على مدى خمسة عقود يحاول الصحافيون وعلماء النفس وكتّاب السير الذاتية الكشف عن أسباب تخلص إرنست همنغواي من حياته بإطلاقه النار على نفسه في منزله في مدينة إيداهو الأميركية بينما كانت زوجته ماري مستغرقة في النوم. وألقى بعضهم باللوم على تزايد حدة الاكتئاب الذي أصابه بسبب إدراكه أن أفضل الأيام في حياته المهنية أوشكت على الانتهاء، وقال آخرون إنه كان يعاني من اضطرابات نفسية. لكن أصدقاء همنغواي والمقربين منه أشاروا على مدى السنوات ال 13 الأخيرة من حياته، أن هناك سببًا آخر وراء انتحاره غير إصابة الكاتب الحائز على جائزة نوبل للآداب العام 1954 باضطرابات نفسية، وهذا العامل هو مراقبة مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI، والذي كان يشتبه بصلة همنغواي مع كوبا، الأمر الذي دفع به إلى حافة الهاوية. وقد كتب المؤلف والروائي الأميركي هوتشر مقالا، الأحد، في صحيفة "نيويورك تايمز" لمناسبة مرور 50 عامًا على انتحار همنغواي قال فيه "إنني على قناعة تامة بأن مكتب التحقيقات الفيدرالية هو الذي دفعه إلى الانتحار، ويجب عدم الاستخفاف بمخاوف صديقي وإساءة تقدير مدى خطورة عمليات الضغط التي مارسها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي آنذاك والتي دفعته إلى الانتحار". كما ذكر هوتشر تفاصيل زيارته لهمنغواي في منزله في مدينة إيداهو وتصرف همنغواي بغرابة "عندما جاء همنغواي لاستقبالي في محطة القطار رفض التوقف قليلا في الحانة المجاورة كما اعتدنا ذلك، وكان همنغواي متعجلا وقلقًا، وعندما سألته لماذا العجلة، قال إن مكتب التحقيقات الفيدرالي يراقبه، وعبّر عن استيائه الشديد من هذا الوضع". وجاء أيضًا في مقال هوتشر إنها لم تكن المرة الوحيدة التي يعبر فيها همنغواي عن استيائه من مراقبة مكتب التحقيقات الفيدرالي له، ففي زيارته الأخيرة له قبل انتحاره وأثناء تناوله العشاء معه هو وزوجته أشار إلى رجلين في الحانة وقال إنهم عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية. وقد استطاع الباحث الأكاديمي في جامعة كولورادو جيفري مايرز في الثمانينات الحصول على ملف انتحار همنغواي لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي، وركّز الملف على حياة همنغواي ومحاولته أثناء الحرب إقامة شبكة تجسس ضد الفاشية. كما ذكر الملف إصابته باضطرابات عقلية أدت إلى دخوله مستشفى "مايو كلينيك" في العام 1960 بعد محاولة انتحار فاشلة حيث تلقى علاج بالصدمات الكهربائية. وتكون هذا الملف من 120 صفحة، قام مكتب التحقيقات الفيدرالية بحجب 15 صفحة منها لأسباب تتعلق بالأمن القومي.