قال المحامي والناشط الحقوقي، عبد العزيز النويضي، إنه "في الشهور الأخيرة حدث فرز كبير بين من يعارضون حقوق الإنسان والديمقراطية ومن هم في صفها"، وذلك في أول ندوة تنظمها "اللجنة الوطنية لمساندة المتضررين من الإعفاءات التعسفية"، احتضنها مقر النقابة الوطنية للصحافة صبيحة أمس الخميس بالرباط، مؤكدا على أن "مثل هذه القضايا الحقوقية هي التي تحدث الفرز"، وبأن الإعفاءات التي شملت في غالبيتها أطرا من جماعة العدل والإحسان بمثابة "قرار سياسي يدخل ضمن مخطط"، يضيف النويضي، متسائلا كيف ستبرر الدولة هذه القرارات أمام القانون وأمام الهيئات الأممية المدافعة عن حقوق الإنسان. وعن السبل التي ستنهجها اللجنة لمتابعة ملف الذين طالتهم الإعفاءات، صرح النويضي أن "الضحايا" يعولون على القضاء لإنصافهم، وقال "نحن ننتظر حكم القضاء وهو الأساس، ولازالت لنا بعض منارات الضوء في قضائنا الإداري"، معتبرا أن قضية الإعفاءات التي طفت على السطح منذ يناير المنصرم هي "قضية خطيرة" وتدل على المستوى الخطير الذي وصل إليه التراجع عن حقوق الإنسان، خاتما كلامه ب "نحن قلقون على مستقبل البلد". وأعلن عبد الرزاق بوغنبور، رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان، أن ما توصلت إليه اللجنة من معلومات أولية بعد المتابعة والرصد، يفيد بأن عدد المعفيين بلغ إلى حدود يوم الاثنين 4 أبريل 2017، مائة وثمانية وثلاثين متضررا، و"الرقم مرشح للارتفاع بسبب المؤشرات التي يعرفها الوضع المتردي العام بالبلاد، سواء على المستوى الحقوقي أو السياسي "، وأضاف بوغنبور على لسان اللجنة أن المعطيات التي استطاعت اللجنة تجميعها، تؤكد أن قرارات الإعفاءات "طالت خبرات وكفاءات مشهود لها بالنزاهة المهنية والجدية والمواظبة"، من مهندسين ومتصرفين ورؤساء أقسام ورؤساء مصالح ومفتشين ومستشارين تربويين ومديري ثانويات وإعداديات ومدارس وحراس عامين ومقتصدين… وغداة تقديم حكومة العثماني لتصريحها، أكدت خديجة الرياضي، منسقة التنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان، أن اللجنة ستتوجه للحكومة وللمسؤولين الحكوميين قصد التراجع عن هاته القرارات، وبأنها لن تتوانى عن التوجه للهيئات الأممية إن اقتضت الضرورة ذلك، الناشطة الحقوقية أكدت كذلك في تصريحها ل"أخبار اليوم" بأن قرارات الإعفاء هي "إجراءات انتقامية من المعارضين السياسيين، وخاصة ممن كانوا نشيطين بقوة في حركة عشرين فبراير الذين طالتهم انتقامات كثيرة"، تقول الرياضي مؤكدة على أن المعفيين كلهم لهم انتماء سياسي واحد، وكلهم كانت لهم مشاركة قوية في حركة عشرين فبراير، وبأن الإعفاءات التي طالتهم هي "وسيلة انتقامية من مواطنين معروفين بآرائهم السياسية"، وبأنها إجراءات "انتقامية من جماعة العدل والإحسان التي كان لها دور في حراك عشرين فبراير". وفي الجانب الحقوقي أكد ت الرياضي أن الإعفاءات هي خرق للقانون وتمييز بين المواطنين بسبب الرأي السياسي، كما اعتبرت أن القرارات الموقعة من لدن المسؤولين لتبرير الإعفاء "ليست فيها مواصفات حقوقية"، وهي خرق لالتزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان. وعن الأضرار التي تسببت فيها الإعفاءات، أبرزت اللجنة أنها لم تشمل فقط الضرر المادي للمعنيين المباشرين بها، بل تجاوزتهم لتمس عائلاتهم، خاصة في الحالات التي طولب أصحابها بالإفراغ الفوري من السكن الوظيفي، إضافة إلى الضرر الذي لحق المستفيدين من خدمات الإدارات المعنية بالإعفاءات، من جراء الفراغ الذي تسببت فيه هذه الإعفاءات التي تمت في وقت وجيز ودون استعداد لها. حسن الليستة، أحد المعفيين المنتمين لجماعة العدل والإحسان، أكد أنه بعد أربعين سنة من العمل في ميدان التعليم، وبعد 22 سنة من التكفل بمهمة التأطير والمراقبة التربوية كمفتش اللغة الفرنسية في التعليم الثانوي التأهيلي بمستويات مختلفة، توصل بقرار الإعفاء بشكل مفاجئ، ومباشرة بعدما تم إخباره قبل ذلك بوقت وجيز جدا بأنه لن يتقاعد وسيتم الاحتفاظ به في منصبه إلى غاية 31 غشت 2017، وبأنه قبل التمديد "تلبية للواجب الوطني ولانتظارات الأساتذة" إلى أن فوجئ بقرار الإعفاء. الليستة أكد كذلك أن طيلة عمله حرص على التمييز التام بين عمله وقناعاته السياسية والإيديولوجية، وهو الأمر الذي يشهد به الأساتذة بالناظور على حد قوله، حيث لاقى تعاطفا واسعا من قبل الأساتذة والجسم التربوي، بل وحتى من رؤسائه في العمل، يضيف الليستة.