نوَّه عبد الرحيم الجامعي، رئيس المرصد المغربي للسجون، بانفتاح المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج على منظمات المجتمع المدني، معتبرا أنها "فتحت صفحة جديدة مختلفة عن المنهجية التي كان معمولا بها في السابق"، كما نوَّه بعمل المندوبية على تحسين أوضاع المساجين، لكنّه أكّد أنّ ثمّة مجهودا ينبغي أن يُبذل لتوفير ظروف ملائمة للساكنة السجنية. ودعا الجامعي، الذي كان يتحدث في مائدة مستديرة نظمها المرصد المغربي للسجون، إلى أنسنة المؤسسات السجنية، وضمان كرامة المساجين، بجميع فئاتهم، مشيرا إلى أنّ الإصلاح العميق للمنظومة القانونية للسجون المغربية لا يمكن أن يتحقق إلا بربطه بإصلاح شامل للمنظومة الجنائية، نظرا لارتباطها بالعقوبة، وقال: "لا إصلاح إذا ظلت المنظومة العقابية على ما هي عليه اليوم". وتوقف الجامعي عند مجموعة من الأسباب التي تجعل الأوضاع داخل السجون المغربية سيئة؛ إذ إنّ أصل المشكل، يردف المتحدث، "يبدأ من غياب المحاكمة العادلة؛ ذلك أنّ القضاة يعالجون ملفات كثيرة في وقت وجيز، وهو ما يحول دون تعميق النظر فيها، إضافة إلى عدم الأخذ بالعقوبات البديلة، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية". في هذا الإطار، أشار الجامعي إلى أنّ الساكنة السجنية في المغرب بلغت، خلال السنة الماضية، 78 ألف سجين وسجينة، معتبرا هذا الرقم "شيئا مخيفا"، وأضاف أن ما يثير القلق أكثر هو أن "نسبة 40 في المئة من هؤلاء المساجين هم معتقلون احتياطيون". علاقة بذلك، قال ممثل وزارة العدل، إن "مشكل الاعتقال الاحتياطي مطروح بقوة"، مشيرا إلى أنّ المعتقلين الاحتياطيين يمثلون 20 في المئة من الأشخاص الذين يقدَّمون أمام النيابات العامة في المحاكم كل سنة، ويصل عددهم إلى 500 ألف شخص، لافتا إلى أنّ 4 في المئة منهم يُحكَم عليهم بالبراءة، "وهذا يطرح سؤال سبب الاعتقال الاحتياطي". وردًّا على الانتقادات الموجهة إلى مندوبية إدارة السجون بشأن الاكتظاظ في المؤسسات السجنية، قال ممثل المندوبية إن "الإشكال الأساسي يكمن في ما قبل دخول المعتقلين الاحتياطيين إلى السجون"، موضحا أنّ المعتقلين الاحتياطيين كان بالإمكان تفادي دخولهم إلى السجن، "خاصة وأن 4000 منهم يفرج عنهم بالبراءة، وهذا خطير جدا"، معتبرا أن الاكتظاظ "مرض مزمن يؤثر على ظروف الاعتقال وعلى حياة الساكنة السجنية".