قالت زينب العدوي، والي سوس ماسة، إن المؤتمر العلمي حول تحديات الأمن الرقمي، من تنظيم محكمة الاستئناف بأكادير والمرصد الدولي للأبحاث والحكامة الأمنية بشراكة مع محكمة النقض والمركز الدولي للخبرة الاستشاري، "يشكل مناسبة لتسليط الضوء على علاقة الأمن الرقمي بالإدارة الرقمية والإعلام الرقمي، وكذا علاقته بالجرائم المرتكبة عبر الوسائط الإلكترونية، كأدوات جديدة للصراع، بالإضافة إلى تأثير الأمن الرقمي على الاقتصاد الرقمي، وصلته في المجال القضائي والقضايا الاجتماعية والأخلاقية لتكنولوجيا المعلومات والأمن التعاقدي الرقمي". وأكدت المتحدثة نفسها، في الجلسة الافتتاحية لهذا المؤتمر العلمي الذي جمع ثُلّة من الخبراء وحضرته نخبة من أساتذة الجامعة والقضاة والمحامين والباحثين في القانون، من المغرب ومن دول عربية، أن "الأمن الرقمي يكتسي أهمية بالغة في تبيان أبرز المخاطر التي قد يتعرض لها الأشخاص الذين يتعاملون بوسائل الاتصال الحديثة والإلكترونية". ولفتت المسؤولة الترابية إلى أن "هذه المخاطر لا تقتصر على الشخص فقط، بل قد يمتد أثرها إلى عدة مؤسسات والاقتصاد الوطني بأكمله في بعض الأحيان، وعدم توفير بيئة ملائمة لإجراء هذه العمليات يحتم علينا جميعا اتخاذ التدابير اللازمة لإدارة المخاطر الناتجة عنها وحمايتها بالوسائل التقنية والقانونية، لكي لا تؤثر على ثقة المستعملين لهذه الوسائل الحديثة، وبالتالي حماية النظام المعلوماتي للشخص والدولة". وزادت والي سوس ماسة وعامل أكادير إداوتنان أن "الأمن الرقمي يعتبر صمام أمان وضابطا رئيسيا للحفاظ على القيم والأخلاق في عالم الرقميات المتميز بسرعة مرور المعلومة وانصهارها بين مزيج الثقافات والروافد المتعددة". وأردفت المتحدثة أن "الإمكانية المتوفرة حاليا من شأنها المساس بحرية الأشخاص، ومعها المصالح الحيوية للدولة والمؤسسات، سواء على المستوى الأمني أو الاقتصادي، أو على المستوى الحقوق والحريات. لذلك، جاءت التشريعات الدولية والوطنية للتصدي للتهديدات التي أصبحت تشكلها التكنولوجيا المتطورة. وإيمانا من المشرع بمسألة احترام الحياة الخاصة، على اعتبار أن الفرد هو محور القانون والتشريعات عبر العالم، تسعى الدولة إلى حمايته وتحقيق مصالحه، من خلال قانون تنظيمي، خصوصا مع ظهور أجهزة التصنت والتسجيل، ونقل وتحميل البيانات الخاصة، خارج نطاق القانون". ثم خلصت إلى أنه "بات الآن من الضروري تقنين الذكاء الاصطناعي وتحديد المسؤوليات عنه، حتى لا يتحول من أداة لتحقيق الأمن الرقمي، إلى أداة تهدده". من جهته، عبّر محمد الإدريسي علمي المشيشي عن أن "مشكل الرقمنة هو انفجار المعلوميات وانفجار المعالجة المعلوماتية في كل المجالات، وأن العولمة تستهدف الجماهير والشعوب، وأنها تهدف إلى تنميط وضعية وحياة الدول والشعوب والجماهير، بحيث لا يبقى هناك فرق ولا خصوصية بين دولة وأخرى". وزير العدل الأسبق زاد بأن" التواصل بين الأفراد ومن لدن الأفراد، وبقدر ما تحاول العولمة خلق تلك القرية الكونية، بقدر ما تقوم المعلوميات بتقوية الفردانية، الشيء الذي يضعنا أمام تناقض، فكلما صارت الأمور واضحة في جميع أنحاء العالم من طرف أي شخص منا، كلما ابتعد كل واحد منا عن الآخر". ثم يضيف موضحا بأنه "يكفي أن نلاحظ كيف نأخذ تذكرة الطائرة، كيف نشتري كيف نبيع، بل كيف نتزوج.. كل هذا أصبح يتم بعلاقة مباشرة بين الإنسان وبين الآلة.. أما العلاقة بين الإنسان وبين الإنسان، فأصبحت تقل يوما عن يوم، وربما نصل يوما إلى أن يصبح الحدث الذي يبعث على الدهشة هو أن يلتقي شخصان ماديا، ويتكلمان دون وجود آلة". ويستطرد علمي المشيشي، في مداخلته المرتجلة أمام الحاضرين، بالقول: "لقد تمت رقمنة كل شيء، وما يجلبني هو رقمنة المسائل القانونية، وهذا أمر مهم ومفيد جدا؛ لكنه يحتوي على خطورة كبيرة، إذ سيصبح المستشار القانوني هو الحاسوب، والمفتي هو الحاسوب، والقاضي هو الحاسوب.. وهذا ما لا أتمناه، لما في ذلك من خطورة؛ لأنني أتمنى أن يبقى الإنسان قويا، متحكما في اختراعاته وابداعاته، لأن الإنسان لا بد أن يبقى حاضرا يلطف هذه الفجوة بين التطور التكنولوجي وبين مشاعر الإنسان". وفيما تعددت مداخلات الخبراء، كرئيسة المرصد الدولي للأبحاث والحكامة الأمنية، وممثل عن رئيس محكمة النقض وممثل عن المشاركين العرب، انصبت مجمل المداخلات في الجلسة الافتتاحية على أهمية هذا المؤتمر العلمي، التي عرفت حضورا وازنا من مختلف والقضاة ووكلاء الملك والباحثين في الشأن القانوني وعموم المهتمين بالمغرب وخارجه، والذي سيدوم ليومين كاملين بأكادير، وسيعقد جلسات علمية متعددة لتناول مواضيع لها صلة بالأمن الرقمي وتحدياته، الجريمة الإلكترونية، علاقة الأمن الرقمي بالإدارة الرقمية والإعلام الرقمي، وغير ذلك من التيمات التي لها ارتباط وثيق بالأمن الرقم وتحدياته.