قال محمد الهاشمي، أستاذ العلوم السياسية، إن كلا من حزب العدالة والتنمية وأمينه العام عبد الإله بنكيران، خلال توليه منصب رئيس الحكومة، كان يخوض صراعا مع السلطة من أجل توسيع هامش المؤسسة المنتخبة مقابل تلك غير المنتخبة، ألا وهي المؤسسة الملكية؛ ناهيك عن خوضه لصراع اجتماعي. الهاشمي، وخلال حضوره في ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام، تحت عنوان "مسار الانتقال الديمقراطي بالمغرب بعد فشل بنكيران في تشكيل الحكومة"، قال إن الصراع الدائر خلال ما مضى من أيام "كان حول ترسيم الحدود بين رئاسة الحكومة والمؤسسة الملكية، وهو ما يظهر من خلال دفاع بنكيران عن استقلالية مؤسسة رئاسة الحكومة"، وفق تعبيره. واعتبر الباحث الأكاديمي في موضوع الانتقال الديمقراطي أن خطأ بنكيران كان أنه "آمن بوجود رئاسة حكومة مستقلة"، مفيدا بأن رئيس الحكومة المعفي كان "يصارع من أجل الديمقراطيين"؛ ناهيك عن صراع ثان حول "تأويل الدستور". وتطرق الهاشمي إلى ما أسماه "الشرارة" التي أطلقت الدينامية التي ترتبت عنها الأحداث التي نعيشها الآن بداية من دستور 2011 إلى تعيين حكومة بنكيران، مفيدا في هذا الإطار بأن "النتائج كانت مؤجلة"، ومضيفا: "بعد الولاية التشريعية الأولى يمكننا أن نتساءل: هل الأمر يتعلق بانتقال ديمقراطي أم ببقاء النظام نفسه؟". وأشار المتحدث ذاته إلى أن "الولاية التشريعية السابقة عبارة عن مختبر مصغر لمعرفة كيفية تفاعل الأطراف السياسية والحزبية"، مؤكدا أن العديد من الدراسات تعطي أهمية كبرى للنخبة التي تؤسس للانتقال الديمقراطي، قبل أن يعلق قائلا: "بنكيران كان بمثابة كاسحة ألغام النخبة السياسية، وتميز بكاريزما غير مسبوقة، وجرأة في طرح الرسائل، كما استطاع أن يستقطب أناسا من خارج التيار السياسي الإسلامي، وتمكن من إقناع الناخبين بأسلوب خاص به، وهو ما أزعج من في السلطة". وحاول الباحث ذاته عقد مقارنة بين بنكيران وسعد الدين العثماني، رئيس الحكومة الجديد، قائلا: "يمكن أن نقول إن حزب العدالة والتنمية تضرر من التعيين..لا يكفي أن تكون هناك قيادة جماعية، بل أن تكون هناك شخصية تستطيع تصريف القرارات الجماعية. وهنا تميز بنكيران بقدرته على إنتاج صورة لمؤسسة كانت متوارية خلف المؤسسة الملكية، بمستوى من القرب من المواطنين غير مسبوق في تاريخ السياسة المغربية؛ وهو زخم غير متوفر في سعد الدين العثماني، الذي لن تكون قدرته على التواصل والتفاعل بالصورة نفسها".