بلغ السجال حول مقررات مادة "التربية الإسلامية" بين وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني وممثلي أساتذة الفلسفة أشده، إذ خرج هؤلاء ليتهموا الوزير رشيد بلمختار بافتعال "مؤامرة مكشوفة" بين أساتذة الفلسفة وأساتذة التربية الإسلامية، ومحاولة جر الوسط التعليمي إلى ما وصفوه ب"مستنقع الفتنة والصراع الإيديولوجي". وهاجم أساتذة الفلسفة، عبر بلاغ لاذع للمكتب الوطني للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة، الوزير بلمختار بسبب ما قالوا إنه "عدم تجاوب وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني مع مطلب الجمعية"، وتصريحات صحافية للوزير ذكر أنها ظهرت على صفحات جريدة فرنسية بخصوص "افتعال النقاش الإيديولوجي داخل المدرسة المغربية". وأدانت الأطر التدريسية ذاتها تصريحات وزير التربية الوطنية والتكوين المهني المعبر عنها في الجريدة الفرنسية، على حد تعبيرها، متهمة الوزير ب"محاولته التملص من مسؤولياته في التأشير على كتب متزمتة تدعو إلى التطرف والفتنة المجتمعية"؛ على أن ما يقوم به بلمختار، وفق البلاغ، "هو عين الإيديولوجيا". وترى الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة أن بمختار رفض مطالبتها بسحب كتب سلسلة "المنار في التربية الإسلامية" لمستوى الأولى باكالوريا، "المسفهة للفلسفة والعلوم وحقوق الإنسان والطفل ومكاسب الحضارة الإنسانية المعاصرة"، مدينة في الوقت ذاته "سياسة خلط الأوراق التي انتهجها الوزير ووزارته بمحاولة افتعال الصراع بين أساتذة الفلسفة وأساتذة التربية الإسلامية". "هي مؤامرة مكشوفة نحمله تداعياتها، كما نذكره بمواقف الجمعية المعبر عنها في جميع بلاغاتها السابقة بكون المشكل ليس مع مادة التربية الإسلامية ولا مع مدرسيها أو مفتشيها بل مع الوزارة ومديرية المناهج التي أشرت على تلك الكتب"، يقول أساتذة الفلسفة، الذين حملوا الوزير بلمختار المسؤولية المباشرة عن "التحريض على الصدام بين مدرسي مادة الفلسفة ومدرسي مادة التربية الإسلامية". اتهامات أساتذة مادة الفلسفة بلغت حدّ وصف وزير التربية الوطنية والتكوين المهني ب"الكذب"، حين قالوا: "تدين الجمعية سياسة الكذب على الرأي العام الوطني والدولي التي انتهجها السيد الوزير بادعائه أن السيد مدير المناهج استقبل الجمعية وفتح معها الحوار، وهو الأمر الذي لم يحصل مطلقا بالرغم من توصل السيد الوزير بطلب لقاء معه من الجمعية". إلى ذلك، كشفت الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة وجود تضامن يجمع مُدرّسي مادة الفلسفة ومادة التربية الإسلامية، مشددة على "مسؤوليتهم وروحهم الوطنية في عدم الانجرار إلى مستنقع الفتنة والصراع الإيديولوجي والمحافظة على سلامة الجو التربوي داخل المؤسسات التعليمية بما يخدم الأهداف التربوية النبيلة، وحرصهم على ألا يكونوا أدوات رخيصة لتخريب ما تبقى من المدرسة العمومية". وكانت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني أوضحت أن الأمر يتعلق بنص واحد متضمن في كتاب "منار التربية الإسلامية" للسنة الأولى بكالوريا، في موضوع "الإيمان والفلسفة"، وأنه ورد في باب "تقديم نموذج لموقف يشدد الكتاب المدرسي المعني على أنه عنيف من الفلسفة.. حيث يؤطر الكتاب تقديم هذا النص بأسئلة توجيهية لدفع التلاميذ إلى إجراء مقارنات بين محتوى هذا الموقف العنيف والموقف الآخر الذي يعتبر العقل والتفكير من أدوات الوصول إلى الحقيقة". وزاد بلاغ الوزارة أن مادة الفلسفة تحظى بمكانة متميزة في المنهاج الحالي في السلك الثانوي التأهيلي "بتدريسها كمادة إجبارية ابتداء من الجدع المشترك وعلى امتداد السنوات الثلاث للسلك"، بحصة أسبوعية من ساعتين إلى أربع ساعات حسب الشعب والمسالك، "خلافا للعديد من الدول حيث تدرس هذه المادة في السنة الأخيرة من السلك الثانوي وفي بعض الأحيان في بعض الشعب دون أخرى أو بصفة اختيارية".