استشعرت الدولة المغربية أخيرا فشل سياستها التواصلية من خلال الاعتماد على الإعلام الرسمي، وذلك للتفاعل مع ما عبّر عنه المواطنون في منطقة الريف من مطالب اجتماعية لمدة تناهز السبعة أشهر، والتي شهدت غيابا شبه كلي لتعاطي قنوات الإعلام العمومي وإذاعاته معها. معطيات حصلت عليها هسبريس أكدت أن وزراء حكومة سعد الدين العُثماني تلقوا توجيهات بضرورة الرفع من مستوى التواصل مع المواطنين؛ وهو ما عبر عنه مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الذي حل ضيفا على قناة "ميدي 1 تيفي" في برنامج "ساعة للإقناع" ليلة السبت، عندما قال إن "الحكومة تسعى إلى الرفع من سياسة التواصل لمواجهة حرب الشائعة"، على حد تعبيره. وحسب المعطيات التي توفرت للجريدة، فإن التوجيهات، التي أعطيت إلى وزراء حكومة سعد العُثماني بضرورة التواصل فيما يخص الاحتجاجات التي تعرفها مدينة الحسيمة، تأتي بعد الفشل الذريع الذي أبانت عنه وسائل الإعلام الرسمية من خلال عجزها عن مواكبة هذه الاحتجاجات اليومية. مسؤول حكومي تحدث لهسبريس برر هذه التوجيهات بكون مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الأجنبي تنقل صورة واحدة فقط عن هذه الاحتجاجات، مسجلا أنه "وسط هذا الكم الهائل من المعطيات التي تغزو هذه الوسائط تنتشر الشائعة بشكل كبير؛ وهو ما يستدعي التواصل اليومي مع المواطنين لنقل حقيقة ما يجري دون تهويل أو ترويج لأمور غير موجودة على أرض الواقع". وفي الوقت الذي تشتكي فيه الحكومة من كم المعطيات المتوفر في مواقع التواصل الاجتماعي، أكد أكثر من مسؤول داخل القنوات الرسمية أن هناك تخوفا كبيرا من طرفهم في معالجة هذه الاحتجاجات، موضحين أن تعاطيهم مع احتجاجات الحسيمة مرتبط بالتعليمات التي يتلقونها لمعالجة كل ما له علاقة بالموضوع. وكانت كل من قناة "ميدي 1 تيفي"، التي يسيرها حسن خيار، والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، التي يديرها فيصل لعرايشي، قد سقطتا في ما سماه البعض فضيحة مدوية؛ وذلك بعدما جرى الترويج لأحداث "شغب كروي" على أنها واحدة من مظاهر "التخريب وإضرام النار" التي اتهم بارتكابها معتقلو "حراك الريف". وجرى إرفاق بث بلاغ الوكيل العام للملك بالحسيمة، الذي أعلن فيه عن اعتقال 20 شخصا للاشتباه في ارتكابهم "جنايات وجنح تمس بالسلامة الداخلية للدولة"، صور لشغب وإضرام نار في منشآت عمومية وشوارع المدينة؛ وهو الحادث الذي دفع عمر بلافريج، النائب البرلماني عن فيدرالية اليسار، إلى توجيه سؤال كتابي إلى محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال، بخصوص الصور التي جرى عرضها. واعتبر البرلماني المذكور أن "هذه الأساليب تذكر بما تقوم به وسائل الإعلام في الدول الفاشية من تزوير وتشويه للوقائع والحقائق، بالإضافة إلى كونها تعمق أزمة الثقة بين المواطن المغربي وبين الدولة"، مطالبا الوزير الوصي بما يعتزم هذا الأخير "القيام بها من أجل الحد من هذه الممارسات، وجعل الإعلام العمومي فضاء محايدا هدفه الرئيسي تنوير الرأي العام".