ووري الثرى، ظهر اليوم الخميس، بضريح مولاي إدريس بفاس، جثمان علي الإدريسي القيطوني، الشاعر والمعتقل السياسي السابق، في جنازة حضرها رفاق الراحل، خاصة من تيارات وتنظيمات اليسار والحركة الحقوقية؛ يتقدمهم عبد الإله بنعبد السلام، منسق الائتلاف المغربي للهيئات الحقوقية ورفيق الراحل خلال قضائه لتجربة الاعتقال السياسي، التي زادت مدتها عن 10 سنوات. ووصل جثمان الراحل علي القيطوني، الذي اعتقل وحوكم ب15 سنة سجنا على إثر نشره لقصيدة شعرية "ثورية"، إلى مسقط رأسه فاس، وتحديدا إلى ساحة الرصيف بالمدينة العتيقة لفاس، على متن سيارة نقل الموتى قادما إليها من مدينة الدارالبيضاء، حيث وافته بها المنية مساء أمس الأربعاء. وجرى حمل نعش الراحل على الأكتاف انطلاقا من ساحة الرصيف نحو ضريح مولاي إدريس وسط رفع شعارات من لدن رفاقه، من قبيل شعار: "زغردي يا أمي، فأنا أمشي نحو النصر بالإصرار.."، حيث انضم إلى موكب جنازة الراحل أفراد من أسرته بفاس، فضلا عن عدد من معارفه ورفاقه بالمدينة. وتمت إقامة صلاة الجنازة على جثمان الفقيد داخل مسجد ضريح المولى إدريس قبل نقله إلى مقبرة الضريح بباحة المسجد ذاته، حيث ووري الثرى إلى جانب قبور كبار الشرفاء الأدارسة المدفونين بالمقبرة ذاتها؛ فيما كان أفراد من أسرته يذرفون الدموع حزنا على فراقه. وقال عبد الإله بنعبد السلام، منسق الائتلاف المغربي للهيئات الحقوقية، في شهادة أدلى بها لهسبريس في حق الراحل، إن "علي الإدريسي القيطوني صديق تقاسمتُ معه معاناة الاعتقال، وتقاسمتُ معه أياما جميلة في الدفاع عن حقوق الإنسان، خضنا معا معارك كبيرة سواء في الدفاع عن حقوق الإنسان أو في المجال السياسي". وأضاف بنعبد السلام بالقول وهو يتذكر مناقب الراحل: "كنا جميعا في لجنة التضامن مع الأموي، وفي العملية التي انطلقت في بداية التسعينيات لتجميع اليسار؛ إنه صديق تقاسمت معه الزنزانة، وكانت زنزانتي مقابلة لزنزانته، صديق بكل ما في الكلمة من معنى". وتابع "بغض النظر عن النضال، علي القيطوني عمقه إنسان كبير، علي. بالإضافة إلى ذلك، فهو شاعر ورسام ومبدع، كان من لا شيء يصنع أشياء، له قوة الابتكار؛ في حياته وعلاقته، تشعر بكل شيء جميل، وقلبه كبير يتسع لجميع مناضلي وشرفاء هذا البلد". من جانبه، اعتبر محمد السكتاوي، مدير عام منظمة العفو الدولية فرع المغرب، عليا القيطوني إحدى القامات الكبيرة لحركة حقوق الإنسان التي يتم توديعها اليوم، مضيفا بالقول متحدثا عن الراحل: "صديقنا المناضل والشاعر علي الإدريسي القيطوني عرفناه، منذ ريعان شبابه، يدافع عن الحق والحرية؛ وأطلق شرارة الكلام الحر، وأدى ضريبة عن ذلك بالحكم عليه ب15 سنة من السجن". وزاد السكتاوي، وهو يتذكر الفقيد، بالقول: "لم يهزمه الجلاد، وخرج ليؤسس معنا فرع منظمة العفو الدولية بالمغرب، وليواصل معنا النضال من أجل مغرب ينعم بالديمقراطية وحقوق الإنسان.. لقد أدى الكثير من الثمن؛ كان دائما مناضلا ومثابرا وصبورا، يمكن أن نقول إن عليا القيطوني أحد الرجالات التي لا تتكرر، ونحن في أشد الحاجة إليها اليوم". أما صلاح الرواضي، الكاتب الجهوي للحزب الاشتراكي الموحد بجهة فاسمكناس، فقد تذكر، وهو يتحدث لهسبريس، الدور الطلائعي لعلي القيطوني كأحد رواد الحركة اليسارية بالمغرب، حيث قال في حقه: "اليوم نودع رفيقا عزيزا علينا، علي الإدريسي القيطوني عرفته الساحة السياسة كمناضل يساري ديمقراطي منذ أن كان في الثانوي؛ والرفيق علي يعرفه اليساريون والساحة السياسية بدماثة خلقه وبتفانيه في النضال من أجل تحقق المشروع اليساري". "مر علي القيطوني من مراحل نضالية كثيرة، فهو يعد من مؤسسي الحزب الاشتراكي الموحد"، يقول الرواضي، الذي أبرز أن القيطوني لعب دورا أساسيا في التنسيق في مجموعة من المبادرات، سواء على المستوى السياسي أو المستوى التضامني، وطنيا وعربيا. وأردف بالقول: "الرفيق علي لم يبع ولم يشر، لم يبدل تبديلا، فهو مناضل نزيه أصيل بقي يساريا ورحل عنا يساريا، وسيبقى في ذاكرتنا مناضلا يساريا قحا؛ وعلي لم يلهث وراء مصلحته الشخصية والذاتية، نذر عمره، الذي لم يكن طويلا، لقضايا حقوق الإنسان وللقضايا الاجتماعية والسياسية العادلة، وناضل من أجل دولة ديمقراطية حداثية تتحقق فيها العدالة الاجتماعية".