قال عمر الكتاني، بصفته خبيرا دوليا في المالية الإسلامية، إنه "من بين الأمور التي لا تُتداول في موضوع الأبناك التشاركية، وعلِمَها من خلال المفاوضات التي أجرتها البنوك المغربية مع شركائها الخارجيين، خضوع الرقابة الشرعية بالمغرب لرقابة أخرى، من أجل ضمان التزام المغرب بالمعايير المعتمدة". وأوضح المتحدث، خلال مشاركته في ندوة حول الأبناك التشاركية في المغرب، أن "الشركاء الخارجين أكّدوا عدم تدخلهم في طبيعة المعاملات الخاصة بالبنوك التشاركية المغربية؛ غير أنهم تشبّثوا بضرورة منحهم الحق في الرقابة الشرعية"، مشيرا إلى أن "ذلك المطلب يعني السماح للشركاء برقابة الحسابات البنكية، ومصادر الأموال، وممارسة الرقابة في التطبيق والتنفيذ وغيرها"، مشبّها الأمر ب"حقّ الفيتو". وعن الهيئة المكلفة بالرقابة الشرعية على المستوى الوطني، لفت الكتاني في مداخلته، ضمن الندوة المنظمة برحاب الكلية المتعدة التخصصات بخريبكة، إلى أن "المغرب اختار تكليف المجلس العلمي الأعلى بمهمة الرقابة الشرعية على الأبناك التشاركية، حتى تكون معاملاتها متوافقة مع التعاليم الإسلامية". وأورد الكتاني أن "الأبناك من ذلك النوع تسمى إسلامية في إنكلترا غير المسلمة أصلا، في حين ارتأى المغرب تسميتها بنوكا تشاركية، بحجة إمكانية ذهاب المغاربة إلى اعتبار البنوك الأخرى غير إسلامية، ولا ينبغي التعامل معها"، موضّحا أن "هذا الطرح يعتبر المواطن المغربي ساذجا، ويفهم المسائل بظواهرها فقط". وأكّد الكتاني أن "المقترح الداعي إلى تفادى استعمال مصطلح البنوك الإسلامية، مع ضرورة استبداله بمصطلح البنوك التشاركية، يتطلّب جعل تعاملات تلك المؤسسات تشاركية فعلا، في حين يبقى من المتوقع أن تكون خدماتها مبنية على المعاملات التجارية كالمرابحة والإيجار". ولم يفوّت الخبير الدولي ذاته فرصة التذكير بتاريخ الاقتصاد الإسلامي، حيث أشار إلى أن "تأسيس الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي تمّ سنة 1979، وكان حينها يُدرّس الاقتصاد الإسلامي الذي اعتُبر أمرًا غريبا"، كاشفا أن "البعض وصفه بالأحمق الذي يدرّس أشياء لا أساس لها من الصحة". وأوضح المتحدث ذاته أن "سنة 1990 عرفت انطلاق نوافذ معاملات مالية كالمرابحة والمضاربة والمشاركة، قبل أن يتم توقيفها من لدن بنك المغرب، من أجل تدارسها، وبقيت قيد المدارسة والبحث عن ماهية تلك المعاملات طيلة 17 سنة، إلى غاية سنة 2007 التي شهدت انطلاق دار الصفا بثلاثة منتوجات تتمثل في الإيجار والمشاركة والمرابحة، أعقبها إصدار قانون البنوك التشاركية سنة 2016". وعن الأسس المالية التي يرتكز عليها السلوك الإسلامي، قال عمر الكتاني إنها "تتمثل في تحريم الربا والمعاملات المبنية على الغرر والميسر، وتحريم استهلاك أو إنتاج المحرمات كالميتة والدم ولحم الخنزير والمخدرات والسلاح والقمار، ووجوب تقاسم الربح والخسارة عند الإنتاج، وتغطية كل المعاملات المالية بأموال حقيقية". وختم الكتاني مداخلته بالتأكيد على أن مساهمة البنوك الإسلامية في التنمية تتمثل في "إدخال ثقافة جديدة في التمويل والمعاملات، مبنية على الأخلاق، ودعم تمويل قطاع السكن، وضخ أموال خارجية في الاقتصاد الوطني، وخلق مركز مالي دولي في المغرب، ودعم تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة، ومنافسة البنوك التقليدية، ما سيساهم في تحسين الخدمات البنكية". وتجدر الإشارة إلى أن هذه الندوة، التي اختير لها عنوان "الأبناك التشاركية بالمغرب.. أية إسهامات منتظرة في المجال السوسيواقتصادي؟"، تأتي في إطار البرنامج السنوي المسطر من لدن مختبر البحث في الاقتصاد والتدبير بالكلية متعدّدة التخصصات بخريبكة، بشراكة مع مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية-مدى، وعرفت حضور عميد الكلية ودكاترة وباحثين وأساتذة بالمختبر والمركز المذكورين، إلى جانب عدد من الطلبة والطالبات.