زيارة المسؤول الإيراني للمغرب.. هل هي خطوة نحو فتح باب التفاوض لإعادة العلاقات بين البلدين؟    وفاة الأميرة اليابانية يوريكو عن عمر 101 عاما    أسعار النفط تتراجع وتتجه لخسارة أسبوعية        مجلس النواب يصادق بالأغلبية على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2025    محكمة استئناف أمريكية تعلق الإجراءات ضد ترامب في قضية حجب وثائق سرية    حرب إسرائيل على حزب الله كبدت لبنان 5 مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية    10 قتلى جراء حريق بدار مسنين في إسبانيا        النيابة العامة وتطبيق القانون    دراسة حديثة تكشف ارتفاعا كبيرا في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    دراسة جديدة تكشف عن خطر متزايد لانتشار الحصبة بسبب ضعف التلقيح    الركراكي: المباراة أمام الغابون ستكون "مفتوحة وهجومية"    الحكومة المغربية تعزز قطاع الدفاع الوطني بإعفاءات ضريبية جديدة        مصرع 10 أشخاص بحريق في دار مسنين بإسبانيا    "الأمم المتحدة" و"هيومن رايتس ووتش": إسرائيل ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم تطهير عرقي    غسل الأموال وتمويل الإرهاب… وزارة الداخلية تضع الكازينوهات تحت المجهر    اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي    جدعون ليفي يكتب: مع تسلم ترامب ووزرائه الحكم ستحصل إسرائيل على إذن بالقتل والتطهير والترحيل    صحيفة إيطالية: المغرب فرض نفسه كفاعل رئيسي في إفريقيا بفضل "موثوقيته" و"تأثيره"    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    بوريطة: المغرب شريك استراتيجي لأوروبا .. والموقف ثابت من قضية فلسطين    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    إقصائيات كأس أمم إفريقيا 2025 (الجولة 5).. الغابون تحسم التأهل قبل مواجهة المغرب    اشتباكات بين الجمهور الفرنسي والاسرائيلي في مدرجات ملعب فرنسا الدولي أثناء مباراة المنتخبين    مقاييس التساقطات المطرية خلال 24 ساعة.. وتوقع هبات رياح قوية مع تطاير للغبار    بحضور التازي وشلبي ومورو.. إطلاق مشاريع تنموية واعدة بإقليم وزان    السفيرة بنيعيش: المغرب عبأ جهازا لوجستيا مهما تضامنا مع الشعب الإسباني على خلفية الفيضانات    المنتخب المغربي يفوز على نظيره المصري في التصفيات المؤهلة لكأس أمام أفريقيا للشباب    عنصر غذائي هام لتحسين مقاومة الأنسولين .. تعرف عليه!    المنتخب المغربي الأولمبي يواجه كوت ديفوار وديا في أبيدجان استعدادا للاستحقاقات المقبلة    وزيرة الاقتصاد والمالية تقول إن الحكومة واجهت عدة أزمات بعمل استباقي خفف من وطأة غلاء الأسعار    أزمة انقطاع الأدوية تثير تساؤلات حول السياسات الصحية بالمغرب    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    ‬المنافسة ‬وضيق ‬التنفس ‬الديموقراطي    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    ألغاز وظواهر في معرض هاروان ريد ببروكسيل    الحكومة تعلن استيراد 20 ألف طن من اللحوم الحمراء المجمدة    الروائي والمسرحي عبد الإله السماع في إصدار جديد    ملتقى الزجل والفنون التراثية يحتفي بالتراث المغربي بطنجة    خلال 24 ساعة .. هذه كمية التساقطات المسجلة بجهة طنجة    نشرة إنذارية.. هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة اليوم الخميس وغدا الجمعة بعدد من أقاليم المملكة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    معدل الإصابة بمرض السكري تضاعف خلال السنوات الثلاثين الماضية (دراسة)    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    الاحتيال وسوء استخدام السلطة يقودان رئيس اتحاد الكرة في جنوب إفريقا للاعتقال    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    "هيومن رايتس ووتش": التهجير القسري الممنهج بغزة يرقي لتطهير عرقي    أسعار النفط تنخفض بضغط من توقعات ارتفاع الإنتاج وضعف الطلب    هذه أسعار أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ردا على اتهام محمد معروف للريف ب"العنصرية الانفصالية في أحشائه"
نشر في هسبريس يوم 05 - 06 - 2017

"دابا فهاد لبلاد فوقما حتجّ شي واحد كا تگول ليه نفيصالي .. حتا حنا ولّينا نفيصاليين .. طالبنا بالتعليم أولوية حتا حنا شويا يگولو ليك راه نفيصاليين باغيين التعليم أولوية!"عمر بلافريج – نائب برلماني من حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي. (في تصريح بالصوت والصورة لهسبريس).
نشر الأستاذ محمد معروف مقالا على صحيفة هسبريس بتاريخ 3 يونيو 2017 تحت عنوان "خطاب الزفزافي ومغالطات الانفصال". وفي هذا المقال قام الأستاذ محمد معروف بعرض تحليله وانتقاده لشخصية الناشط الريفي ناصر الزفزافي وخطابه. وبالإضافة إلى ذلك أطلق الأستاذ محمد معروف شتيمة وتهمة خطيرة في حق منطقة الريف قائلا بأن "أحلاما عنصرية انفصالية قد استوطنت أحشاء الريف".
هذا المقال ليس فقط ردا على مقال الأستاذ محمد معروف وإنما هو أيضا رد على خط فكري مؤامراتي مضاد للأمازيغية وللريف ومتفشي لدى جزء المغاربة نلاحظه يوميا بأشكال متنوعة في عشرات المقالات والتصريحات وآلاف التعليقات على الإنترنيت.
1) الأستاذ محمد معروف يتهم الريف بأن في "أحشائه أحلاما عنصرية انفصالية":
هذا هو ما قاله الأستاذ محمد معروف بالضبط في مقاله: "وهنا تجدر الإشارة إلى أن الريف مع الأسف قد استوطنت أحشاءه أحلام عنصرية انفصالية." انتهى.
يشبّه الأستاذ محمد معروف منطقة الريف بكائن يملك أحشاءا intestines وهذا الكائن (الريف) يملك القدرة على الحلم dreaming. وهذا يعني أن الأستاذ محمد معروف يتحدث عن الريف بكليته وشموليته في شكل كائن واحد أنثروبومورفي anthropomorphic شبيه بإنسان، أي أنه يقصد الريفيين في عمومهم. الأستاذ محمد معروف يخبرنا بأن هذا الريف "قد استوطنت أحشاءه أحلام عنصرية انفصالية". ويقدم الأستاذ محمد معروف ادعاءه حول "استيطان الأحلام العنصرية الانفصالية لأحشاء الريف" كحقيقة يقينية راسخة لديه.
من ينعت الريف بأن "أحلاما عنصرية انفصالية تستوطن أحشاءه" له مشكل حقيقي مع الريف. من يقول هذا الكلام الخطير هو الانفصالي الحقيقي لأنه ينتقي الريف من بين كل المناطق المغربية وينعته بهذا النعت القبيح. وهو يفصل الريف عن بقية المغرب حين ينعت الريف ب"استيطان العنصرية الانفصالية لأحشائه" لكي يميزه عن بقية مناطق المغرب التي تخلو أحشاؤها (على ما يبدو) من "العنصرية الانفصالية" حسب هذا المنطق العجيب والخطير.
2) الخطأ الفادح الذي سقط فيه الأستاذ محمد معروف: الربط بين "العنصرية" و"الانفصالية" في عبارته الكارثية "الأحلام العنصرية الانفصالية في أحشاء الريف":
تهمة أو شبهة النزعة الانفصالية الريفية هي تهمة سياسية مفهومة رغم أنها مبالغ فيها بشكل هستيري. إذا كانت تهمة "الانفصالية" مجرد تهمة سياسية مفهومة فإن تهمة "العنصرية" هي تهمة أخلاقية شنيعة. الخطأ الفادح الذي سقط فيه الأستاذ محمد معروف هو ربطه بين "الانفصالية" و"العنصرية" واتهامه للريف بوجود "العنصرية الانفصالية في أحشائه".
نحن نعرف ونفهم الأساس الذي يبنى عليه الأستاذ محمد معروف وغيره من المتضايقين من الثورة الريفية شبهة النزعة الانفصالية الريفية (رغم أنها شبهة هستيرية مبالغ فيها): رفع الراية الريفية (راية الجمهورية الريفية)، عدم رفع الراية المغربية الرسمية، انتقاد الملك بشكل مباشر من طرف بعض الريفيين، وانتقاد الدولة المركزية (أي: المخزن) من طرف الجميع، واستخدام عبارات من قبيل "الشعب الريفي" و"الريف لا يركع" و"الاستعمار المخزني"...إلخ.
وقد بينتُ في مقال سابق لي بعنوان "الثورة الريفية المغربية الأمازيغية: هذيان الانفصال عبر وسائل الاتصال" أن بعض الريفيين يحلمون بالانفصال (ولكن نسبتهم ضئيلة جدا). والنزعة الانفصالية تظهر في كل البلدان بسبب شعور بعض الناس بفقدان الأمل وفقدان الثقة في الدولة واحتقار الدولة لهم.
وعندما يشتم رجال الشرطة المغربية المواطنين الريفيين ب"ولاد الصبنيول" فلا غرابة في أن يميل بعض الريفيين إلى الانفصال عن المغرب. فالدولة هنا هي التي تدفعهم دفعا إلى الانفصال عندما تشتمهم وتنسبهم إلى دولة أجنبية هي إسبانيا. من الانفصالي هنا؟ من الذي يخلق مشكل الانفصال خلقا؟
نحن نفهم من أين تأتي شبهة وتهمة "الانفصال الريفي" وكيف تتسرطن بسلوكات الدولة القمعية وبالفكر المؤامراتي التعريبي المعادي للأمازيغية والريف. ولكننا لا نعرف على الإطلاق على أي أساس بنى الأستاذ محمد معروف تهمة "العنصرية التي تستوطن أحشاء الريف". هل يربط الأستاذ محمد معروف "العنصرية" بالأمازيغية والراية الأمازيغية؟ هل سمع الأستاذ محمد معروف تصريحات عرقية / عنصرية من أحد الريفيين جعلته يجزم بوجود أحلام عنصرية تستوطن أحشاء الريف؟ هل يستطيع الأستاذ محمد معروف أن يدلنا على شعار عنصري واحد رفعه المتظاهرون والثوار الريفيون، أو على تصريح عنصري لأحد الثوار والنشطاء؟ من أين أتى الأستاذ محمد معروف بحكاية "العنصرية"؟
إن مقولة "استيطان الأحلام العنصرية الانفصالية لأحشاء الريف" هي شتيمة وتهمة شنيعة لمنطقة مغربية ضخمة ولجزء ضخم من الشعب المغربي يبلغ تعداده ما لا يقل عن 5 ملايين مواطن مغربي ينتشرون عبر منطقة الريف الكبير عبر كل شمال المغرب من السعيدية Essɛidiya إلى طنجة Ṭanja ومن وجدة Wejda إلى أزيلا Aẓila ومن فيگيگ Figig / Ifyey إلى العرايش Leɛrayec. فضلا عن مئات آلاف الريفيين الساكنين في مدن وسط المغرب وجنوبه وفي أوروبا.
كيف عرف الأستاذ محمد معروف أن لدى الريفيين أحلاما عنصرية في أحشائهم؟ وحتى لو كان الأستاذ محمد معروف يقصد "بعض الريفيين" وليس "كل الريفيين" فلماذا يثير الأستاذ موضوع العنصرية بالذات ويربطه بالريف بالذات؟
هل توجد لدى الأستاذ محمد معروف أرقام ومعطيات علمية تفيد بأن نسبة العنصرية لدى الريفيين مرتفعة عن المعدل الطبيعي الموجود لدى بقية المغاربة أو لدى بقية شعوب الأرض؟
هل رفع الراية الريفية أو الراية الأمازيغية هو الدليل الذي اعتمد عليه الأستاذ محمد معروف ليصل إلى استنتاجه الخطير والشنيع بأن "الريف تستوطن أحشاءه أحلام عنصرية انفصالية"؟
وماذا عن السلفيين المغاربة الذي لا يرفعون العلم المغربي ولا الأمازيغي ولا الريفي في مظاهراتهم ويرفعون فقط العلم الإسلامي الأسود الذي ترفعه المنظمات الإسلامية الإرهابية كالقاعدة وجبهة النصرة وأنصار الشريعة؟ هل يمكن لشخص أن يقول حينئذ أن "المغرب تستوطن أحشاءه أحلام دينية إرهابية"؟ أليست هذه شتيمة شنيعة في حق المغرب والشعب المغربي؟
نحن نعلم طبعا أن النزعات العنصرية موجودة لدى نسبة صغيرة من كل شعب من شعوب العالم: أمازيغ، جرمان، فرس، عرب، كرد، إسرائيليين، فلسطينيين، مغاربة، جزائريين، أمريكيين، يابانيين، بيض، سود، سمر...إلخ. ولكن لا أحد يضيع وقته في القول بأن "بعض المغاربة" أو "بعض الأمريكيين" لديهم نزعة عنصرية. فالجميع يعلم أن العنصرية موجودة بنسبة صغيرة في كل الشعوب وكل البلدان، وبالتالي فلا داعي لتحديد وانتقاء شعب بعينه وإخبارنا بأن فيه عنصرية. ولكن من يقول بشكل متعمد بأن الشعب الفلاني فيه نسبة من العنصريين أو أن "أحلاما عنصرية تستوطن أحشاءه" فهو يحاول أن يقول بأن ذلك الشعب الفلاني فيه نسبة من العنصريين فوق المعدل الطبيعي الاعتيادي مما يستدعي الإشارة إلى ذلك الشعب بالذات من دون كل الشعوب الأخرى.
لماذا يظن الأستاذ محمد معروف أن العنصرية تستوطن الريف؟ هل لأن الريفيين يدافعون عن منطقتهم الريفية وعن هويتهم الأمازيغية ويرفعون الأعلام الريفية والأمازيغية ويرفضون التعريب ويعتبرون المغرب كله بلد أمازيغيا وشعبا أمازيغيا لا ينتمي إلى "العالم العربي" وإنما ينتمي إلى "العالم الأمازيغي"؟
متى سمع الأستاذ محمد معروف شخصا ريفيا مسؤولا عن كلامه يقول بأن الريفيين يستحقون دولة عرقية عنصرية؟
هل يعرف السيد محمد معروف أن هناك ريفيين يعتبرون أنفسهم ريفيين وأمازيغيين رغم أنهم لا يعرفون اللغة الأمازيغية ويتكلمون الدارجة فقط؟
هل بنى الأستاذ محمد معروف نظريته حول "الأحلام العنصرية الريفية" على أدبيات سياسية ريفية ومغربية وأمازيغية حقيقية وصريحة وواضحة من أشخاص حقيقيين معروفين أم أن ما يقوله هو مبني فقط على بضعة تدوينات عشوائية لمجهولين على الإنترنيت؟
فليقدم لنا الأستاذ محمد معروف مثقفا ريفيا أو سياسيا ريفيا أو كاتبا ريفيا أو ناشطا ريفيا واحدا زعم بأن الريفيين عرق أو عنصر مختلف ومتميز ومتفوق على بقية سكان المغرب أو بقية سكان كوكب الأرض، وأنه يجب تأسيس دولة ريفية عنصرية انفصالية يتكون سكانها من "العنصر الريفي".
عندما يربط الأستاذ محمد معروف بين "الريف" و"العنصرية" و"الانفصال" فإن كلامه يؤدي إلى أن توجد نسبة من العنصرية في الريف خارقة للعادة وفوق المعدل الطبيعي.
أنا أظن أن الأستاذ محمد معروف لا يتهم كل الريفيين بالعنصرية وإنما يتهم بعض الريفيين بالعنصرية. وهذا الاتهام في حد ذاته مصيبة. فمجرد ربطه بين "الريف" و"العنصرية" هو كارثة في حد ذاتها، حتى لو كان يقصد أقلية. والشيء الذي أنجزه الأستاذ محمد معروف بمقاله الخطير هذا هو أنه أعطى ذخيرة إضافية ووقودا إضافيا لكل من قرأ مقاله من هؤلاء العابثين على الفيسبوك والإنترنت الحاقدين على الأمازيغية والحاقدين على الريف ليستمروا في تعليقاتهم المسعورة ونظرياتهم المؤامراتية المريضة حول الريف والأمازيغية.
وهؤلاء العابثون المدمنون على نظرية المؤامرة يربطون عن حق بين الريف والأمازيغية، لأن الريف أمازيغي فعلا ولأن الريفيين يعتبرون أنفسهم أمازيغيين ويعتبرون المغرب كله أمازيغيا. وهكذا فإن من يلصق "العنصرية الانفصالية" بالريف أو ببعض الريفيين فهو يلصق أتوماتيكيا "العنصرية الانفصالية" بالأمازيغية.
3) انتقاد الأستاذ محمد معروف للناشط ناصر الزفزافي: شيطنة وتهويل وتصغير وانتقائية
الثورة الريفية المغربية الأمازيغية هي ثورة أفكار وليست ثورة أشخاص. وكل شخص يتكلم ويخطب كثيرا في كل المواضيع ويرتجل في كل المواضيع سيرتكب لا محالة هفوات ومبالغات وأخطاء.
والحقيقة أن السيد ناصر الزفزافي قد ارتكب أخطاء ومبالغات وهفوات في فيديوهاته وخطاباته مثله مثل غيره من النشطاء والخطباء. ولكنها مجرد أخطاء ومبالغات وهفوات كلامية وليست بجرائم لأنه لم يهدد أحدا ولم يحرض على ارتكاب جريمة من الجرائم.
كما أن إقحام السيد الزفزافي للدين في الثورة الشعبية وفي السياسة هو بالتأكيد شيء خاطئ ومرفوض بشدة لأنه شيء يفسد الثورة والسياسة وكل شيء. وأيضا فإن إقحام الدولة للدين في السياسة واستخدامها للمساجد والأئمة لتصفية حساباتها السياسية والأمنية هو أيضا شيء خاطئ ومرفوض بشدة ولن يجلب على المغرب إلا الكوارث ومزيدا من الاستبداد.
المطلوب هو دولة مغربية علمانية محايدة دينيا تفصل بين الأديان والدولة ولا تميز بين المواطنين على أساس أديانهم وعقائدهم ولا تبتزهم على أساس أديانهم وعقائدهم.
في مقاله على هسبريس "خطاب الزفزافي ومغالطات الانفصال" قدم الأستاذ محمد معروف ملاحظاته حول الفيديو المنشور يوم 28 أبريل 2017 على موقع YouTube تحت عنوان "الزفزافي يخاطب الملك". وفي مقاله يقدم الأستاذ محمد معروف تحليلا نفسيا psychoanalysis لشخصية ناصر الزفزافي بجانب تحليل لخطاب الزفزافي. قمت بالاطلاع على الفيديو وهو قصير مدته 6 دقائق و12 ثانية. وهذه 4 ملاحظات على طريقة تناول الأستاذ محمد معروف لموضوع الزفزافي:
- أولا: الشيطنة. يقوم الأستاذ محمد معروف بشيطنة الناشط الزفزافي فيتهمه بأن كلامه "انتهاك لحرمة الرموز الوطنية (الملك)" وأنه "يشكك في نسب الملك" ويتهمه بتهمة خطيرة أخرى وهي أن خطابه له "طموحات انفصالية بنكهة دينية، تنزع الشرعية عن النظام السياسي القائم".
- ثانيا: التهويل والتضخيم. يقوم الأستاذ محمد معروف بتهويل وتضخيم شخصية الناشط ناصر الزفزافي. يصف الأستاذ محمد معروف كلام الزفزافي هكذا: "خطاب الزفزافي وثيقة تاريخية تفضح طموحات انفصالية بنكهة دينية".
- ثالثا: التصغير. يقوم الأستاذ محمد معروف بتصغير شخصية الناشط ناصر الزفزافي حيث يخبرنا بأن الزفزافي مجرد "شاب ريفي مندفع لا يزن الكلام جيدا".
- رابعا: الانتقائية. يتكهن الأستاذ محمد معروف بأن الزفزافي يحمل مشروعا انفصاليا بنكهة دينية، رغم أن في ذلك الفيديو بالذات لا يوجد ما يشير إلى أي "مشروع انفصالي ديني" محدد، ولا نجد فيه إلا انتقادات للملك والدولة. ولكن الانتقائية نلاحظها عندما يتجاهل الأستاذ محمد معروف ما قاله الزفزافي في نفس ذلك الفيديو حول الجزائر والبوليساريو. ففي ذلك الفيديو بذاته ينفي الزفزافي تلقيه أي دعم من الجزائر والبوليساريو.
وفي نفس ذلك الفيديو وصف الزفزافي الدولة الجزائرية هكذا: "النظام الجزائري نظام استبدادي، نظام إرهابي، نظام فاشستي، نظام يقتل في الشعب الجزائري، ونتضامن مع الشعب الجزائري ضد نظام الجنرالات والإرهاب".
وفي نفس الفيديو المذكور وصف الزفزافي موقفه من البوليساريو هكذا: "ليس من حق البوليساريو...، كذلك أنها سمت تسمية عروبية، هذه التسمية: الدولة الصحراوية العربية. ما معنى دولة صحراوية عربية في أرض إيمازيغن؟ تم إقصاء الأمازيغ. وتم إقصاء هويتهم وثقافتهم."
الأستاذ محمد معروف تجاهل رأي الزفزافي الواضح في الدولة الجزائرية والبوليساريو رغم قصر مدة الفيديو واستحالة السهو عن هذا التفصيل المهم. لماذا تجنب الأستاذ محمد معروف أن يذكر للقارئ موقف الزفزافي من الجزائر والبوليساريو؟ لأن موقف الزفزافي من الجزائر والبوليساريو في ذلك الفيديو لا يتناغم مع الصورة التي يحاول الأستاذ محمد معروف أن يرسمها للقارئ حول الزفزافي ك"صاحب مشروع انفصالي بنكهة دينية". الأستاذ محمد معروف لا يريد من القارئ أن يستنتج من مقاله أن الزفزافي يعادي النظام الجزائري ويعادي حركة البوليساريو الانفصالية، لذلك اختار الأستاذ محمد معروف أن ينتقي من ذلك الفيديو فقط القضمات والمقاطع الصوتية sound bites التي تتناغم مع الصورة المرسومة ل "الزفزافي الانفصالي المعادي للمغرب والملك" وتجاهل الأستاذ محمد معروف بقية الفيديو رغم قصر مدته (6 دقائق).
4) لماذا يلتمس الأستاذ محمد معروف من الملك العفو عن الزفزافي والنشطاء الذين لم تحكم عليهم المحكمة بعد؟ ما معنى العفو عن متهم بريء لم تثبت إدانته بعد؟!
إلى حد هذا اليوم، 5 يونيو 2017، ما زال السيد ناصر الزفزافي وبقية المعتقلين الريفيين بريئين من الناحية القانونية، لم تثبت عليهم أية تهمة، ولم يصدر بحقهم أي حكم قضائي من أية محكمة مغربية، وما زالوا مجرد متهمين معتقلين لدى الشرطة أو النيابة العامة.
ولكن الأستاذ محمد معروف يلتمس في مقاله من الملك محمد السادس أن يصدر عفوا عن ناصر الزفزافي وبقية المعتقلين الريفيين. فما هي جريمة الزفزافي وبقية النشطاء أصلا؟ ومتى أدينوا قضائيا؟ كيف يعقل أن يتم إصدار "عفو" عن مواطنين لم يصدر بحقهم أي حكم قضائي بعد؟!
أليس المتهم بريئا إلى أن تثبت عليه التهمة بحكم قضائي؟! هل السيد محمد معروف متأكد من أن القضاء المغربي سيدين هؤلاء النشطاء المتهمين في المستقبل؟
وحتى لو أخذنا بعين الاعتبار السمعة السيئة للقضاء المغربي وتحكم السلطة التنفيذية فيه. فإن الأجدر هو أن يأخذ المرء بعين الاعتبار أن هناك احتمالية مقدارها 50% في أن يبرئ القضاء الزفزافي وبقية المعتقلين.
فالمنظمات الحقوقية المغربية والدولية والثوار الريفيون قد طلبوا إفراجا فوريا غير مشروط عن المعتقلين وليس عفوا عنهم. هناك فرق بين الإفراج والعفو. العفو يكون للمجرمين المحكوم عليهم. هؤلاء المعتقلون الريفيون ليسوا مجرمين ولا محكومين بأية عقوبة وبالتالي فلا معنى للعفو عنهم.
وحتى إذا أدِينَ الزفزافي وبقية النشطاء في المستقبل من طرف المحكمة أليس طلب العفو من الملك أو عدم طلبه مسألة شخصية بالنسبة لهم يقررون فيها بإرادتهم؟
من أعطى الحق للأستاذ محمد معروف أن يطلب العفو من الملك للسيد ناصر الزفزافي وبقية النشطاء بالنيابة عن الزفزافي وبقية المعتقلين؟
من قال للأستاذ محمد معروف أن السيد الزفزافي وبقية النشطاء يريدون عفوا ملكيا إذا أدينوا؟
من قال للأستاذ محمد معروف أن السيد الزفزافي وبقية النشطاء سيقبلون عفوا ملكيا إذا عُرِضَ عليهم؟
هل يظن الأستاذ محمد معروف أن الزفزافي وغيره قاصرون يحتاجون إلى من يطلب لهم العفو من الملك؟
5) الراية المغربية الرسمية للدولة ورايات الشعب:
لابد أن الممتعضين والمتضايقين من العلم الأمازيغي والعلم الريفي قد لاحظوا أن المتظاهرين ضد الدولة في كل المدن المغربية (الرباط، طنجة، أنفا، أكادير، الناظور) يرفعون غالبا العلم الأمازيغي وأحيانا العلم الريفي وأحيانا علم 20 فبراير وأحيانا لا يرفعون أية أعلام. ولكن غالبيتهم العظمى لا ترفع العلم المغربي الرسمي إلا نادرا.
لو تساءل الممتعضون والمتضايقون من العلم الأمازيغي والعلم الريفي عن سر إحجام كل (أو الغالبية الساحقة) من المتظاهرين المغاربة في كل المناطق (وليس فقط في الريف) عن حمل العلم المغربي الرسمي فسيعرفون أن سبب ذلك هو ارتباط العلم الرسمي بالدولة المغربية اللاديمقراطية وارتباطه بجماعات الشمكارة المأجورين الذين يقتحمون المظاهرات لإفسادها ويسبون الثوار والمتظاهرين ويهددونهم بالقتل بأوجه مكشوفة أمام الكاميرات. فالذي يتظاهر ضد الدولة لن يرفع علمها الرسمي خصوصا إذا كانت غير ديمقراطية قمعية.
هناك فرق بين الدولة والحكومة. وربما قد يرفع من يتظاهرون ضد الحكومة العلم المغربي الرسمي. ولكن نحن نعلم أن الثورة الحالية بالمغرب ليست ضد الحكومة وإنما ضد الدولة المركزية (المخزن). فالعلم الرسمي في المغرب مرتبط بالدولة المركزية (المخزن) وبالقمع البوليسي، لذلك ينفر الناس منه في أوقات غضبهم على الدولة ويحملون بدله أعلاما أخرى أبرزها العلم الأمازيغي والعلم الريفي. ولكن نفس هؤلاء المواطنين يعودون إلى حمل العلم المغربي الرسمي في الملاعب لتشجيع المنتخب المغربي وفي الأعراس والأفراح وغير ذلك لأن المناسبة مختلفة والمزاج مختلف.
إذا كان رفع العلم الأمازيغي أو الريفي عملا عنصريا انفصاليا فإن مناطق أنفا والرباط وأگادير هي أيضا ذات نزعة عنصرية انفصالية. من الأفضل طبعا أن يرفع الريفيون وبقية المغاربة العلم المغربي الرسمي بجانب العلم الريفي أو الأمازيغي أو حتى بدونهما لكي تتلاشى هستيريا الانفصال وليتم تركيز النقاش على جوهر المشكل الذي هو مركزية الدولة وتحكمها في كل صغيرة وكبيرة وتفشي الفقر والفساد المالي والإداري والقضائي وانعدام الحرية وانتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب. ولكن مزاج المتظاهرين والثوار لا يتحكم فيه أحد. والمغاربة سيستمرون على الأرجح في النفور من رفع العلم المغربي الرسمي في مظاهراتهم المضادة للدولة ما دام هناك قمع بوليسي وما دامت عصابات "الشباب الملكي" والشمكارة ترفع العلم الرسمي المغربي وتشتم به الشعب وتهدد "الزفزوفي" والريفيين بالقتل.
6) الترديد الهستيري لكلمة "الانفصال" هو الذي أدخل مفهوم "الانفصال" في عقول من لم يسمعوا به من قبل:
بسبب الترديد الهستيري المتكرر لكلمات "الانفصال .. الريف .. العنصرية .. العرق" من طرف الكتاب والمعلقين المؤامراتيين أصبحت الآن كلمة "الانفصال" وفكرة "الانفصال" في عقول مئات الآلاف من الريفيين بعد أن كانت من قبل في عقول بضع عشرات. التكرار المستمر لكلمة "الانفصال" هو الذي أدخل هذه الكلمة إلى الإعلام والجدال بعد أن كانت فكرة مهملة لا يعيرها الريفيون أي اهتمام يذكر.
الكتاب والمعلقون الذين يعجزون عن استيعاب أن الراية الريفية جزء من تاريخ المغرب وتاريخ الريف ويقولون أنها دليل على المؤامرة الانفصالية هم الذين ينفخون في الانفصال ويروجون له وينتجون أشخاصا سيقولون: "بغيتونا نكونو نفيصاليين ياك؟ صافي حنا نفيصاليين!". ولهذا السبب ظهرت شعارات في مظاهرت بالحسيمة Elḥusima والدار البيضاء Anfa من قبيل "أنا انفصالي عن الفساد والاستبداد". لو لم تكن هناك هستيريا الانفصال لما فكر أحد في صياغة هذا الشعار ولما اهتم أحد بمناقشة موضوع الانفصال السخيف. المهووسون بالانفصال والمهووسون بالرايات هم الذين يصنعون هذا المشكل بأيديهم. ومحاولتهم لإملاء شروطهم على الثوار الريفيين حول الراية التي يجب أن ترفع والراية التي لا يجب أن ترفع هي محاولة للتحكم لن تنجح. والشيء المتوقع هو أن يستمر العناد الريفي وتستمر الرايات الريفية والأمازيغية في الرفرفة عبر الريف وكل المغرب. وأية محاولة للتركيع والابتزاز والمساومة سيكون لها مفعول عكسي تماما.
المناهضون والمناوئون للثورة الريفية الذين يصفونها تارة بالعنصرية وتارة بالانفصالية وتارة بالتشيع وتارة بالتخابر مع الجزائر لم يفسروا سر امتداد الاحتجاجات الريفية إلى بقية المغرب، إلى Agadir وTawnat وAnfa وXribga وAẓilal والعديد من المدن الأخرى. ولم يفسروا سر ترديد السوسيين والطنجاويين والرباطيين والبيضاويين نفس الشعارات الريفية بحذافيرها "لا للعسكرة" و"أنا انفصالي عن الفساد والاستبداد" و"عاش الشعب". إذا كانت الثورة الريفية تحمل مشروعا ريفيا عنصريا انفصاليا فالظاهر أن هذا المشروع الريفي العنصري الانفصالي المزعوم قد وصل إلى سوس Sus والرباط Eṛṛbaṭ والدار البيضاء Anfa فأصبحت كل هذه المناطق عنصرية انفصالية!
مناهضو هذه الثورة الريفية المغربية الشعبية السلمية لا يضيعون وقتهم في الحديث عن الأسباب الجذرية للثورة الشعبية: تحكم الدولة المركزية في الرباط بكل السلطات والضرائب، وعجز الجهات والأقاليم عن تدبير مشاكلها بنفسها بسبب افتقادها لأية صلاحيات سياسية واقتصادية حقيقية تمكنها من الاستجابة لحاجات المواطنين بشكل منتظم.
بدل مناقشة الأفكار والحلول الجذرية يناقشون نوايا الأشخاص وألوان الرايات. وبدل الحديث عن الحلول الجذرية لإصلاح بنية الدولة المغربية وإرساء الفدرالية أو اللامركزية الحقيقية لكي تستطيع الأقاليم حل مشاكلها بنفسها، بدل كل ذلك، يتحدثون عن مؤامرات التشيع الخرافي والانفصال العنصري الريفي المزعوم والراية الريفية المزعجة والتغلغل الجزائري الوهمي.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.