أهداف مزدوجة ودلالات متعددة ورسائل للداخل والخارج، تضمنتها حزمة الأوامر الملكية، التي أصدرها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، السبت، وبلغت نحو 43 أمراً، وشملت مختلف مفاصل الدولة (إمارات المناطق، وعدد من الوزارات والمؤسسات الرياضية والثقافية والعسكرية والأمنية والاقتصادية). وكان أبرز ملامح تلك الأوامر ضخ دماء شابة في شرايين الجهاز الإداري للدولة، عبر تعيين 13 أميرا من الشباب (تتراوح أعمارهم من 29 إلى 57 عاما) لتولي العديد من المناصب (وزيرا وسفيرا (نجلا العاهل السعوي) و3 أمراء مناطق و8 نواب لأمراء المناطق). كذلك، احتوت الأوامر على إعفاء أحد الوزراء من منصبه لارتكابه تجاوزات، وتشكيل لجنة وزارية للتحقيق معه، في سابقة في السعودية، تعزز سياسة الحزم والمحاسبة الذي اتبعها العاهل السعودي منذ توليه الحكم قبل اكثر من عامين، وتعزز معايير النزاهة ومكافحة الفساد، وتؤكد أنه لا أحد فوق المساءلة. وتدفع كل تلك الأوامر نحو "سعودية جديدة"، ظهرت ملامحها مع تولي الملك سلمان الحكم، تسعى باستمرار إلى تفعيل دور الكفاءات الشابة للدفع قدما بتحقيق رؤية المملكة 2030، كما تتميز بديناميكية مستمرة من خلال حزم الأوامر الملكية التي تصدر بين الفينة والأخرى وأصبحت نهجا ثابتا للعاهل السعودي منذ توليه الحكم. وفي السطور التالية تستعرض "الأناضول" بشئ من التفصيل أبرز ملامح تلك الأوامر الملكية وما احتوته من رسائل ودلالات. أنجال العاهل السعودي.. رسالة لواشنطن وتوقيت هام قضى أحد الأوامر الملكية بإعفاء الأمير عبدالله بن فيصل بن تركي بن عبدالله، سفير المملكة لدى أمريكا من منصبه، وتعيين الأمير خالد - 29 عاما- (نجل العاهل السعودي) بدلا منه. وتعيين الأمير خالد، الطيار في القوات الجوية السعودية، سفيرا للمملكة في واشنطن، يحمل الكثير من الرسائل والدلالات حيث يعكس رغبة متنامية من المملكة لتعزيز علاقتها بواشنطن خلال عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. كما أن الخلفية العسكرية لخالد، الذي سبق أن كشفت تقارير - لم تنفها السعودية- أنه شارك في أول ضربة جوية نفذتها السعودية ضد تنظيم داعش في 23 شتنبر 2014، ضمن مشاركتها في تحالف دولي ضد التنظيم، وكذلك شارك في الضربات الجوية ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن التي تقوده السعودية، كل هذا ينبئ بدور مرتقب له في تعزيز التعاون الدفاعي والعسكري بين الرياضوواشنطن، إضافة إلى التعاون في جهود مكافحة الإرهاب. وقضى أمر آخر بتعيين "الأمير عبد العزيز -57 عاما- (نجل العاهل السعودي) وزير دولة لشؤون الطاقة في وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية بمرتبة وزير". يأتي هذا التعيين ليعزز وجود أنجال العاهل السعودي في الوزارت الهامة في تلك المرحلة الهامة في تاريخ المملكة، ولا سيما مع قرب موعد أكبر اكتتاب محتمل في العالم، والخاص بشركة "أرامكو السعودية" - أكبر شركة نفط في العالم - العام القادم. وبموجب ذلك الأمر تم استحداث منصب وزير دولة لشؤون الطاقة في وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، التي تعد من أهم وزارات المملكة. دماء شابة من هرم السلطة إلى مفاصل الدولة أيضا، قضت الأوامر الملكية بإعفاء 3 من أمراء المناطق وتعيين خلفاء لهم، إضافة إلى تعيين 8 نواب لأمراء المناطق، وجميع المعينيين هم من أحفاد وأنجال أحفاد مؤسس السعودية الملك عبدالعزيز آل سعود، في خطوة تعكس توجه القيادة السعودية لضخ دماء شابة في مختلف مفاصل وشرايين الجهاز الإداري للدولة ، وإعداد الصف الثاني في مختلف إمارات المناطق (من خلال تعيين 8 نواب لأمراء المناطق). وبهذا تكون شملت الأوامر 11 منطقة من إجمالي 13 منطقة في المملكة، في أكبر حركة تعيينات تشمل إمارات المناطق. وبموجب تلك الأوامر، تم إعفاء الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز أمير منطقة حائل من منصبه وتعيين الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز بدلا منه، وإعفاء الأمير مشاري بن سعود بن عبد العزيز أمير منطقة الباحة من منصبه وتعيين الأمير حسام بن سعود بن عبد العزيز(57 عاما) بدلا منه. كما أعفى أمر آخر الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز بن مساعد بن جلوي أمير منطقة الحدود الشمالية من منصبه وتم تعيين الأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبد العزيز (44 عاما)بدلا منه. وشملت الأوامر تعيين 8 نواب لأمراء المناطق من الشباب. وتعزز تلك الحزمة من الأوامر، توجهات العاهل السعودي في قيادة المملكة لما بات يوصف "بسعودية جديدة" ، للشباب فيها دور بارز. وكان العاهل السعودي قد قام في أعقاب توليه الحكم في 23 يناير 2015، بإصدار 6 أوامر ملكية من بينها تعيين الأمير محمد بن نايف (57 عاما) وليا لولي العهد ووزيرا للداخلية، ليكون بذلك صاحب قرار إدخال أول أحفاد الملك عبدالعزيز، مؤسس السعودية، في هرم السلطة، وتعييّن نجله الأمير محمد (31 عاما) وزيرا للدفاع، كأول حفيد للملك عبدالعزيز يتولى المنصب. وبعد أقل من 97 يوما من تولي الحكم، أصدر 25 أمرا ملكيا في 29 أبريل/نيسان 2015، شملت إعفاء الأمير مقرن بن عبد العزيز (71 عاما) من منصب ولي العهد "بناءً على طلبه"، وتعيين الأمير محمد بن نايف محله، وتعيين نجل الملك، الأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد، وبذلك يكون رسخ أقدام الجيل الثاني من نسل الملك عبدالعزيز في هرم السلطة، وضخ دماء جديدة في شرايين السلطة، من شأنها أن ترسم ملامح المستقبل. وتأتي الأوامر الملكية الصادرة السبت لتعزز ضخ الدماء الشابة من هرم السلطة إلى مفاصل الدولة. تغييرات في الوزارات.. والتحقيق مع وزير أيضا شملت الأوامر إجراء تغييرات واسعة في المؤسسات العسكرية والاقتصادية والرياضية والخدمية، شملت قيادات الصف الأول والثاني في تلك المؤسسات. كما قضى أحد الأوامر لإعفاء وزير لارتكابه تجاوزرات في سابقة في السعودية. و قضت 3 أوامر ملكية بإعفاء 3 وزراء وتعيين خلفاء لهم، حيث تم إعفاء محمد بن إبراهيم السويل وزير الاتصالات وتقنية المعلومات من منصبه وتعيين عبد الله بن عامر السواحة بدلا منه، وإعفاء عادل بن زيد الطريفي وزير الثقافة والإعلام من منصبه وتعيين عواد بن صالح بن عبد الله العواد بدلاً منه. كما أصدر العاهل السعودي، أمراً ملكيا بإعفاء خالد بن عبدالله العرج وزير الخدمة المدنية من منصبه وتكليف عصام بن سعد بن سعيد وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء بالقيام بعمله. وأوضح الأمر الملكي أن هذا القرار جاء "بعد الاطلاع على ما رفعه رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وما رفعه رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، والتي تبين من خلالها ارتكاب خالد بن عبد الله العرج وزير الخدمة المدنية تجاوزات بما في ذلك استغلاله للنفوذ والسلطة". وقضى الأمر نفسه "بتشكيل لجنة وزارية في الديوان الملكي لاستكمال الإجراءات النظامية اللازمة للتحقيق مع العرج فيما ارتكبه من تجاوزات". وتعد هذه سابقة في المملكة أن يتضمن أمر ملكي صراحة أن أسباب إعفاء وزير هو ارتكابه تجاوزات، بل وإحالته للتحقيق بموجب الأمر نفسه. ولم يحدد الأمر تلك التجاوزات، إلا أن وسائل إعلام سعودية قد أثارت في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2016، قيام العرج بتعيين نجله، في إحدى الوزارات، مقابل راتب شهري مرتفع. ويعزز هذا الأمر سياسة الحزم الذي أصبحت نهجا للعاهل السعودي، أكد عليه في أول كلمة متلفزة له بعد توليه السلطة تم بثها بتاريخ 10 مارس 2015، ووجه فيها رسالة للمسئولين قائلا: "لن نقبل أي تهاون". وقضى أحد الأوامر بإعفاء الفريق ركن عيد بن عواض بن عيد الشلوي قائد القوات البرية من منصبه، وتعيينه مستشاراً في مكتب وزير الدفاع برتبة فريق ركن. وقضى الأمر نفسه بترقية اللواء الركن فهد بن تركي بن عبد العزيز آل سعود إلى رتبة فريق ركن وتعيينه قائداً للقوات البرية. كما تم إعفاء الأمير عبد الله بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود رئيس الهيئة العامة للرياضة ورئيس مجلس إدارتها من منصبه، وتم تعيين محمد بن عبد الملك آل الشيخ رئيساً لمجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة. كذلك صدرت أوامر بتعيين إبراهيم بن عبد الرحمن العمر محافظاً للهيئة العامة للاستثمار بمرتبة وزير، وعلي بن عبد الرحمن الحازمي محافظاً للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، وخليل بن مصلح الثقفي رئيساً عاماً للهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة بالمرتبة الممتازة، وأحمد بن عبدالعزيز الحقباني مديرا عاما للجمارك. كذلك كان لافتا ضخ دماء جديدة في الوزارات من خلال تعيين 5 نواب وزراء في 5 وزارات مختلفة، حيث قضت الأوامر بتعيين سعد بن عبدالعزيز الخلب نائباً لوزير النقل، ومنصور بن هلال بن مرزوق العنزي نائباً لوزير البيئة والمياه والزراعة، وطارق بن عبدالعزيز الفارس نائباً لوزير الشؤون البلدية والقروية، وماجد بن عبدالله البواردي نائباً لوزير التجارة والاستثمار، وعبدالرحمن بن محمد العاصمي نائباً لوزير التعليم . مركز للأمن الوطني.. وعسيري نائب للاستخبارات على الصعيد الأمني، أصدر العاهل السعودي توجيها باعتماد إنشاء مركز باسم "مركز الأمن الوطني" يرتبط تنظيمياً بالديوان الملكي، وإحداث وظيفة في الديوان الملكي باسم "مستشار الأمن الوطني". وقضى أمر ملكي بتعيين محمد بن صالح الغفيلي مستشاراً للأمن الوطني بالمرتبة الممتازة. وتأتي تلك الخطوة لتعزيز أمن واستقرار المملكة، في ظل التحديات التي تواجه المنطقة، ولا سيما على صعيد مكافحة الإرهاب. أيضا قضى أحد الأوامر بإنهاء خدمة الفريق الأول الركن يوسف بن علي الإدريسي نائب رئيس الاستخبارات العامة وإحالته إلى التقاعد، وتعيين أحمد بن حسن بن محمد عسيري (المتحدث باسم التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن) نائباً لرئيس الاستخبارات العامة بالمرتبة الممتازة. ويأتي تعيين عسيري ذو الخلفية العسكرية في هذا المنصب الأمني الهام بعد البلاء الحسن الذي أبلاه كمتحدث باسم التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، إضافة إلى ما يملكه من خبرات تحتاجها المملكة في تلك الفترة الهامة. *وكالة الأنباء الأناضول