بحكم القحط الذي تعيشه مدينة وزان والضواحي المجاورة لها في ما يخص المنتجعات وفضاءات السباحة، لا يتوانى الوزانيون عن البحث عن أماكن ترفيهية معدة لهذا الغرض؛ حتى إن كانت غير محروسة ولا آمنة، لعلهم يظفرون بلحظات وطقوس تشبه إلى حد ما تلك التي تشهدها المدن الساحلية. مع مقدم كل موسم صيف يتجدد الحديث بين الأوساط الوزانية عن المسابح المتوفرة بدار الضمانة، ومدى صلاحيتها وقدرتها على استقبال محبي السباحة والراغبين في الترويح عن أنفسهم، لا سيما في ظل موجة الحرارة التي تعرفها المنطقة، وغياب متنفسات قادرة على استيعاب أفواج المواطنين الهاربين من حر أشعة شمس وزان. بقدر عدد الزوار الذين يقصدون الفضاءات غير المحروسة، من سدود ووديان بجماعات ترابية مجاورة، بهدف الترفيه والاستجمام فإن العشرات من شباب دار الضمانة لقوا نحبهم غرقا. وبالرغم من حرص المصالح المسؤولة على وضع علامات تشوير هنا وهناك تمنع السباحة ها، فإن الحرمان و"الطيش" يدفعان غالبية الشباب إلى المغامرة بحياته، بحثا عن دقائق من المتعة وسط المياه الباردة في رحلة بحث أضحت تؤرق بال آباء وأولياء الشباب والمراهقين وسط ضحاياها المتساقطين تباعا. ويعدّ المسبح البلدي بمدينة وزان المتنفس الوحيد لساكنة دار الضمانة، ويشكل المرفق العمومي الواقع وسط المدينة الجبلية فضاء "لا بأس به" يقصده المئات من المواطنين غالبيتهم من الأطفال؛ وذلك بهدف تزجية الوقت والهرب من لفحات أشعة الشمس. هو بحيز صغير أشبه ببرك مائية راكضة، يتغير لونها من الأزرق، المنعكس من لون إلى السماء إلى الأصفر بمرور الزمن، لاحتوائه على كمية مهمة من الكلور والبول البشري. وإن كان يحسب لمسيري المسبح البلدي بوزان حرصهم الكبير على تخصيص فضاء أخضر للأسر والعائلات، فإنه يمكن رصد غير قليل من السخط لدى الوزانيات والوزانيين، شيبا وشبابا، على ما آل إليه الوضع بالمسبح المذكور، إذ أصبح دون ما دأبوا على تطلعه على مدى سنوات خلت في ظل تفشي ظواهر دخيلة وممارسات تحرم عددا من المواطنين من خدماته. وحتى لو أبان العاملون بالمسبح البلدي عن "حسن سلوك وتعامل" بما تقتضيه المهمة الموكولة إليهم بالمرفق العمومي، فإن الخدوش والجروح الغائرة والأوشام التي تعتلي أجسادهم تثير هواجس الزوار وتختزل سنوات من الانحراف والإدمان. صابر الخطيب، من سكان المدينة، قال إن "المسبح البلدي بمدينة وزان يعود إلى الفترة الاستعمارية، ويعدّ واحدا من المسابح الأولى التي شيدت في المملكة، عبارة عن ثلاث برك مائية يختلف عمقها وكذا حجمها، كل واحدة منها مخصصة لفئة عمرية معينة: فئة الصغار، وفئة متوسطي الأعمار، وفئة الكبار. وشدد المتحدث، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن المسبح المذكور لم يواكب التطور الديمغرافي والجغرافي بالمدينة، مشيرا إلى أن السباحة في الماضي كانت تقتصر على من هم أكثر انفتاحا "وكان رائعا بمعايير زمانه. وتساءل الخطيب: "هل من المعقول أن يكون لمدينة بحجم وزان مسبح وحيد ودرجة حرارة تقارب 47 درجة أحيانا في فصل الصيف؟ الجواب بطبيعة الحال هو لا، يقول صابر، قبل أن يضيف: "لم يعد المسبح يصلح ليكون "مزارا" عائليا؛ فالعائلات تقاطعه لأسباب عدة ومتعددة، كما أنه يشهد انفجارا بشريا تفوق طاقته الاستيعابية. وأكد المتحدث ذاته أن خدمات المرفق العمومي لا ترقى إلى تطلعات سكان المدينة التي أصبحت في أمسّ الحاجة إلى مسابح كتلك الموجودة في مدن مراكش ومكناس وغيرها من مدن الداخل، مستحضرا في هذا السياق الاستعانة ببئر بمحاذاة عمالة الإقليم، يستخدم في ري الأشجار لملء المسبح البلدي لدار الضمانة. من جانبه، قال إلياس. "م" ، طالب جامعي، إن مدينة وزان تتوفر على مسبحين لا يلبيان حاجيات مدينة غير ساحلية، وذات مناخ حار في فصل الصيف، مشيرا إلى كون أحدهما خاص بفندق، خارج المدينة، يتطلب الولوج إليه 50 درهما دون إغفال مصاريف التنقل، ذهابا وإيابا، وكذا الأكل وهي التكلفة التي يراها ابن 28 ربيعا باهظة مقارنة بالمستوى المعيشي بالمدينة الصغيرة. وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن المسبح البلدي "غير مؤهل، ويعرف نقصا كبيرا على كافة الأصعدة؛ بالرغم من حرص مستغليه على طلاء جدرانه ورسم "جداريات""، مستحضرا في الوقت نفسه الحالة الكارثية التي تعيشها المرافق الصحية (المراحيض) والروائح الكريهة المنبعثة منها. وطالب الشاب ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بضرورة "تأهيل المسبح وتوفير كل الظروف المواتية والكفيلة بضمان خدمات آمنة مشيرا في الوقت نفسه إلى افتقاد مدربي السباحة للمهارات وتقنيات الإسعافات الأولية للتعاطي مع حالات الغرق. أما مراد أعراب، فاعل جمعوي، فعاب عدم تغيير مياه المسبح البلدي بشكل يومي والاستعانة ب"ذوي السوابق والمنحرفين" عوض الاعتماد على مدربي سباحة محترفين، مشيرا في الوقت نفسه إلى تفشي السرقة بمستودعات الملابس. وأشار أعراب إلى كون المسبح يفتح أبوابه لاستقبال أعداد كبيرة من الأطفال والشبان، مشدّدا في تصريح لهسبريس على أن "الأوضاع في المسبح المذكور تتميز بانعدام التنظيم والانضباط"، وأضاف أن "سكان مدينة "الأولياء" يستحقون مرافق في المستوى تليق بهم وتحترم طموحاتهم.