لم يمنع تقدمهن في السن من تعلم فنون القتال مثل الملاكمة والكاراتيه، كوسيلة أخيرة لجأن إليها بعد أن أصبحن عرضة للعنف الجنسي والاغتصاب رغم ما وصلن إليه من أرذل العمر.. إنهن مسنات كينيون يدربن أنفسهن على تقنيات الدفاع عن النفس، خشية تعرضهن للاعتداء الجنسي، في ظل تفشي الجريمة وارتفاع معدلات البطالة في البلاد. ففي كنيسة محلية ب"كوروغوشو"، أحد الأحياء الفقيرة المترامية الأطراف في نيروبي، تجتمع حوالي 15 إلى 20 من النساء المسنات، مرتين في الأسبوع، بهدف تعلم مهارات القتال، بغية مواجهة المهاجمين المحتملين، في مجتمع يعاني من العنصرية ضد المرأة عكستها ممارسات تقليدية مثل "وراثة الزوجة" و"تطهير" الأرامل. و"تطهير الأرملة" طقس في كينيا يقضي بممارسة الجنس مع أرملة المتوفى من قبل أحد أقاربه، اعتقادا منهم أن ذلك يقيهم روحه الشريرة، ويحمي الثكلى من أمراض فتاكة. "الأناضول" استطلعت آراء بعض تلك المسنات، اللاتي أكدن على أهمية تلقي دروس الدفاع عن النفس، ونقل خبراتها للأجيال القادمة، بهدف وضع حد للعنف الجنسي في البلاد. جويس وانيا (65 عامًا) قالت للأناضول: "قررت تعلم الكاراتيه هنا، لحماية نفسي، حال تعرضي لتحرش جنسي أو ما شابه"، مضيفة أن "سبب ارتفاع حالات الاغتصاب في المنطقة، يعود إلى ندرة المياه الجارية، وعدم وجود نظام صرف صحي، ما يضطر السيدات للخروج من منازلهم، والتعرض بالتالي للمخاطر". وعن معاناتها الشخصية، لفتت إلى أنها كادت أن تكون إحدى ضحايا الاغتصاب مساء إحدى الأيام، حيث كانت متوجه إلى المرحاض خارج المنزل، عندما هاجمها مجموعة من الشبان، وأخذوا يعتدون عليها بالضرب ويمزقون ملابسها. وتابعت: "لحسن الحظ، جذب صراخي وطلبي النجدة بعض المارة، الذين هرعوا إلى مساعدتي على الفور، فيما هرب المهاجمون عبر الأزقة الصغيرة (..) كنت خائفة جدًا، وفقدت أحد أسناني بسبب الضرب المبرح". كما روت "وانيا" قصة اغتصاب ومقتل إحدى صديقاتها في عام 2014، قائلةً: "تعرضت صديقتي المقربة آنذاك للاغتصاب الجماعي من قبل أربعة شبان، وفي اليوم التالي، قدمت شكوى للشرطة، بعد تعرفها على اثنين من المهاجمين، الذين كانوا يعيشون في الحي المجاور". غير أنها استدركت قائلة: "لكن للأسف بعد تقديمها الشكوى، تعرضت مجددًا للاغتصاب، ثم قتلت بوحشية كبيرة (..) لقد كان هذا مؤلمًا جدًا بالنسبة لنا". وعن دروس الكاراتيه، أشارت إلى أنها "الوسيلة الوحيدة لحماية أنفسنا وبناتنا من جرائم العنف الجنسي المنتشرة في مناطقنا الفقيرة". من جهتها، أكدت أليس مويلاو (72عامًا) أن لدروس الكارتيه فضًلا كبيرًا عليها، حيث تمكنت بفضلها من مواجهة مجموعة من المهاجمين، العام الماضي، والتغلب عليهم. وبهذا الخصوص، قالت مارغريت مباتيا، التي تقوم بتدريب النساء المسنات على مهارات الدفاع عن النفس، إن الدروس، ساهمت في إنقاذ العديد من الأرواح البريئة، من المسنات واليافعين وحتى الأطفال، من براثن العنف الجنسي وجرائمه. وأضافت "هناك حالات اغتصاب وقتل، محزنة جدًا، استهدفت مؤخرًا المسنات، ومن بينها تعرض إحداهن للاغتصاب والقتل، ومن ثم تم رمي جثتها في نهر نيروبي، فيما تم اغتصاب سيدة أخرى وشنقها خارج نافذة". وأوضحت أن "التقاليد القديمة البالية تشجع الشباب على الاعتداء على النساء المسنات، بذريعة أن ذلك سوف يطهرهم من خطاياهم، فضلًا عن كون المسنات ضحايا ضعيفة وسهلة الافتراس". وأكدت مارغريت أن "التدريب على مختلف مهارات وفنون الدفاع عن النفس، الذي نجريه في كنيستنا، سيمكن نساء المنطقة من مواجهة جرائم العنف الجنسي بقوة وثبات". وحذرت منظمة "أطباء بلا حدود" الدولية، في تقريرها لعام 2016 من ارتفاع نسبة العنف القائم على نوع الجنس وحالات الاغتصاب في الأحياء الفقيرة الكينية، التي تشكل موطنًا لأكثر من 2 مليون نسمة.