على الرغم من كثرة حديث المملكة عن إمكاناتها الفلاحية باعتبارها أساس اقتصادها الوطني، إلا أن تقريرا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) صنف المغرب ضمن البلدان التي ينتشر بها انعدام الأمن الغذائي؛ إذ دق ناقوس الخطر في هذا الإطار، مؤكدا أن انعدام الأمن الغذائي بالشرق الأدنى وشمال إفريقيا بلغت نسبته 31.4 في المائة، وقال: "حالة الأمن الغذائي ومستويات التغذية تدهورت بشكل حاد بالمنطقة خلال السنوات الخمس الماضية". التقرير الذي يحمل عنوان "نظرة إقليمية عامة حول انعدام الأمن الغذائي في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا"، أكد أن مستويات انعدام الأمن الغذائي بلغت 17.3 بالمائة بالمنطقة المغاربية، قائلا إنها "وعلى الرغم من أن كونها الأقل ضررا من المناطق النامية، إلا أن مستوى انعدام الأمن الغذائي بكل من المغرب وموريتانيا وليبيا هو أكبر منه في الجزائر وتونس". ووضعت "الفاو" المملكة في خانة البلدان الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية، مما ينعكس سلبا على الأمن الغذائي، مفيدة بأنها تعاني تغيرات في هطول الأمطار ستنعكس على الثروة الحيوانية وعلى المزارعين وستحد من إمدادات المياه، ناهيك عن كون الإفراط في استخراج المياه الجوفية أدى بمقدار النصف إلى انخفاض تدريجي في المياه. وأكد المصدر نفسه أن نسبة الإفراط في استخراج المياه الجوفية تصل إلى 250 في المائة بالمغرب، فيما رصد نقطة إيجابية تتعلق بكون المملكة تعد من البلدان المتقدمة في استخدام تحلية المياه لأغراض زراعة، موردا أنها مستمرة "في تطوير تحلية المياه لزيادة الموارد المائية في المناطق الساحلية". وأوضحت "الفاو" أن نسبة انتشار انعدام الأمن الغذائي الحاد بين فئة البالغين في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا كانت قريبة من 9.55 بالمائة في 2014-2015، وهو ما يمثل حوالي 30 مليون شخص، قائلة إن المنطقة عرفت "تدهورا" سببه الرئيسي انتشار وكثافة النزاعات والأزمات المطولة. "وتعتبر ندرة المياه العامل الأساسي الذي يعيق الإنتاج الزراعي في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، كما تعد السبب الأساسي لاعتماد الإقليم على استيراد الأغذية"، يقول المصدر نفسه. وقال المدير العام المساعد الممثل الإقليمي لمنظمة "الفاو" في الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، عبد السلام ولد أحمد، إن "المنطقة تواجه تحديات غير مسبوقة لتحقيق أمنها الغذائي نظراً لمخاطر متعددة ناتجة عن النزاعات، وندرة المياه، والتغير المناخي"، مضيفا: "تحتاج دول المنطقة إلى تنفيذ استراتيجية إدارة مياه طويلة الأجل وشاملة ومستدامة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في التخلص من الجوع بحلول العام 2030". واعتبر المتحدث ذاته أن "توفير بيئة سلمية ومستقرة شرط أساسي ليتمكن المزارعون من الاستجابة لتحديات ندرة المياه والتغير المناخي"، وأبدى تفاؤله بأن "تحقيق الأمن الغذائي لازال في المتناول شريطة أنْ نبذل جهوداً متضافرة ونتخذ الخطوات الصحيحة الآن".