخ، ونقطة غيّرت المجرى كثيرا في بلادنا، وحين يتم تفعيلها فستظهر أمور أخرى. قلت إن عدد المسيحيين لا يستهان به، هل هناك مسيحيون مغاربة يتقلدون مناصب سامية في الدولة؟ ليس من حقي الكشف عن أسمائهم ولا عن المناصب التي يتقلدونها؛ لكن ما سأؤكده لك هو أن المسيحيين المغاربة موجودون بجميع المناصب، ومن الممكن أن يكون هناك شخصيات سامية تعتنق الديانة المسيحية. هل عاقكم وجود حزب إسلامي برئاسة الحكومة في عدم الظهور بشكل قوي؟ دعني أقول لك إن الأحزاب الليبرالية واليسارية تحكم منذ سنوات؛ لكن لم نظهر بالقوة التي ظهرنا بها في عهد حزب العدالة والتنمية. وهذا لا يعني أنني مع هذا الحزب، إذ إن نسبة كبيرة من أفكارهم لست متفقا معها؛ ولكن ظهورنا كان في عهدهم. يعني وجودهم لا يشكل لكم أي مشكل؟ لا أقصد أنهم لم يشكلوا مشكلا لنا، لكن وجودهم توازى مع ظهورنا، فهم ظهروا بقوة ونحن فتحت لنا أبواب للخروج بشكل إيجابي في هذا الوقت. هل تتخوفون من معارضة الإسلاميين، على رأسهم "البيجيدي"، لكم؟ بالنسبة إلينا، نحن لا يشكل قرار معارضتنا من لدن القوى الإسلامية من عدمه شيئا؛ لأنه من مبادئ ديننا أننا سنتعرض للاضطهاد، ونحن مهيئون لهذا نفسيا وروحيا، إذ تعلمنا أننا لن نجد الطريق مفروشة بالورود. ما يفزعنا بدرجة أولى ليست الحكومة أو غيرها، وإنما هم الناس الجهلاء، الذين يرفضون الاختلاف والآخر؛ لأن هذا النوع لا يعارضك بفكرة وإنما لا يرغب في وجودك أصلا بالوجود.. أما الحكومة وغيرها فنحن نعرف أنهم، في النهاية، سيخضعون للقانون. على ذكر الاضطهاد، هل تتعرضون له من قبل المواطنين المغاربة في حياتكم اليومية؟ صدقني يا أخي، إن قلت لك نتعرض كل يوم للاضطهاد، وتسمع ما لا يعجبك؛ لكن نحن اعتدنا على هذا الأمر وصرنا نتجاوزه بطرقنا الخاصة. هناك اضطهاد في العائلة والعمل والشارع، إذ توجد حالات مغاربة مسيحيين تعرضوا للطرد من عملهم بسبب عقيدتهم، وهناك موظفون بالدولة جردوا من مهامهم فقط لأنهم مسيحيين، وسنكشف عن ذلك في الوقت المناسب، فهناك مسؤولون يتعاملون بشكل غير قانوني ويضطهدون مواطنين في العمل. في السياق نفسه، هل يوجد مسيحيون مغاربة رهن الاعتقال بسبب معتقدهم؟ هناك من اعتقل بسبب اعتناقه المسيحية، وهناك من حوكم بالسجن. وحسب المعلومات المتوفرة حاليا، فهناك شخص يوجد بسجن القنيطرة محكوم عليه ب 15 سنة سجنا نافذة لهذا السبب.