جيب يا فم دفاعا عن حقنا الدين لله والوطن لكم وليس لنا، والله، إلا الصبر على ما نلاقيه منكم من اضطهاد وسوء معاملة. إنما للصبر حدود يا أمي كلثوم. فقد طفح الكيل ووصل السكين إلى العظم، ما يهدد بانزلاق غضروفي وشيك. فقد قررنا، كأقلية في المجتمع، الخروج إلى الشارع للمطالبة بحقنا في الوجود باعتبارنا أقلية شاذة. وحتى لا تذهب بك الظنون إلى الجنون والشياطين المصفدة في هذا الشهر الفضيل، أقول.. أسمع، أقول.. أسمع. أقول إننا جماعة من الناس يمكن تسميتنا بالممتنعين عن دفع الرشوة لتحقيق أغراض إدارية مختلفة. مغامرة محفوفة بالمخاطر تلك التي أقدم عليها صديقي الموظف في مؤسسة عمومية بمدينتنا. فهو لا يأخذ الرشوة ولم يسبق له أن دفع رشوة. تعرض لشتى أشكال الأذى من قِبل رؤسائه، ومن قِبل مواطنين عاديين كانوا يشتمونه بأمه وأبيه، ويبصقون في وجهه كلما رفض قبول رشاويهم. لكن صديقي ظل متمسكا بمبدئه كالقابض على جمرة حمراء. يقول لي دائما إنه لا يستوحش السير في طريق الحق، أي عدم التعاطي للرشوة، رغم قلة سالكيه. جمعية الممتنعين عن التعاطي للرشوة. هذا هو اسم الإطار الوطني الذي يلم شمل هذا الفئة المضطهدة في المجمتع. هو إطار نسعى من خلاله إلى تنظيم احتجاجاتنا والتعريف بقضيتنا للرأي العام و النضال لدفع الحكومة إلى الاعتراف بحقوقنا ورفع الحيف عنّا كأقلية. وقائع عديدة تكشف حجم معاناتنا داخل مجتمع لا يعترف بحقنا في أن نكون كما نريد أن نكون؛ ففي إحدى المدن، وداخل إدارة عمومية، تم الاعتداء على ثلاثة ممتنعين عن الرشوة وإرغامهم على الخروج عراة إلى الشارع وسط سيل من السباب والشتائم، وقد توبعوا بتهمة الخروج عن الإجماع الوطني وعدم دفع الرشوة لمستحقيها من الموظفين السامين والمسمومين، في قطاعات الإسكان والصحة والأمن والجمارك... وقد صدرت أحكام قضائية بإدانتهم. حميد، ممتنع من البيضاء، تعرض لمحاولة قتل من مواطن مرتشي حين ضبطه في إحدى المقاطعات وهو يجاهر برفضه دفع رشوة لأحد الموظفين في مصلحة تصحيح الإمضاءات. يؤكد حميد أنه سيلجأ، يوما ما، إلى أوروبا حيث يمكنه ممارسة حقه في الامتناع عن التعاطي للرشوة بكل حرية. قبل الوصول إلى دولة الحق والقانون، اركن سيارتك هنا وتعال لِننْضم إلى حفل ساهر، يقيمه الممتنعون عن الرشوة، بعيدا عن عيون الفضوليين. كتوقع مبشر بالجنون الأستاذ زعطوط كائن عاقل يعود إلى العصر الطباشيري. حاصل على الحزام الأسود في فنون القتال. كلما خرج من القسم بأعضائه كاملة، يُطعم ستين مسكينا. لا يتحدث إلا عن التدابير ذات الأولوية الخاصة بإتمام منزله، الذي هو بصدد بنائه وفق رؤية استراتيجية، تأخذ بعين الاعتبار جودة الحديد ومهارة المكلفين بالبناء دون إغفال ضرورة تخفيض ثمن الإسمنت حتى يتلاءم مع القدرة الشرائية المتدهورة. زعطوط واحد من المبشرين بالجنون. يشتغل بمدرسة محاذية للسوق الأسبوعي. يدخل إلى القسم حيث يتكدس التلاميذ، فتختلط أصوات التلاميذ مع أصوات باعة دواء البق والفئران. يرفع زعطوط صوته من أجل إسكات التلاميذ، ولا أحد يأبه له. تستمر هذه العملية ما يربو على ساعة كاملة. فعندما ينجح زعطوط في فرض جو من الهدوء داخل الفصل، يرن الجرس، فيهرب التلاميذ إلى الساحة. زعطوط يعاني من حالة ضعف شامل؛ فقد ضعُف بصره من كثرة التحديق في أوراق تلاميذه المكتوبة بخط النمل، والتحديق في عقود الأبناك للقروض الاستهلاكية، والتحديق في المذكرات الوزارية. (يُتبع) راس الحانوت عندما وضعت طلبا للعمل، طالبني مدير الشركة بإحضار عقد الازدياد ليعرف ما إذا بلغتُ سن اليأس. دقة ببصلة نوجهها لبعض السائقين الذين يلصقون عبارة "لا تنس ذكر الله" على الزجاج الخلفي لسياراتهم، كعلامة تدل على ارتفاع منسوب الإيمان في قلوبهم. ليتهم يلتزمون بالتوقف عند علامة قف.. وذلك أضعف الإيمان. www.facebook.com/fettah.bendaou