بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين رحمك الله شيخنا، رحمك الله معلمنا سيدي محمد البوجرفاوي النجاري البعمراني الاكلوي السوسي، رحمك الله أيها الفقيه المقرئ، المؤقت الأريب، العلامة الأديب، -هو رحمه الله من مواليد 1943/1361، أخذ القرآن عن والده رحمه الله، واستكمل مشواره العلمي عند العلامة سيدي عيسى المحفوظ الادوزي، ودرس علم التوقيت والتعديل عند العلامة السيد أعمو وسيدي محمد بن عبد الرازق المراكشي، وعند العلامة سيدي محمد الرمشاني، اشتغل بالتدريس والمشارطة بمسجد تُكِّمْت، مدرسة سيدي محمد الشيشاوي، مدرسة الكفيفات، مدرسة تاسيلا أزاريف، وأخيرا استقر بالمدرسة العتيقة زاوية أكلو بنواحي تزنيت منذ سنة 1985 إلى أن وافته المنية رحمه الله. معشر السادة القراء الأفاضل، أقدم بين أيديكم عرضا يتناول جانبا من الحياة العلمية لشيخنا الفقيه الفلكي رحمة الله عليه، الذي انتقل إلى جوار ربه صبيحة الخميس، الخامس عشر من رجب ألف وأربعمائة وثمانية وثلاثين من الهجرة 1438، والشمس آنذاك في برج الحمل، برج الاعتدال، هذا الجانب هو: الفلكي الفقيه محمد البوجرفاوي وإحياؤه لعلم التوقيت بالمغرب علم التوقيت من المعلوم أن علم التوقيت علم صعب المراس، شريف لما يُوصِل إليه من معرفة أوقات العبادات من صلاة، وسمت قبلة، وزمن صوم وحج، ومرور حول، وغير ذلك من العبادات، وهو جزء من علم الفلك الذي برع فيه المسلمون عامة والمغاربة خاصة. وقد نبغ في هذا الفن في سوسنا بعد العلامة أبي زيد البعقيلي، والمِرْغيتي والورزازي، والاخصاصي والحسين البعمراني، وأوعمو، قاضي تزنيت سابقا، ومحمد بن الباز والاكراري والادوزي، وسيدي صالح الالغي، وفي غير سوس بعد العلامة سيدي محمد العلمي الفاسي، والسيد محمد بن عبد الرازق المراكشي، وآخر القلاع أمير الفلكيين سيدي محمد الرمشاني الدليمي حفظه الله...بعد كل هؤلاء جاء شيخنا سيدي محمد البوجرفاوي ليحيي هذا العلم، ويشرح ويوضح ويبسط القواعد بطريقته الخاصة. بداية شغف الفقيه رحمه الله بعلم التوقيت كانت بداية تعلق الفقيه رحمه الله بعلم التوقيت ما حدثني به من قصة شرائه لنسخة إتحاف المباشر على ابن عاشر للمؤقت الاغزاوي رحمه الله، وهو شرح للربع المجيب-آلة شعاعية موصلة للمطالب الفلكية..-اشتراه بخمسة دراهم آنذاك، وكان "مشارطا" بالكفيفات سنة ألف وثلاثمائة وأربعة وتسعين من الهجرة الموافق لألف وتسعمائة وخمسة وسبعين من الميلاد، وولده الأكبر السيد الطاهر في عامه الأول، وأخذ بقراءته ولكن لم يفهم منه شيئا..منذ ذلك الوقت وهو يبحث وينقب عن شيخ يريه رسومه، وكله شغف وفضول ورغبة في معرفة هذا العلم والغوص في خباياه..وقد أرشده السيد أحمد أجبابدي -وكان عالما بالفلك والصيدلة-إلى المؤقت السيد أعمو، الذي أرشده إلى الشيخ المؤقت ابن عبد الرازق المراكشي لما رأى من حرصه الشديد على أخذ هذا العلم. معاناته رحمه الله وسفره المتكرر لأخذ هذا العلم من شيخه المراكشي ابن عبد الرازق عانى رحمه الله قبل أن يقود النشء، عندما كان سائدا أن علم الفلك هو عينه التنجيم.. ومما َيروي لي رحمه الله أن فقيها ذا شأن خاطبه قائلا: أتعلم أن هذا العلم تحرم دراسته؟ هذا ربما لما تكرس لديه ولدى غيره من قول خليل رحمه الله ولا بمنجم...وغير ذلك. ومع معاناته واصل الطريق، وكان رحمه الله شغوفا مصرا ملازما لشيخه يتعلم منه، ويقطع المسافات الطوال ليسأل عن كل صغيرة وكبيرة ويكتب وينسخ، ويراجع وينشر كل ما يتعلمه. قصة معرفته بالمؤقت الجهبذ أمير الفلكيين السيد محمد الرمشاني مما حدثني به رحمه لله أنه كان يسمع بالشيخ الرمشاني وهو بوجدة، ولكن لم يلتق به إلا بعدما حدثه السيد أفتاح-كان رحمه الله إماما بمسجد الخير بتكوين - به لكونه يحضر بعض دروسه بمسجد السنة بالرباط.. وكما قال عنه سيدي محمد الرمشاني في شهادته: والشيخ لم يتصل بي مبتدئا، بل كان أستاذا ماهرا في علم التوقيت، ولكنه رحمه الله كان يطلب المزيد، هكذا كان دأبه منذ أن عرفناه إلى أن وافته المنية. وقد حقق الشيخ الحكمة التي تقول اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد؛ ومما رأيت منه تقديره الكبير وحبه لسيدي محمد الرمشاني، وتأسفه لتجاهل وإقصاء الجهات المسؤولة أمثال هؤلاء الفلكيين الأعلام رغم احتياج الأمة لهم، وفي آخر عمره وكنت حاضرا معه في مجلسه اتصلنا به حفظه الله، ومما قال له سنزورك عما قريب إن شاء الله، وهذا للاستزادة من طلب العلم، ولكن قدر الله أراد غير ذلك. ما حققه رحمه الله لعلم التوقيت والفلك والهيئة هنا أعرض خلاصة لما حققه شيخنا لهذا العلم، لنعرف قيمة هذا الرجل وما خلفه رحمه الله: 1-تخريج عدد من الطلبة المؤقتين المعدلين المدرسين لهذا العلم في المدارس العتيقة وغيرها. 2-استخراج ما في العمدة وتقريب البعيد وهما المعتمدان في التوقيت والتعديل، واستخراج الكسوفات والخسوفات (لمؤلفهما السيد محمد العلمي رحمه الله) ووضع نموذج لذلك. ومما حسبه مؤخرا بخط يده رحمه الله كسوف 27 ماي 2021 وهو كلي سيرى في المغرب بمشيئة الله. 3-وضع نماذج للطالب لاستخراج أوقات الصلاة. 4-نظمه على التوقيت والتعديل والمزاول والظلال. 5-وضع منظومة اسمها روضة الكعاب في التوقيت والجبر والهندسة والحساب. 6-شرحه للربع المجيب مع أمثلة توضيحية. 7-مخطوط فيه أسئلة وأجوبة في التوقيت وعلم الهيئة. 8-ضبط وتشكيل نظم قوت الروح في رسم الأوقات على السطوح لسيدي محمد العلمي في 412 بيتا. 9-ضبط وتشكيل نظم العمدة في التوقيت. 10-ضبط وتشكيل نظم ابن عاشر على الربع المجيب. 11-وآخر ما نظم رحمه الله: العطايا الجزائل على تحفة ذوي الفضائل في رسم خطوط الساعات على المزوال. 12-إشرافه على تخطيط الربع المجيب وموافقة المؤقت الفلكي سيدي محمد الرمشاني عليه. 13-إشرافه على دراسة علمية ميدانية حول الفجر الكاذب والصادق. 14-شرحه على المقنع، وهو كتاب مطبوع. 15-صلابته في قول الحق والرد على من خالف أسس علم التوقيت ورؤية الأهلة بعد تمكنه وشربه من معين مشايخه، خاصة الشيخ المجاهد العلامة سيدي محمد بن عبد الرازق رحمه الله، أصبح -قدس الله روحه- لا يخاف في قول الحق لومة لائم كعادة شيخه، ولم يجد بدا من الدفاع عن كل ما يخالف ما توصل إليه من الحقائق العلمية وما درسه، مما تثبته الرؤية الشرعية المؤيدة بالحساب القطعي. ويتجلى هذا في الآتي: أولا- موقفه للرد على المشارقة -ومن يتبعهم- ممن يتقدمون علينا صوما وفطرا وحجا أ-عام 1404 /1984 ففي سنة 1404 هجرية الموافق 1984م وقع الكسوف على الساعة 16و49 مساء يوم الأربعاء 30 مايو 1984 وتوافق ساعة مكة 19و49، وكان غروب الشمس بمكة على الساعة 18و59 وغروب الهلال قبل غروب الشمس بخمسين دقيقة. يقول رحمه الله: أيمكن أن يغرب القمر ثم يعود ليظهر في الأفق؟ ولهذا لا يمكن أن يكون أول رمضان هو يوم الخمس كما ادعت السعودية.. والكسوف واقع مساء يوم الأربعاء آنذاك، فإن فاتح رمضان 1404 حسب الرصد والعلم القطعي المبني على الرصد والمشاهدة هو يوم الجمعة، باعتبار المغرب والأقطار القريبة منه، ويوم ُالسبت باعتبار الأقطار المتوغلة في الشرق، كالفلببين .ولا يمكن أن يكون أوله يومَ الخميس في جميع الكرة الأرضية، والكسوف الحلقي الواقع مساء يوم الأربعاء 30 مايو 1984 هو أعظم دليل على ذلك، ولا سبيل إلى المجاحدة فيه. والمجاحدة في ذلك تُعد مكابرة وعنادا. وزاد رحمه الله ناظما وبعام دتش(1404) صام أهل الشرق في أم القرى كح (28)تجر إزارا بعنادهم ونفاقهم وبظلمهم تركوا اليقين وحرفوا الأخبار حصل الكسوف وريء بعد العصر في كل المراصد والجبال نهارا أمع الكسوف يرى الهلال وليلهم أرخى السدول وأظهرا الأنوارا ب-فاتح ذي الحجة 1427/2007 يقول رحمه الله ناظما في عام ألفين من الميلاد** معْ سبعة وهْيَ من الافراد قد جاء ذو الحجة بالخيرات** وخاب فيه مقْصَد الوشاة فإن الاتفاق بين الهند ** والمغرب الأقصى أتى بالعهد أما السعودية في ذا العام** قد سلكت مجاهل المَوامي فقد تقدمت بيومين على **مملكة المغرب زورا قد جلا قد غاب ذا الهلال قبل الشمس في ** مسائه وزاد فيه أسفي وقد قال في أحد ردوده أما الذي يقع ي الحجاز** فهو تخبط بلا مجاز إن التقدم بيومين جلا** مكررا في ما مضى فحصِّلا وربما تقدموا بأكثرَ** لذلك اشتكت بهم أم القرى خالفتم الوقوف والأعياد** في وقتها غيرتم المرادا ومما زادني رحمه الله أنه سمع إذاعة السعودية ذاكرة شهود الرؤية، وقال سجلت أسماءهم وذكرتهم للشيخ ابن عبد الرازق رحمه الله، وسألنا من جاء من الحج وكلهم أكدوا وجود غيمٍ منع الرؤية، وقام آنذاك يحاججهم ويرد عليهم في أكثر من مجلة عربية وأعجمية، فرد ادعاءهم، وكان هذا عام 1403. ج-في رمضان 1432 /2011 قال رحمه الله ففي السعودية عكس هذا تقدمت باليوم قل لماذا لكي يخالفوا الوقوف أبدا زمنه فافهم وقيت الحسدا د-عيد الفطر لعام1435/ 2014 قال رحمه الله متأسفا ومنتقدا: إن السعودية في الإفطار**قد خالفت شريعة المختار في عام يدْشَشٍ ولا تركن إلى**إفطارها وعيدُها ولن يقبل ثانيا- موقفه رحمه الله للرد على أحد علماء الأزهر وهو الدكتور عيد يوسف، أمين عام الفتوى بالجامع الأزهر، حين قال: إن احتفال المغرب بأول أيام عيد الأضحى لسنة 1435/2014 غير جائز شرعاً، لأنهم يخالفون ما اعتاده المسلمون ويخرقون الإجماع، مضيفا أنه من المفترض أن يأخذوا بالحساب الفلكي للسعودية أولى من انتظارهم رؤية الهلال، طالما أنهم يشتركون في جزء من الليل معها. ورد عليه شيخنا رحمه الله: وبُعد يوسفَ عن التعديل كالبعد بين الشمس والقنديل إن المناهج الحُمَيديّة لا تحسنها وهِيَ زيجٌ قد علا فإنها مصريةُ تدْرس في معاهد العلم تأمل واعرف وقال...... إن المغاربة في الحساب لهم دراية بلا عتاب كالعلميِّ وابن عبد الرازق رُدودُه ترشُق كل ناعق كذلك الرمشَانِي في الرباط دروسه تمتاز بانبساط إلى أن قال: شوهت يوسفُ جمال مصرَ والنيلَ والأزهرَ بيئس المجرَى ثالثا- موقف الرد على بعض العلماء والدعاة المغاربة رد رحمه الله على زحل في مسألة الهلال، وتقي الدين في مسألة الفجر الصادق والكاذب أ - الرد على الداعية زحل بالبيضاء هذا سنة 1403/1983 يقول شيخنا رحمه الله سمعت قولا بأذني منك يا زحل ** وكله خطأ والوهم والزلل فيما تعلق بالصوم الذي ارتبطت **به القواعد والأحكام والسبل قد قلت إن المغاربة يرتكبون **الذنب في صومهم والفطرِ يا رجل إلى أن قال: أما علمت أن الصوم يبنى على ال** رؤية والجهل داء كله علل والحمد لله إن شعب مغربنا** ليس له خطأ والوهم والزلل فيا زحل البيضاء مهلا وتكن** جريئا على الفتوى إذا كنت ذا فكر فبعدك عن علم المواقيت شاسع** وجهلك علم العارفين مدى الدهر ب-الرد على ما ورد في كتابه العلامة ابن صديق (توجيه الأنظار لتوحيد المسلمين في الصوم والإفطار وهو كتاب مطبوع سنة 2006 ) قال رحمه الله ردا وتوضيحا فلا يغرنك ما قد جاء في توجيه الأنظار لأمر قد خفي على المؤلف ولو كان على بصيرة أدرك ذاك الخللا إن الشروق إن يكن في المغرب**فهو اصفرار طوكيُو فز بالمطلب ج-الرد على العلامة تقي الدين رحمه الله في مسألة الفجر لما كثر الحديث بين الناس عن صحة وقت الفجر، وصدور رسالة الشيخ تقي الدين رحمه الله -الفجر الصادق وامتيازه عن الفجر الكاذب- لم يتوان شيخنا رحمه الله في توضيح المسألة والرد على صاحب الرسالة. وبالمناسبة فقد أجريت بحثا عمليا في المسألة تحت إشراف شيخنا رحمه الله - وهو بحث مرقون. قال رحمه الله: إن تقي الدين قد أخطأ في مقاله ولم يكن بمنصف وهو الهلالي وقد أبطل ما في حصص المغرب بئس ذا العمى أما تقي الدين ذو العناد والجهل بالأوقات والرشاد قد خالف الجمهور والحذاقا وضيع المداد والأوراقا رابعا- تنبيه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية لم يمنعه رحمه الله من قول كلمة الحق لدى وزارة الأوقاف آنذاك، فأبى رحمه الله إلا أن ينبه بشدة تلك الوزارة عندما زاغت عن الحق ومالت فقال: ففي عام 1413/1993 قال رحمه الله: فأثبتت الإذاعة المغربية الهلال بخبر العسكر، وهذا من عثرات المغرب ومخالفته للرؤية الشرعية، ويقع ذلك في بعض الشهور، وخصوصا شوال. وفي تقويم الوزارة أن الرؤية مساء يوم الثلاثاء 29 رمضان 1413 ممتنعة، فارتكب المغاربة الخطأ عمدا، وخالفوا سنة الله في كونه والحساب، وصدقت العسكر، وأكل المغاربة يوما واحدا ولا حول ولا قوة إلا بالله، فسبحانك هذا بهتان عظيم. وفي عيد الفطر لعام 1427/2006 قال رحمه الله: المغاربة أثبتوا هلال شوال عشية السبت، وجعلوا فاتح شوال وعيد الفطر يوم الأحد، وهو عمد وخطأ فاحش ودسيسة عظيمة، ففي الساعة الثانية ليلا ليلة الأحد أذاعت الإذاعة خبر ثبوت الهلال، والناس يتسحرون، وهذا تعمد الكذب والبهتان العظيم. وفي رمضان من السنة نفسها أعلنت إذاعة المملكة المغربية في الساعة العاشرة مساء يوم السبت 29 شعبان 1427 الموافق 23 شتنبر 2006 في نشرة الأخبار أن هلال رمضان ثبت مع عدم رؤيته في جميع أنحاء المملكة، وقالت إن ارتفاعه كاف في ثبوت الرؤية، وإن هذه الحالة حالة استثنائية. وقال مستغربا رحمه الله: هل هذا الاستثناء متصل أو منقطع أو سياسي؟! والتقويم الهجري المغربي أثبتت الوزارة فيه أن الرؤية مساء يوم السبت 29 شعبان ممتنعة مع حدوث كسوف، وقالت في تقويمها: وعليه ففاتح رمضان 1427 هو يوم الاثنين 25 شتنبر 2006، فلماذا جعلت فاتح رمضان يوم الأحد 24 شتنبر 2006 فاتح رمضان!!؟ ولعل ما يقع في الدول الشرقية كالسعودية ومن وافقها في التخبط يؤثر شيئا فشيئا على هذه المملكة التي نعتز بها ونفتخر بها في أمور تمتاز بها، وخصوصا في ثبوت رؤية الهلال الموافقة للكتاب والسنة والإجماع والحساب القطعي. ولم تذكر الوزارة الجهة التي رِؤي فيها الهلال لأن رؤيته مستحيلة. ..فإذا قصدت الوزارة ألا يكون الفرق بين المملكة المغربية والسعودية يومين، فقد وقع ذلك عدة مرات وربما تتقدم بثلاثة أيام. وفي سنة 1419 قال رحمه الله :وقد أعلنت الإذاعة المغربية مساء يوم الخميس 29 رجب 1419/الموافق 19 نونبر 1998 أن شهر رجب استوفى ثلاثين يوما لعدم ثبوت الرؤية عند جميع النظار، ثم أعلنت يوم الجمعة أن الهلال ثبت بالمناطق الجنوبية مساء يوم الخميس 29 رجب مع أن الرؤية ممتنعة. وهذا لمن العجب، إذ لم يبَلِّغ نظار المناطق الجنوبية شهادتهم إلا يوم الجمعة، مع أن التعبير بجميع النظار يفيد العموم، فإذا بقي أحد فلا بد من انتظار شهادته. وقد انعقد ملتقى الأئمة والخطباء بتزنيت يوم الخميس 6 شعبان 1419/ 26 نونبر، فسألت أئمة طانطان وفم الحصن، فقالوا كلهم إنهم لم يروه، فتحير الناس كلهم من إثباته بالإذاعة، ولم يروه بأبصارهم...! وسألت كذلك إماما بالزاك وإمام أمْتض فأخبراني بعدم الرؤية، وفي مساء يوم السبت الذي هو 30 شعبان بحسب خبر الإذاعة، راقب الناس الهلال مع صفاء الجو في كل مكان فلم يره أحد، وإنما رؤي مساء يوم الأحد 20 دجنبر وغاب قبل العشاء، فصام المغاربة بخبر الإذاعة يوم الأحد 20 دجنبر1998 وهو من شعبان. وقال رحمه الله محللا ومنتقدا: فبسبب هذه الاضطرابات تحير الناس لأن المشاهدة والمراقبة والواقع والحساب كذَّب خبر الإذاعة، فينبغي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن تحافظ على شؤون الإسلام، وخصوصا في إثبات الشهور القمرية بالرصد والحساب وتكليف القضاة والنظار بثبوت الهلال أو عدمه. وعلى المجالس العلمية أن تهتم بهذا بأن تكتب لوزارة الأوقاف ألا يقع في المملكة المغربية مثل هذا الاضطراب. وأخيرا قال مما قال: ونحن معاشر الفلكيين الشرعيين نتمنى من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أعانها الله أن تعتني وتهتم بما يتعلق بشهادة الشهود والعدول والقضاة والنظار بأن لا يقع في الشهادة تدليس وتكذيب. وخلاصة يتبين من بعض كتاباته وردوده رحمه الله حرصُه على قول كلمة الحق التي يؤمن بها، وله عليها حجة ودليل، فجزاه الله خيرا؛ فلولا تنبيهاته وتوجيهاته -وهذا من التدافع الذي أمر الحق به- لتغيرت أمور كثيرة...وهذا دأب الصالحين العلماء الربانيين ومن سنة نبي الله حين قال صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رحمك الله شيخك رحمة واسعة وبارك الله في ما تركت وخلفت. *أحد طلبة الفقيد رحمه الله