دخلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على خط الجدل الذي أثاره تسريب جزئي لتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان بشأن مزاعم بتعذيب بعض معتقلي الحراك الشعبي بالريف، بإعلان مؤازرتها لCNDH، إثر ما قالت إنه هجوم تعرض له من جهات لم تسمّها، في حين "سارعت أجهزة الدولة إلى إصدار بلاغات التكذيب في حق تقاريره". وعبرت الجمعية ذاتها، في بلاغ صادر عن مكتبها المركزي، توصلت به هسبريس، عن استنكارها ما وصفته ب"الحملات المضللة التي تشنها جهات معلومة كلما صدر تقرير يرصد استمرار التعذيب"، والتي "أعقبت نشر بعض المعطيات المتضمنة في الوثيقة المذكورة"، معلنة وقوفها إلى جانب المجلس الوطني لحقوق الإنسان "في مسعاه إلى فتح التحقيق اللازم بخصوص ادعاءات التعرض للتعذيب وللمعاملات القاسية واللاإنسانية والمهينة التي حملتها بعض شهادات نشطاء حراك الريف ضحايا الاعتقال والمتابعة، أو صرح بها ذووهم أو دفاعهم". وتحدث المصدر ذاته عن ردود الفعل التي لاحقت التقرير الجزئي للمجلس الوطني، الذي يرأسه إدريس اليزمي، مشيرة إلى أن "عدة جهات ومنابر إعلامية انبرت إلى كيل جملة من الاتهامات المغرضة، العلنية منها أو المبطنة، لمسؤولي المجلس، والطبيبين المشرفين على الخبرات، بلغت حد المس بشخوصهم ووضعهم الاعتباري، وتسفيه ما حملته الوثيقة من معلومات وتضمنته من خلاصات وتوصيات". الAMDH قالت إن خلاصات التقرير الجزئي جاءت بوصفها "تقريرا تركيبيا عن الفحص والتشخيص اللذين أجراهما طبيبان خبيران في الطب الشرعي"، على أنه "يستجيب للمعايير التي سطرها بروتوكول إسطنبول، ولمبادئه التوجيهية المتعلقة بالتقصي والتوثيق الفعالين بشأن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، مضيفة أنها تأتي أيضا لتؤكد ما وصل إليه تقرير لجنة التقصي للائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان بعد مهمة دامت ثلاثة أيام بالحسيمة، وزادت: "كما أن أعضاء هيئة الدفاع ما انفكوا يثيرون الموضوع بعد معاينتهم لآثار التعذيب الجسدي على موكليهم، والاستماع إلى تصريحاتهم". وأعادت الهيئة الحقوقية إلى الواجهة ما قالت إنها إشكالية الحكامة الأمنية ومعالجة ملف التعذيب بالمغرب، مشددة على موقفها القاضي بمراجعة الإطار القانوني للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، "بما يرفع عنه أي وصاية، قبلية أو بعدية، تحد من استقلاليته وتعوق ممارسته لاختصاصاته، وبما يجعله يستوفي معايير باريس"، فيما أشارت إلى أن النقاش يأتي "رغم التوصيات الوجيهة لهيئة الإنصاف والمصالحة في هذا الباب، ورغم التزامات المغرب التعاقدية ذات الصلة". إلى ذلك، طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الدولة ب"الكف عن تبييض جرائم التعذيب بمفهومه المنصوص عليه في اتفاقية مناهضة التعذيب"، داعية إلى "إخضاع الأجهزة الأمنية لمراقبة الحكومة والبرلمان، وإجراء التحقيقات القضائية وإنزال العقوبات اللازمة في حق كل المتورطين في تعذيب أي مواطن أو مواطنة، وإخراج الآلية الوطنية المستقلة للوقاية من التعذيب للوجود"، وفق البلاغ ذاته. أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، اعتبر أن المجلس الوطني يبقى من المؤسسات الوطنية الوسيطة في مجال حقوق الإنسان، "التي يفترض فيها تمثيلية متنوعة تشمل ممثلي الدولة بصفة استشارية وممثلين عن المجتمع ومنظمات المجتمع المدني والهيئات المختلفة"، مشددا على ضرورة أن تبقى هيئة مستقلة استقلالا ماديا ومؤسساتيا "عن أي سلطة كيفما كانت". ورغم أن الهايج، ضمن تصريح أدلى به لهسبريس، ثمن التقارير الصادرة عن المجلس، واصفا إياها ب"الإيجابية"، إلا أنه تحدث عما وصفه ب"عدم استقلاليته"، موردا: "هناك قيود مفروضة وشروط موضوعة على عمل الهيئة، من قبيل عدم نشر التقارير دون موافقة الملك ووضع جدول أعمالها بموافقته أيضا"؛ كما طالب بإعادة النظر في الوضع القانوني للمجلس "بما يستجيب لمقتضيات الدستور ومبادئ اتفاقية باريس". وكان المجلس الوطني لحقوق الإنسان عبر عما سماه "استغرابه من عملية تسريب جزئي لتقرير له بشأن مزاعم بالتعذيب قد تكون لحقت ببعض معتقلي الحركة الاحتجاجية في الحسيمة"، مؤكدا أنه "حرص على أن توجه الوثيقة حصريا إلى الجهة المعنية".