يسعى صندوق الإيداع والتدبير إلى إعادة ترتيب أولوياته ومراجعة الأدوار التي يضطلع بها داخل النسيج الاقتصادي الوطني، من خلال وضع خطة عمل جديدة، يقول عبد اللطيف زغنون، المدير العام للصندوق، إنها ستجعل من عمله تكميليا مهيكلا وسيعمل على مواكبة الجهوية المتقدمة استثماريا. هسبريس التقت عبد اللطيف زغنون وأجرت معه حوارا حول الموضوع، أكد من خلاله أن الأسلوب الجديد لعمل صندوق الإيداع والتدبير يقوم على الخبرة والمشاركة في التمويل والاستثمار، وتدعيم قدرات العمليات، بشكل يتجاوب مع التطورات التي يشهدها المغرب على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي. وفي ما يلي نص الحوار: أعلنتم اعتماد إستراتيجية جديدة، ترسمون من خلالها الأدوار الجديدة لصندوق الإيداع والتدبير، ما السبب وراء ذلك؟ وضعت مجموعة صندوق الإيداع والتدبير الخطة الإستراتيجية للصندوق في أفق 2022، التي توضح مجالات تدخله والأساليب التي سيتم اعتمادها وتطويرها كي تتجاوب مع التطورات التي يشهدها المغرب على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، والتي تبسط مجموعة من التحديات، من ضمنها تطوير تنافسية عوامل الإنتاج لخلق مزيد من فرص الشغل. كما أن الخطة ترمي إلى مواكبة الجهوية المتقدمة. في هذا الإطار سيعتمد صندوق الإيداع والتدبير أساليب جديدة في ما يخص تدخلاته، تقوم على دوره كخبير في مجالات تخصصاته، أو مشارك في التمويل أو كمستثمر عوض صفة فاعل مباشر التي اعتمدها الصندوق منذ فترة طويلة. ما هي الدعامات التي تقوم عليها هذه الإستراتيجية؟ تقوم هذه الإستراتيجية على خمس دعامات تتمثل في الادخار، والاحتياط عبر تأمين موارد جديدة ومتجددة، وتدعيم قدرات العمليات، إلى جانب السياحة والتنمية الترابية، والشراكة في التمويل والاستثمار. فإذا أخذنا مثلا جانب السياحة، فإنه سيتم التركيز على محطتي تاغازوت والسعيدية، من أجل إبرازهما وليس تقوية القدرات الإيوائية. ويتوجب على جميع الشركاء والمتدخلين مواكبة المشروع من خلال رفع عدد الرحلات الجوية، والتنشيط وإبراز مؤهلات المنطقة السياحية، والقيام بحملة تسويق داخل أوساط الفاعلين في مجال جلب السياح. ذكرتم أنكم تسعون إلى تحديد دور مجموعة صندوق الإيداع والتدبير في إبراز المحطات السياحية، مع تحفيز الخواص لجذبهم قصد الاستثمار فيها، وخاصة محطة السعيدية..ما منظوركم في هذا الاتجاه؟ دور المجموعة يجب أن يتحدد في إبراز المحطات السياحية كي توفر خدمات سياحية في المستوى بأثمان مناسبة، كي تتمكن من جلب الاستثمار الأجنبي أو المستثمرين الخواص؛ أي يجب على هذا القطاع مواكبة هذه المشاريع مع وضع تحفيزات لجلب الخواص. والمشاريع التي أنجزت في محطة السعيدية يمكنها إبراز هذه المحطة، لكن الضرورة تستدعي مواكبة المتدخلين. وكما ذكرت آنفا يجب الرفع من عدد الرحلات الجوية، والمواكبة في ما يخص التنشيط عبر أنشطة ترفيهية وثقافية داخل وخارج المحطة، لتمكين السياح من اكتشاف الإمكانات السياحية التي تتوفر عليها. من المرتكزات التي تقوم عليها الإستراتيجية الجديدة لصندوق الإيداع والتدبير الاهتمام بالتنمية الترابية، هل لديكم توجه جديد في هذا الشأن؟ في ما يخص الجانب المرتبط بالتنمية الترابية ستتم إعادة هيكلة الشركة العامة للعقار، لنجعل منها فاعلا قويا وناجحا؛ علما أن القطاع العقاري يعيش في الوقت الراهن صعوبات. وهذا يحيلنا على مشكل الشركات العقارية التي اتجهت نحو المضاربة ووضعت مخطط أعمال لا علاقة له بواقع السوق المغربي إلى غاية 2009، وانطلاقا من 2010 بدأت تعيش صعوبات كثيرة على مستوى التسويق والتمويل واسترداد الدين. إلى جانب ذلك سيتم تغيير طريقة التدخل في مجال التهيئة الحضرية، إذ سنضع نموذجا جديدا بتشاور مع السلطات العمومية. أما بالنسبة للمناطق الصناعية فسيتم التوجه إلى وضع الخبرة والاستشارة رهن إشارة الجماعات المحلية أو الدولة، أو كمشرف منتدب للمشروع لفائدة هذه الأطراف. ولا بد أن أشير إلى أن مشروع زناتة، الذي يمتد على 1800 هكتار، ويشمل 300 ألف نسمة، يتطلب استثمارات كبرى، إذ بلغ حجم الاستثمارات الإجمالية نحو 3 ملايير درهم، همت تجهيزات البنى التحتية. وفي ما يخص "المارينا" فقد تم الانتهاء منه، باستثناء وحدتين فندقيتين يجري حاليا وضع تصور للتركيبة المالية للاستثمار الذي يتطلبه هذان المشروعان السياحيان الهامان. وماذا عن السياسة الاستثمارية التي سيتبناها صندوق الإيداع والتدبير؟ بالنسبة لدعامة التمويل، سيكون الصندوق شريكا في التمويل من خلال المساهمة في تمويل الجماعات ووضع هذه التمويلات رهن إشارة المؤسسات المعنية. كما سيتوجه الصندوق إلى الاستثمار أكثر في قطاع السيارات والطائرات والصناعات الغذائية والتكنولوجيات الحديثة. وسنعمل أيضا على مواكبة ومساعدة المقاولات المغربية للاندماج في مشروع بوجو ستروين، لأن الاستثمار الأجنبي يتسم بنوع من الخطورة، ولضمان استقراره واستقرار مناصب الشغل يجب العمل على تشجيع المستثمرين المغاربة. وهذه مناسبة لأشيد بالتزام أطر صندوق الإيداع والتدبير، التي مكنت خبرتها من إنجاح المشاريع الكبرى التي تقودها هذه المؤسسة.