دخلت منظمة العفو الدولية على خط "حراك الريف" وما شهده من اعتقالات طالت عددا من النشطاء، إذ اعتبرت أنها حملة إيقاف "مروعة على خلفية احتجاجات تطالب بإنهاء تهميش المجتمعات المحلية وتحسين فرص الوصول إلى الخدمات في المنطقة". أمنستي أوردت في بيان مفصل توصلت به هسبريس أن بعض المحتجزين حرموا من الوصول الفوري إلى محاميهم لدى مركز الشرطة، وفي بعض الحالات، حسب المحامين الذين تمكنوا من رؤية موكليهم في المحكمة بالحسيمة، لاحظوا أن المحتجزين يحملون آثار جروح واضحة ويزعمون أنهم تعرضوا للضرب عند القبض عليهم. وأفادت المنظمة بأن هناك "مخاوف أيضا من أن المحتجين والمدونين السلميين الذين قاموا بتغطية الاحتجاجات عبر شبكات التواصل الاجتماعية يمكن أن يتعرضوا بدورهم للمحاكمة بالتهم المحتملة المتعلقة بأمن الدولة". وعبرت المنظمة على لسان هبة مرايف، مديرة قسم أبحاث شمال أفريقيا ل"أمنستي"، عن تخوفها من أن "تكون هذه الحملة الواسعة من الاعتقالات محاولة متعمدة لمعاقبة المتظاهرين في الريف بسبب شهور من المعارضة السلمية، في وقت يتعين على السلطات المغربية أن تحترم الحق في حرية التعبير والتجمع، وعدم اللجوء إلى حرمان المتهمين بارتكاب جرائم معترف بها قانونا من الحق في محاكمة عادلة.. وقالت العفو الدولية إن موجة الاحتجاجات استعرت عندما انتقد زعيم الحراك الريفي "ناصر الزفزافي" علنا إماما أثناء صلاة الظهر في مسجد في الحسيمة في 26 ماي الأخير، بسبب تصريحات ادعى أنها تعارض الاحتجاجات الشعبية في الريف، وفي وقت لاحق تم نشر شريط عن هذا الحادث على مواقع التواصل الاجتماعي وتم اعتقاله بعد ذلك بأيام. وواصلت المنظمة عبر بيانها سرد كرونولوجيا الأحداث التي تلت إيقاف الزفزافي ونشطاء الحراك، إذ أوردت أنه "في الفترة ما بين 26 و31 ماي 2017 اعتقلت قوات الأمن ما لا يقل عن 71 شخصا عقب ذلك بالحسيمة وإمزورن وبني بوعياش، وتصاعدت حدة بعض الاحتجاجات بإلقاء الحجارة على قوات الأمن التي قامت في بعض الأحيان باستخدام مدافع المياه والغاز المسيل للدموع ردا على ذلك، وأبلغ عن إصابات في كلا الجانبين؛ وإثر ذلك تم اعتقال العديد من الناشطين، بمن فيهم المتظاهرون السلميون والمدونون الذين وثقوا الأحداث على شبكات التواصل الاجتماعية". وأضافت المنظمة أنه تجرى الآن محاكمة 33 شخصا على الأقل بعد أن وجهت لهم النيابة العامة في الحسيمة عددا من التهم، تشمل الاعتداء على الموظفين العموميين وإلقاء الحجارة والتمرد والتجمع غير المأذون به، موردة أنه تم رفض طلب إطلاق سراح 26 منهم من الاحتجاز قبل المحاكمة، وأرجئت القضية حتى 6 يونيو، ولازالوا محتجزين في سجن الحسيمة المحلي. ونقلت "أمنستي" عن محامين أن إصابات واضحة بدت على وجوه وأجساد العديد من المتهمين الذين مثلوا أمام النيابة العامة في الحسيمة، وقالوا إن المتهمين وصفوا كيف تم ضربهم وركلهم وصفعهم من طرف ضباط الشرطة عند القبض عليهم وأثناء نقلهم إلى مراكز الشرطة. وأفاد كثيرون بأنهم تعرضوا للإهانة و/أو التهديد من قبل الضباط الذين ألقوا القبض عليهم، بما في ذلك تهديدهم بالاغتصاب. وقال آخرون إنهم وقعوا على تقارير استجواب دون أن يعلموا أن صفحات إضافية ألحقت بالمحاضر دون موافقتهم. وأمرت النيابة العامة بإجراء فحوص طبية في عدة حالات. كما أخبر المحامون منظمة العفو الدولية بأنهم لم يتمكنوا من زيارة أي من موكليهم أثناء احتجازهم لدى الشرطة في الحسيمة. كما لم تقم الشرطة القضائية بإخطار أقارب المحتجزين بمكان وجودهم، ما منعهم من تنصيب محامين للنيابة عنهم، ما حال دون حصول الدفاع على إذن من النيابة العام بزيارة المحتجزين لدى الشرطة قبل انقضاء مهلة ال24 ساعة التالية للاعتقال، كما هو منصوص عليه بموجب القانون. وزادت المنظمة الدولية: "لقد تم نقل 31 من 71 معتقلا في الفترة ما بين 26 و31 ماي إلى الدارالبيضاء لاستجوابهم من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وهو جهاز أمن وطني يتولى التحقيق في الجرائم الخطيرة، بما في ذلك أمن الدولة وجرائم الإرهاب. ورغم أن المتهمين لم توجه إليهم إلى حد الآن تهم محددة، إلا أن ذلك يثير مخاوف من أن تتابعهم السلطات بجرائم أمن الدولة". وقالت هبة مرايف: "ما يثير بواعث القلق أن تلجأ السلطات إلى استخدام تهم المس أمن الدولة لمعاقبة الناشطين المشاركين في الاحتجاجات. وإلى حدود أمس، لم يتمكن المحامون إلا من زيارة مجموعة تضم 22 من أصل 31 محتجزا في الدارالبيضاء، وأخبر معظمهم المحامين بأن ضباط الشرطة قد أهانوهم وهددوهم، وفي بعض الحالات ضربوهم وركلوهم، سواء عند القبض عليهم أو أثناء نقلهم إلى مركز الشرطة أو في مركز الشرطة في الحسيمة، إلا أنهم أبلغوا عن أن ظروف لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية مرت في أجواء عادية. ومن المقرر أن تتم إعادة المعتقلين إلى الحسيمة لحضور جلسة استماع أمام النيابة العام في محكمة الاستئناف لهذه المدينة". وشددت "أمنستي" على أن المحامين لم يتمكنوا بعد من رؤية مجموعة من سبعة محتجزين آخرين، بمن فيهم زعيم الحراك الريفي ناصر الزفزافى الذي تأخرت السلطات القضائية في تمكينه من الوصول إلى المحامين. ومن المتوقع أن يتلق المعتقلون زيارات دفاعهم في ال5 من يونيو الجاري. وقالت هبة مرايف إن "المعتقلين يكونون أكثر تعرضا لانتهاكات حقوق الإنسان في الساعات الأولى التالية للاعتقال، خاصة إذا كانوا منقطعين عن العالم الخارجي، لذلك فإن إخطار الأسر والوصول الفوري إلى المحامين أمر حتمي وجد ضروري". وعادت العفو الدولية في بلاغها إلى اللحظات التي تلت واقعة المسجد بالحسيمة، إذ قالت إن قوات الأمن قامت باقتحام منزل زعيم الحراك الريفي ناصر الزفزافي الذي يقيم فيه مع أبويه خلال غيابه، كما ألحقت أضرارا بالممتلكات وصادرت كتبا تعود إلى والديه المسنين؛ وفي 29 ماي، ألقي القبض عليه بعد عملية مطاردة متطورة ومحاصرة المنازل المجاورة، وتم نقله بطائرة هليكوبتر إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في الدارالبيضاء. وعبرت منظمة العفو الدولية من خلال بلاغها عن خشيتها أن تكون الطريقة التي اعتقل بها ناصر الزفزافي والبيانات الرسمية التي تصف الجرائم المشتبه في ارتكابها قد انتهكت قرينة البراءة له وللناشطين الذين اعتقلوا معه، متطرقة لما قالت إنها "صور وأشرطة مسربة عن اعتقاله وهو مقنع الوجه ومجبر على خفض رأسه إلى الأسفل"، ومعبرة عن تخوفها من أن يكون قد تعرض للإهانة وسوء المعاملة.