خرج دفاع عائلة محسن فكري، بائع السمك الذي قتل طحنا داخل آلية لجمع النفايات في 28 أكتوبر الماضي، بمعطيات مثيرة حول ملابسات التحقيق والبحث ومحاكمة المتهمين، ساعات بعد القرار الصادر عن غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية الحسيمة، القاضي بعقوبات حبسية نافذة تتراوح ما بين خمسة وثمانية أشهر، معتبرا أن تلك الأحكام أثارت اندهاشه وأسرة الضحية. أنوار بلوقي، دفاع ذوي حقوق الراحل محسن فكري، الذي كان يتحدث مساء اليوم الخميس في ندوة صحافية بالحسيمة، اعتبر أن قضية "سماك الحسيمة" ليست فقط فعلا منسوبا لفاعل أو ضغطة زر طائشة أودت بحياة الراحل، وزاد: "من تسبب في قتله هي ظروف إدارة تُسيّر بعقلية تقليدية وطريقة فيها كثير من الإهانة والشطط في استعمال السلطة ومخالفة القانون"، مشيرا إلى أن هناك "عدة أسئلة مطروحة لم توجد لها الإجابة طيلة فترات التحقيق والبحث والحكم القضائي". ليلة الطحن وتوقف المحامي بهيئة طنجة عند تفاصيل عملية طحن الراحل فكري بقوله إن الأخير "تألم كثيرا في وفاته، إذ ظلت أحشاؤه تعتصر داخل آلة الطحن منذ الساعة العاشرة والنصف من ليلة الحادثة إلى الساعة الحادية عشرة و15 دقيقة"، وزاد: "رغم أن التشريح الطبي لم يبين ذلك لكنه تألم كثيرا"، مضيفا: "ظل 75 دقيقة وهو يطحن.. طالع الإهمال والتبخيس من حقه قبل أن يتعرض للفاجعة". واستمر بلوقي في كشف ملابسات تلك الليلة، مستندا إلى أقوال الشهود، ومن ضمنهم شقيق الضحية الذي حضر دقائق بعد بدء عملية الطحن الدامية، بقوله: "تمت الاستعانة في البداية بآلة حديدية لتخليص الراحل من قبضة آلة الطحن، ثم بعد ذلك بعشرين دقيقة تمت المناداة على تقني متخصص من شركة بيزورنو حاول بطريقة كاريكاتيرية فعل ذلك، إلى أن تم استقدام رافعة خلصته على الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا..ظل مطحونا لمدة ساعة و15 دقيقة". وحمل المحامي المسؤولية عن ذلك إلى مصالح الوقاية المدنية بقوله: "كانت مسؤولية هذا المرفق بسبب إهماله وتقاعسه.. القانون يعاقب كل شخص عادٍ على عدم تقديمه المساعدة لشخص آخر في خطر، فما بالك إن تعلق الأمر بموظف في مصلحة الوقاية المدنية تدخل بطريقة بئيسة"، مشيرا إلى أن ملتمس الدفاع للمحكمة استدعاء المدير الجهوي للوقاية المدنية بالحسيمة تم رفضه. وهاجم دفاع أسرة الراحل محسن فكري شركة "بيزورنو" الفرنسية، المكلفة بالتدبير المفوض في قطاع النفايات بالحسيمة، بالقول إنها "مشاركة في الجريمة لأنها لم توفر وسائل الوقاية والسلامة وحتى أساليب التدخل السريع"، واصفا مسؤوليها، الذين رفضت المحكمة استدعاءهم بناء على طلب الدفاع، بأنهم "يستغلون بشكل بشع المستخدمين الذين يزاولون عملهم في ظروف جد صعبة". رفض ملتمسات إلى ذلك، كشف بلوقي أن المحكمة رفضت عددا من ملتمسات دفاع ذوي الحقوق في استدعاء مسؤولين حكوميين وأمنيين، من بينهم وزير الفلاحة والصيد البحري، ووزير الداخلية، والمدير العام للأمن الوطني، مضيفا: "كان من الواجب استدعاؤهم بغرض توضيح ملابسات القضية وتكريس الفصل 6 من الدستور الذي يجعل جميع المغاربة سواسية أمام القانون..حاولنا إقناع المحكمة عبر نصوص قانونية تتيح للقاضي استدعاء كل من يراه مفيدا للقضية، لكننا أصبنا بالإحباط ونحن نرى طلباتنا ترفض أكثر من مرة". وفيما اعتبر المتحدث أن رفض تلك الطلبات "تضييع للحقيقة"، وفق تعبيره، كشف أن قاضي التحقيق استجاب في مرحلة البحث لطلب تفريغ المكالمات الهاتفية التي أجراها الراحل محسن فكري مع عدد من الشخصيات، موضحا أن "الأمر يتعلق بحوالي 100 مكالمة هاتفية وجدت على هاتفه في ذلك اليوم، أجري بعض منها مع مسؤولين أمنيين وتم الاستماع إليهم"، وزاد مستدركا: "لكننا لم نتوصل كدفاع بمحتواها رغم ملتمساتنا المتكررة". الحكم والحراك وكشف دفاع "سماك الحسيمة" أن الأحكام الصادرة مساء أمس الأربعاء في حق المتهمين تبقى غير نهائية، مع إعلان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة أن النيابة العامة بادرت إلى استئناف ما نطق به القضاء الجالس. من جهة أخرى؛ أشار أنوار بلوقي إلى أن "الأحكام غير منصفة للقضية، وليس فقط للضحية وعائلته"، وزاد: "اندهشنا منها"؛ فيما فضل عدم التعليق على مدى تأثير تلك الأحكام على الاحتقان الذي تعيشه الحسيمة منذ الفاجعة، مكتفيا بالقول: "للحراك تقديراته".