"ابنتي ضحية الإرهاب وكانت على حافة الموت في الرقة والأكراد عاملوها جيدا، ولا زلنا ننتظر مسؤولينا لإعادتها إلى المغرب"، هكذا لخص جمال الدين معيطات، والد الشابة المغربية إسلام معيطات، التي كانت إحدى ضحايا تنظيم "داعش" الإرهابيّ عبر زوجها البريطاني الذي تقول إنه استدرجها بقضاء "شهر عسل" في تركيا تحوّل لاحقا إلى "شهور من الجحيم" في الرقة السورية. رواية جمال الدين، الذي قضى قرابة أربعة عقود في جهاز الدرك الملكي، التي خصّ بها هسبريس، لخصها في أن ابنته كانت ضحية التطرف والإرهاب، وقال: "إسلام كانت تعيش حياة الشابات من أبناء جيلها وتحلم باحتراف فن الأزياء، لكنها لم تكن تحلم أبداً بأن تنقلب أحلامها في الزواج من شاب بريطاني لم تظهر عليه أبدا علامات التطرف إلى كابوس لا زالت تعيشه بمفردها في الحدود التركية السورية رفقة ابنيها منتظرة العودة إلى بلدها". في العام 2014 كانت إسلام، ابنة مدينة وجدة، في عمر 20 سنة. تزوجت عن اقتناع بشاب بريطاني من أصل أفغاني (25 سنة) يمارس التجارة، بعدما تعرفت عليه عبر الأنترنت. "اتصلت بنا زوجة صديق الشاب تخبرنا بأن أجواء المعيشة في بريطانيا جيدة. وبعد موافقتنا على الزواج، قدم الشاب البريطاني رفقة أخته إلى منزلنا حيث تمت مراسيم الخطبة"، يقول الوالد مضيفا أن توثيق الزواج مرّ عبر مصالح وزارة الخارجية والعدل والسفارة البريطانية في الرباط، "حتى الشاب استكمل ملفه، مع العلم أن الزواج الأجنبي يمر حتى من المصالح الأمنية، بما فيها اليوروبول". بعد الزواج، ستتوجه إسلام وأحمد خليل إلى دبي، ثم إلى أفغانستان بغرض زيارة أهل الزوج، المنحدر من كابول، "بعد عودتها إلى المغرب، نصحتها بعدم العودة إلى تلك البلاد؛ لأنها تعيش أوضاعا غير مناسبة من الاقتتال، أخبرتها بأنك تزوجتِ على أساس أن تعيشي في لندن"، يقول الوالد الذي أكد أن القصة المأساوية لابنته ستنسج حين سيقرر الطرفان السفر إلى تركيا بعد أن "أقنعها بمبرر قضاء أغراض تجارية وشهر العسل". فور النزول بالمطار "أخبرها الزوج البريطاني بأنهما سيحلان ضيفين على منزل صديق له عوضا عن الفندق. تفاجأت حين دخلت الشقة في منطقة غازي عنتاب التركية (قريبة من سوريا)، ووجدت بيوتا مخصصة للنساء من جنسيات عدة، وأخرى للرجال"، يروي جمال الدين في تصريحه وفق المعلومات التي أخبرتها به ابنته، مضيفاً أن أحدهم أخبرها بأنهم سيتجهون في سيارات إلى "أرض الخلافة في سوريا"، قبل أن تتصل بزوجها غاضبة من عدم استشارتها في الأمر، ليجيبها بأنها "زوجته ووجب عليها الطاعة". وتحت الإرغام، وفق ما يروي والد إسلام، توجهت السيارة بنساء من جنسيات مختلفة صوب منطقة منبج التابعة لمحافظة حلب السورية، "ستقضي هناك شهرين قبل أن يقتل زوجها في إحدى المعارك ويتم توجيهها للإقامة في مكان يطلقون عليه اسم دار المضافة حيث الأرامل وغير المتزوجات. لقد ظلت مسجونة هناك تحت حراسة مشددة من رجال التنظيم حتى وضعت مولودها البكر عبد الله. وبعد انقضاء عدتها الشرعية والقانونية، ستتزوج بصديق زوجها بغاية أن تجد منفذا للهروب، وإلا ستبقى هناك سجينة وربما قد يتم قتلها". يقول الوالد إن إسلام كانت تخطط للهروب منذ علمها بمخطط زوجها البريطاني في غازي عنتاب، "كانت تتصيد الفرصة دون أن يتيسر لها ذلك في البداية"، مشيرا إلى أن سوء معاملة زوجها الثاني وعدم بلوغها غاية الهروب دفعاها إلى الطلاق منه، "إلا أن تزوجها مقاتل أسترالي من أصل هندي الذي كان يعاملها جيدا ويتركها تخرج بين الفنية والأخرى، قتل لاحقا وأنجبت منه ابنتها الثانية مارية"، تضيف رواية الوالد جمال الدين. إلى ذلك الحين، ستتعرف إسلام على مدنيين سوريين سيوفرون لها تأمينا لفترة معينة، "جربت كل السبل، منها التواصل مع مهربين طالبوها بمبلغ 50 ألف درهم لا تتوفر عليه، قبل أن تتعرف على سيدة إيزيدية قادتها إلى قوات حماية الشعب الكردية على الحدود بين تركياوسوريا"، لتتوجه إثر ذلك إلى كوباني ومنها إلى مدينة "القامشلي" السورية، الواقعة في الشمال الشرقي على الحدود مع تركيا، وهي حاليا داخل إحدى منازل القوات الكردية "YPG"، بمصلحة النساء. منذ إخبارها لأسرتها، في مارس الماضي، بنبأ هروبها من تنظيم "داعش"، سارع الأب جمال الدين إلى مراسلة مصالح وزارة الخارجية المغربية بملف يحمل رقم "171/DACS" من أجل طلب المساعدة للتدخل لإعادة ابنته من الحدود السورية التركية، "قالوا لنا إن مراسلة وصلت السفارة المغربية في أنقرة، وبالأمس أخبروني في الرباط بأن المكلف بالملف في عطلة وظيفية"، يقول الوالد متعجبا من كون الملف ما يزال يراوح مكانه لقرابة أزيد من ثلاثة أشهر. "ابنتي الآن في حماية قوات حماية الشعب الكردي الذين أولوها عناية جيدة لم نكن ننتظرها، خاصة أن داعش كان يخوّف من اللجوء إليهم"، يورد جمال الدين مؤكدا أنه على تواصل دائم مع مسؤولي "YPG"، الذين "يتيحون لابنتي التواصل معنا هاتفيا أو عبر واتساب، لكن رغم ذلك فهي ليست آمنة؛ لأن مقاتلي داعش لا شك سيتعقبونها لكونها قامت بفضحهم إعلاميا". وطالب جمال الدين بضرورة تدخل السلطات المغربية لإرجاع ابنته إسلام وابنيها عبد الله ومارية إلى الوطن، وقال: "لا نمانع أن يتم التحقيق معها، ابنتي ضحية الإرهابيين ولم تنضم يوما إلى داعش أو أي جهة إرهابية، ولو كانت إرهابية لما تمت استضافتها من قبل الأكراد الذين يجرون بدورهم تحقيقاتهم الخاصة"، مضيفا: "قالت لي إنها بعد هروبها عادت إلى الحياة من جديد واشتاقت إلى أهلها ووطنها؛ لأنها كانت على حافة الموت في سوريا".