تجربة فريدة لجعل شاطئ أورير نظيفا تلك التي أقدم عليها ناد لركوب الموج بأورير، 13 كيلومترا شمال أكادير. تقضي الفكرة بأن يجمع كل منخرط كيسا من الأزبال من الشاطئ كي يحصل على لوح ركمجة ليمارس رياضته المفضلة. المستفيدون من خدمات هذا النادي الذي يشرف عليه البطل المغربي في ركوب الموج عبد الله لغزال، لا يقتصرون على تنظيف الشاطئ بشكل يومي فحسب، بل يشترط هذا النادي الذي تأسس سنة 2001 أن يكون التلميذ الذي يرغب في الانخراط مجتهدا يحصل على نتائج جيدة، وألا يكون من المدخنين أو الذين يتعاطون أي نوع من المخدرات والمسكرات، وإلا فتسقط عنه العضوية، ويحرم من ركوب أمواج لا يستطيع ترويضها إلا المحترفون. "يوم الجمعة يكون يوم عطلتي، لا نمارس فيه ركوب الموج. ويوم الأحد نمارس فيه أنشطتنا بشكل جماعي.. ساعة من التداريب الرياضية، ثم نقوم بحملة نظافة جماعية لتنظيف الشاطئ، ثم بعد ذلك نتجه نحو البحر لممارسة ركوب الأمواج"، يقول عبد الله لغزال لهسبريس. لغزال، الذي أشرف على تدريب عدد كبير من الرياضيين بأكادير ونواحيها، سبق له أن حاز لقب بطل المغرب في ركوب الموج، صنف اللوح الطويل، 12 مرة، كما حاز الترتيب 17 في الرياضة ذاتها عالميا في البرتغال سنة 1998 و2002 بجنوب إفريقيا، إذ شارك ضمن المنتخب الوطني المغربي لركوب الأمواج. ويوضح لغزال أنه "في بقية أيام الأسبوع يأتي التلميذ في الوقت الذي لا يدرس فيه، يتسلم كيسا ثم يبدأ في جمع الأزبال، ولما يملأ كيسه يتسلم اللوح ليمارس رياضته المفضلة"، مضيفا: "التلميذ الذي يتغيب مثلا يوم الأحد، حصة تنظيف الشاطئ وبقية الأنشطة، يحرم من لوح الركمجة لبقية أيام الأسبوع". ويزيد المتحدث ذاته: "رغم أن جمعيتنا متخصصة فقط في الركمجة، واسمها النادي الملكي لركوب الأمواج للتضامن، إلا أنه حين تقترب الامتحانات ننسق مع طلبة من تخصصات مختلفة ليراجعوا مع التلاميذ، مقابل تعليم هؤلاء الطلبة ركوب الموج، ومنحهم وسائل مزاولة هذه الرياضة الملكية". 30 تلميذا تقريبا من نواحي أورير، وقرابة 100 باحتساب تلاميذ من أكادير وأيت ملول ونواحيها، هم منخرطو "النادي الملكي" لمزاولة رياضة كانت إلى عهد قريب نشاطا خاصا بالأغنياء والميسورين. إلا أن لغزال "من الذين جعلوا هذه الرياضة الملكية في متناول الفقراء"، كما يوصف من طرف معارفه. يلملم عبد الله ذكرياته أثناء حديثه مع هسبريس، إذ يقول: "كان والدي معلم سباحة، دخله بسيط جدا، وكنا 8 إخوة.. كان عمري 14 سنة، وكنت أحلم بممارسة رياضة ركوب الموج، لكنني لم أكن أملك ثمن شراء المعدات التي تحتاجها هذه الرياضة، من لباس ولوح. هذا الحلم الذي سعيت إلى تحقيقه والصعوبات التي وقفت في طريقي، كل ذلك جعلني أشجع هؤلاء الصغار وأجعل هذه الألواح في متناولهم كي لا يشعروا بما شعرت به لسنوات، وأن يحققوا أحلامهم ويتفوقوا في هذه الرياضة". ويضيف لغزال: "كان البحر مورد رزقي، ومازال كذلك؛ ففي سنة 1994 التقيت فرنسيا فطن إلى أن المنطقة إذا استثمرت في رياضة ركوب الموج سيكون لها مستقبل زاهر، وطلب مني أن أشتغل معه عندما رأى أنني سباح لا يخشى الموج.. لقنني الدروس الأساسية نظريا وتطبيقيا في ركوب الموج، على أن أقوم بتلقينها لزبائنه، وهم في الغالب أجانب أو من أبناء الطبقة البورجوازية". ويزيد عبد الله لغزال مستطردا: "اشتغلت معه أربعة أشهر أدرب زبائنه. أذكر أنه دفع لي 2000 درهم قبل عيد الأضحى لسنة 1994، وعمري وقتها 27 سنة؛ فاشتريت أول لوح للركمجة، وقضيت يوم العيد كله في البحر أطبق كل تلك التعلمات التي كنت ألقنها لزبائن الرجل الفرنسي، ثم انطلق مشواري إلى أن حققت فوزي بلقب بطل المغرب في هذه الرياضة ل12 مرة". وعن كيفية حصوله على ألواح الركمجة التي يجعلها في متناول الأطفال وعشاق هذه الرياضة يقول عبد الله: "واجهت صعوبة كبيرة في توفير ألواح ركوب الأمواج.. كلما جاءني سائح من عشاق ركوب الأمواج يطلب مني الإقامة عندي كنت أطلب منه فقط ألواح الركمجة كمقابل. وهناك عدد كبير من السياح تبرعوا لي بالألواح والألبسة الخاصة، وهكذا وفرت الكثير من الألواح، لأجعلها في متناول أبناء أورير ونواحيها، حتى لا يشعروا بنفس ما شعرت به لسنوات". أما بخصوص فوزه بالجائزة الأولى لمسابقة "الساحل المستدام" دورة 2016؛ التي تمنحها الأميرة للاحسناء، رئيسة مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، قال عبد الله لغزال: "فرحت كثيرا، ومازلت مسرورا بهذا التتويج، أعتبره اعترافا من الأميرة الجليلة بمجهوداتنا في الحفاظ على البيئة، وتتويجا لمسيرة 22 سنة من ركوب الموج النظيف".