يحلو للصينيين تسمية الصرعات التي تبدأ من لا شيء ثم تنتشر انتشار النار في الهشيم ب"الحمى". وخلال السنوات الأخيرة انتشرت في الصين "حمى السيلفي" و"حمى الهواتف الذكية و"حمى الدراسة في الخارج". وخلال الشهور الماضية ظهرت حمى من نوع آخر، وهي "حمى تشارك الدراجات". فقد غمرت الدراجات الملونة المدن واجتاحت الأرصفة، وفي كثير من الأحيان، غيرت طريقة انتقال الناس. بإمكان المستخدمين تشغيل الدراجات باستخدام تطبيقات على الهواتف الذكية، واستخدامها مقابل 0.5 يوان (7 سنتات) فقط لكل 30 دقيقة. وبعد ذلك يمكن إيقافها في أي مكان مناسب. وقد تم تجهيز الدراجات بما يحتاجه المستخدمون، فقد تم تزويدها بتقنية تحديد المواقع، كما تم تلوينها بألوان زاهية، وكان الأكثر شعبية منها تلك الملونة بالبرتقالي والفضي، والأصفر، والأزرق. وقد أحب المستخدمون هذه الدراجات لأنها تحقق لهم الراحة وفي نفس الوقت فإنها منخفضة التكلفة، وإن كان البعض يشككون في الجدوى المادية لهذه الوسيلة الرخيصة والمبهجة. يقول آن ييرو /28 عاما/، ويعمل منتجا في بكين، إنه يقفز على إحدى الدراجات لتوفير الوقت في مسافة الكيلومتر الفاصلة بين قطار الأنفاق ومكتبه، والتي كانت الوسيلة البديلة لقطعها هي السير. ويصف جيا يانجيانج ، /26 عاما/ ويعمل مترجما، الدراجات بأنها "نعمة"، ويضيف :"نادرا ما أركب الحافلة في الرحلات القصيرة لأنني سريع جدا". ويرى أصحاب الأعمال الناشئة المشاريع بأنها "أوبر بالنسبة للدراجات". وتماما مثل شركات الاستخدام المشترك للسيارات من قبل، فقد جذبت مئات الملايين من الدولارات كرأس مال استثماري مغامر. وقد أطلق موظف سابق في أوبر بالصين أواخر عام 2015 شركة "موبايك"، وهي واحدة من أكبر الشركات من حيث جذب التمويل، حيث جذبت العام الجاري 300 مليون دولار كرأس مال مغامر. أما منافستها الأبرز "أوفو" فقد أسسها خريجون من جامعة بكين عام 2014 واكتسبت شعبية في بادئ الأمر في جامعات بكين. وقد جذب انطلاق المشروع في آذار/مارس الماضي 450 مليون دولار من مستثمرين من بينهم شركة تشارك الدراجات ديدي شوكسينج. وقد أصبح كل من "أوفو" و "موبايك" من بين تلك الشركات التي يطلق عليه اسم "أحادية القرن" وهو لقب يُطلق على الشركات حديثة التأسيس التي تقدر قيمتها بمليار دولار أو أكثر. وقد ظهرت ما لا يقل عن 30 شركة شبيهة في مختلف المدن الصينية. ويقول المراقبون إن المستثمرين يضخون بها الكثير من رأس المال وكأنهم يخشون من تضييع فرصة نادرة. ويرى المحللون أن الربحية قد تغيب عن هذه الشركة لفترة طويلة. يقول الخبير المتخصص في الأعمال عبر الإنترنت جيو تاو :"حاليا، لا تحقق أي شركة أرباحا من الفكرة ... جميعها تعمل من أجل تأمين حصة من السوق". وفي مسعى لجذب المستخدمين، تذهب الشركات في عروضها بعيدا مثل تقديم رحلات مجانية بدراجاتها، وفي حالة "موبايك" تعطي المستخدمين مكافآت ائتمانية أو نقدية لاستعادة الدراجات من المناطق النائية أو التي يصعب الوصول إليها. يقول المحللون إن الناس أحيانا ما يسرقون أو يخربون الدراجات، أو يقومون بخدش ال"كيو آر كود" الخاص بالدراجة، ما يجعلها عديمة الفائدة ويجعل فجأة فكرة الربحية أمرا بعيد المنال. يقول آن :"أرى المزيد والمزيد من الدراجات التي تم تغيير أقفالها أو تخريب أكوادها ... في البداية، كانت المشكلة الأكبر هو أنه أحيانا لم تكن هذه الدراجات متوفرة. والآن هناك المزيد من الدراجات، ولكن أيضا المزيد من الدراجات المكسورة". يقول جيفري توسون أستاذ الاستثمار في جامعة بكين إنه رغم أن سكان المناطق الحضرية في الصين معروفون بحبهم للدراجات، فإن نموذج المشروع نفسه ليس مربحا. ويوضح أنه حتى توسيع نطاق المشروع لا يوفر ميزة كبيرة لأنه لا يخفض "هيكل تكلفة الوحدة" بصورة كبيرة. وبعبارة أخرى فإنه إذا ما نجحت "موبايك" و"أوفو" في إضافة المزيد من العملاء، فإنهم سيكونون بحاجة إلى شراء وصيانة المزيد من الدراجات. ويرى تشاو جين الأستاذ بجامعة النقل في بكين أن الحكومات المحلية يمكن أن تكون عاملا حاسما في نجاح شركات مشاركة الدراجات. *د.ب.أ