قرّر نشطاء حقوقيون مغاربة اللجوء إلى الهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة، كخطوة احتجاجية على حملة الإعفاءات المثيرة التي طالت عشرات الموظفين المنتمين إلى جماعة العدل والإحسان، والتي بلغت في آخر معطيات نقلتها "اللجنة الوطنية لمساندة المتضررين من الإعفاءات التعسفية"، 138 إعفاءً، مشيرة إلى أن الرقم مرشح للارتفاع "بسبب المؤشرات المقلقة التي يعرفها الوضع المتردي العام بالبلاد". وكشفت الهيئة الحقوقية، خلال ندوة صحافية نظمت يوم أمس الخميس بالرباط، عن برنامجها الاحتجاجي بغاية "مؤازرة المتضررين والوقوف إلى جانبهم في الخطوات التي سيقدمون عليها طلبا للانتصاف"، أبرزها: "إصدار مذكرة ترافعية حول قضية الإعفاءات التعسفية، توجه لكل الجهات المعنية بالموضوع"، و"التوجه إلى الهيئات الأممية المعنية بقضايا المساواة وعدم التمييز وإلى مجلس حقوق الإنسان". وتشمل خطة الاحتجاج المعلنة، أيضا، "مراسلة رؤساء الإدارات الذين وقعوا قرارات الإعفاء وطلب لقاءات معهم" و"حشد الدعم من المنظمات الحقوقية والنقابية والمهنية الوطنية والدولية" وأيضا "وضع برنامج نضالي لإسماع صوتها وتحسيس الرأي العام بقضية المتضررين يعلن على كل خطوة في حينها"، مشددة على أن تلك القرارات "شطط في استعمال السلطة واستغلال للمرفق العمومي لتصفية حسابات سياسية، وانتهاك لمبادئ الحكامة وهدرا للمال العام". وأوردت اللجنة أن حالات الإعفاء من مهام ومناصب المسؤولية والتنقيلات التي طالت عددا من نشطاء جماعة العدل والإحسان تعد "حملة تعسفية وانتقامية من مواطنين ينتمون إلى جماعة العدل والإحسان، تطالهم بسبب قناعاتهم الفكرية ومواقفهم السياسية"، على أنها تندرج "ضمن حملة استهدفت التنظيمات والأشخاص الذين انخرطوا وأسهموا بقوة في الحراك السياسي الذي قادته حركة 20 فبراير خلال سنة 2011". وقدمت الندوة الحقوقية معطيات تهم الموظفين الذين طالتهم قرارات الإعفاء والتنقيل، وأنهم يمثلون "خبرات وكفاءات مشهود لها بالنزاهة المهنية والجدية والمواظبة من مهندسين ومتصرفين ورؤساء أقسام ورؤساء مصالح، ومدير إقليمي، ومفتشين ومستشارين تربويين ومديري ثانويات وإعداديات ومدارس، وحراس عامين ومقتصدين.."، منبهة إلى أن الحملة كانت ممنهجة وتسببت "في أضرار كبيرة للمستهدفين بها، ولأسرهم في الحالات التي طلب أصحابها الإفراغ الفوري من السكن الوظيفي". إحصاء النشطاء الحقوقيين لما وصفوه أضرار الإعفاءات شمل "المستفيدين من خدمات الإدارات المعنية من جراء الفراغ الذي تسببت فيه هذه الإعفاءات التي تمت في وقت وجيز دون استعداد لها لتعويض المعفيين"، حيث أشاروا إلى أن "الأخطر ما في الأمر هو إعفاء موظفين، ليس من مناصب المسؤولية فقط بل من المهام الوظيفية أيضا"، قبل أن تتساءل اللجنة: "كيف تُقْبِل الجهات المسؤولة على إعفاء مفتشين أو مستشارين في التوجيه التربوي علما أن هذا مجال تخصصهم، ووصلوا إلى هذه الدرجة الإدارية بعد اجتيازهم لمباريات الولوج، وقضائهم لفترة تكوين ونجاحهم في امتحانات التخرج". ورصدت اللجنة كيف أن حملة إصدار القرارات المزاجية التعسفية تجاه المتضررين المعنيين ابتدأت بوزارة الشباب والرياضة ومديرية الأرصاد الجوية، "وانتقلت لتشمل بقوة أواخر شهر يناير المنصرم أطرا بوزارة المالية ووزارة الفلاحة والصيد البحري، كانوا يشغلون مهام رؤساء أقسام ومصالح.. وارتفعت الوتيرة خلال الأسبوع الأول من فبراير الماضي في قطاع التربية والتكوين بمدن مختلفة، حيث بلغ العدد 93 متضررا". وترى اللجنة الوطنية لمساندة المتضررين من الإعفاءات التعسفية أن تلك الإعفاءات "مخالفة لالتزامات الدولة على المستوى الحقوقي تجاه هيئات المعاهدات الأممية، وتجاه المساطر الخاصة، وتتناقض مع ما تم تضمينه بالتقريرين السابقين للاستعراض الدوري الشامل اللذين قدمتهما الحكومة المغربية سنتي 2008 و2012، ومع ما ستعرضه أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف ضمن التقرير الثالث خلال الشهر المقبل".