عبّر نشطاء حقوق الإنسان في سوريا عن غضبهم من لجوء السلطات الجزائرية إلى إبعاد العشرات من اللاجئين السوريين بشكل جماعي صوب الحدود مع المغرب جنوبا، مثمنين في الوقت ذاته استقبال المملكة لعديد منهم منذ ثلاث سنوات، حين أقدمت الجارة الشرقية للمغرب على تنفيذ العملية نفسها المثيرة للاستنكار. المجلس الوطني لحقوق الإنسان بسوريا استنكر، في بلاغ له توصلت به هسبريس، "قيام الحكومة الجزائرية إبعاد 55 لاجئا سوريا، غالبيتهم من النساء والأطفال ومنهم الحوامل. وبالتالي من الفئة الهشة وبشكل جماعي من الجزائر باتجاه الحدود المغربية"، مضيفا أنه "لا يمكن أن يكون هناك نزوح جماعي للنساء والأطفال دون علم ومعرفة حرس الحدود الجزائرية والسلطات المعنية". كما عبّر المجلس، وهو هيئة سورية مستقلة غير حكومية، عن رفضه لما وصفه ب"استغلال قضية اللاجئين السوريين كناحية إنسانية لابتزاز أو الضغط والإساءة إلى المملكة المغربية"، منبها إلى أن هذه العملية المتعلقة باستبعاد اللاجئين تعد الثانية من نوعها التي تنفذها السلطات الجزائرية "كاستبعاد بنفس الطريقة عام 2014 واستقبلهم المغرب الشقيق". وتابع المصدر ذاته قولا: "إن المملكة المغربية الشقيقة قامت بواجبها الإنساني باستقبال اللاجئين السوريين وتأمين الحماية القانونية لهم وتسوية أوضاعهم وتم احتضانهم من قبل الشعب المغربي الشقيق وتقديم كافة المساعدة الإنسانية لهم، سواء من أهل الخير أو جمعيات المجتمع المدني بالإضافة لما تقدمه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالرباط"، مضيفا: "نقدر الهواجس الأمنية للمملكة المغربية الشقيقة وحقها في اتخاذ كافة التدابير الأمنية والتحقيقية والبحثية حول العالقين على الحدود، حتى لا يكون بينهم أي مندس لزعزعة استقرارها". وفي هذا السياق، يرى قتيبة قاسم العرب، الناطق الرسمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بسوريا، أن الجزائر خالفت بإجراءاتها اتفاقية جنيف لعام 1951 التي تشكل مرجعية قانونية للمعايير الدولية لمعاملة اللاجئين، موضحا أن "المادة 33 تؤكد على مبدأ حظر الطرد أو الرد في حق اللاجئين.. "يحظر على الدولة المتعاقدة طرد أو رد اللاجئ بأية صورة إلى الحدود أو الأقاليم حيث حياته وحريته مهددة"، على أن حماية اللاجئين "مسؤولية الدول الموقعة على الاتفاقية". وحسب قاسم العرب، فإن مشكلة اللاجئين تبقى "صورة تعكس بوضوح انتهاكات حقوق الإنسان على المستوى العالمي"، لافتا إلى أن "كثرة أعداد النازحين قسرا واللاجئين نتيجة تفاقم الحروب الأهلية بين الأنظمة السياسية القائمة وميليشيات المعارضة، والمجموعات الإرهابية.. تسبب في عجز مفوضية الأممالمتحدة على توفير الحماية والمساعدة للاجئين ضد ما يرتكب في حقهم من إبادة وتعذيب وقطع الأعضاء وممارسات وحشية يندى لها جبين الإنسانية، ومعاناة لغياب المستلزمات الضرورية للحياة كالأكل والماء والمأوى والملبس والدواء". وكما أن إعلان الأممالمتحدة بشأن الملجأ الإقليمي الذي أصدرته الجمعية العامة في 14 ديسمبر سنة 1976 يتضمن نصا يقضي بأنه "لا يجوز أن يتعرض أي شخص من المشار إليهم لإجراءات المنع من الدخول عند الحدود، أو الأبعاد أو الإعادة جبرا إلى أية دولة قد يتعرض فيها للاضطهاد"، وعلى الرغم من أن هذا الإعلان في حد ذاته غير ملزم للدول على اعتبار أنه قد صدر في صورة توصية، إلا أنه لما كانت هذه التوصية قد وافقت عليها الجمعية العامة بالإجماع، فإن ذلك يضفي عليها طابعا إلزاميا". وفيما ناشد حقوقيو المجلس السوري المملكة المغربية "بحل هذه المأساة الإنسانية للنساء والأطفال والسماح بدخولهم إن لم يكن هناك خطر على الأمن القومي.. بعد القيام بكل الإجراءات المطلوبة"، اقترحوا تشكيل لجنة حقوقية مغربية تضم نشطاء سوريين تحت إشراف المجلس الوطني لحقوق الإنسان CNDH للقاء اللاجئين السوريين العالقين على الحدود للوقوف على خلفية ما حدث معهم وتقديم شكوى للأمم المتحدة لخرق الاتفاقيات الدولية وتهديد حياتهم وحريتهم بالتوازي مع طلب من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالرباط بتقديم المساعدات الغذائية والطبية لهم على الحدود ريثما يقرر وضعهم النهائي". وكانت الداخلية المغربية قد استنكرت، في بيان لها، ما وصفته ب"التصرفات اللاإنسانية للسلطات الجزائرية تجاه مهاجرين سوريين محاصرين على أراضيها"، مؤكدة "محاصرة السلطات الجزائرية لمواطنين سوريين على الحدود القريبة من مدينة فجيج بعدما سُمح لهم بالوصول إلى هذه المنطقة عبر التراب الجزائري على شكل أفواج منذ ليل الاثنين الماضي".