في الطريق إلى منتج أوريكا بجبال الأطلس الكبير الشامخة تصادفك جماعة تسلطانت بدواويرها المتعددة، منها التي استفادت من التأهيل ومنها التي تنتظر، مع تجمعات سكنية غير منظمة، تفتقر إلى أهم عناصر البنية التحتية والتجهيزات الجماعية، وتتسم بتردي الأوضاع السكنية والمعيشية، وتقطن بها الفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود. وضع التعليم كارثي "وضع التعليم بالجماعة كارثي"، هكذا قال عبد الكبير الظهر، عن فرع تسلطانت لفيدرالية جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، مستدلا بأقسام تضم 76 تلميذا بتجزئة الكواسم، وبين 65 و68 بدوار زمران، ومشيرا إلى إمكانية تقسيم تلاميذ مدرسة الكواسم، لكن المعضلة تتمثل في توفير إطار تربوي. وأضاف الفاعل الجمعوي ذاته أن دوار الحركات في حاجة إلى مدرسة جديدة، والأمر نفسه بالنسبة لدوار زمران الذي تدرس بمؤسسته الابتدائية ثلاثة أفواج في اليوم الواحد، وزاد: "للمساهمة في حل معضلة التعليم هذه قامت جمعية الحرية بشراء قطعة أرضية بمساحة 5000م، وجهزت بئرا، وهي على استعداد لبناء أقسام، لكنها تنتظر لما يناهز ثلاث سنوات موافقة الجهات الوصية على القطاع". وأضاف المتحدث ذاته أن "المجال الجغرافي الذي يضم دواوير زمران والنزالة وكوكو يضم ما يناهز 1226 متمدرسا بالثانوي الإعدادي، يقطعون مسافة 5 كيلومترات لمتابعة دراستهم، ما يستدعي إحداث إعدادية للحد من معاناتهم ومعاناة أسرهم". تنقل التلاميذ بين مناطق سكنهم ومجال تواجد المؤسسات التعليمية معضلة أخرى تزيد من معاناة سكان تسلطانت، حسب المتحدث ذاته، مضيفا: "تنقل أبنائنا من بيوتهم بتعاونية كل من الأطلس وكمال ومبروكة إلى مؤسستهم يتطلب الانتقال من ضاحية طريق تحناوت إلى أخرى، رغم أنها تعج يوميا بالسيارات والحافلات والشاحنات". صحةٌ عليلة إذا كانت القاعدة القانونية لوزارة الصحية تنص على أن لكل 10 آلاف مواطن طبيب(ة)، وأن لكل 6000 من السكان ممرض(ة)، فإن جماعة تسلطانت التي تبلغ ساكنتها ما يناهز 76 ألف نسمة تتوفر على عدد من الأطباء والممرضين لا يفي بحاجيات القاطنين بها، حسب عبد الرزاق عفاف، القاطن بحي الهبيشات، "ما يخلق ضغطا قويا على الأطر الطبية والتمريضية التي تمارس داخل المستوصفات"، على حد قوله. سيارة الإسعاف التي وفرها المجلس الجماعي غير كافية، نظرا لشساعة جماعة تسلطانت، وانتشار الهشاشة بها، ما يعني كثرة المرضى والحالات الاستعجالية، يورد المتحدث ذاته، مؤكدا أن الجماعة يعيش بها 15 مريضا بالقصور الكلوي، يحتاجون إلى التنقل إلى المصحات لمتابعة علاجهم، ومضيفا أن دوار زمران الذي يضم 10000 أسرة في حاجة لوحده إلى سيارة إسعاف خاصة به. ملاجئ للمجرمين والمخدرات خلال زيارة الملك الأخيرة إلى مدينة مراكش، قامت قيادة الدرك الملكي بأكبر عملية تأديبية شهدتها سرية تسلطانت، إذ تمت معاقبة قائدها وباقي عناصرها السبعة بتنقيلهم إلى الأقاليم الجنوبية، مع إعفاء قائد قيادة المنطقة وإحالته على مقر ولاية جهة مراكش أسفي، بعدما تقدمت مستثمرة أجنبية بشكاية للديوان الملكي، تشكو فيها تماطل المسؤولين المذكورين في التدخل حين تعرضت للسرقة. القرار المشار إليه يوضح بشكل جيد الحالة الأمنية التي كانت تعيشها منطقة تسلطانت، حسب سكان التقت بهم هسبريس خلال جولتها بالمنطقة، مشيرين إلى أن بعض دواوير جماعتهم تشكل ملاذا آمنا لتجار المخدرات والمتعاطين لسرقة الدراجات النارية، ما يفرض حسبهم إدماج الجماعة ضمن مجال الأمن الوطني. "القانون يعرقلنا" "الجماعة مستعدة لبناء مؤسسات صحية وتعليمية وشراء سيارات إسعاف، لكن القانون يغل أيدينا حين نريد التنسيق مع المصالح الخارجية المعنية بكل من قطاع الصحة والتعليم"، يقول عبد العزيز الدريوش، رئيس المجلس الجماعي لتسلطانت، مضيفا: "قمنا ببناء مستوصف دون أن توفر له وزارة الصحة أطرا طبية، رغم حاجة الناس إليه؛ والأمر نفسه بالنسبة لمنطقة زمران". وزاد المسؤول الجماعي عينه: "كما قمنا بتخصيص 70 مليون سنتيم للصحة و100 مليون سنتم لإصلاح بعض المؤسسات وترميمها، لكن هذه المبالغ المالية تنتظر قرارا من المسؤولين عن القطاعين لصرفها". "مستعدون لمعالجة الخصاص الذي تعاني منه جماعتنا ببناء مؤسسات تعليمية بمنطقة زمران والنزالة وكوكو التي تحتاج لإعدادية وثانوية"، يورد المسؤول عن الشأن المحلي بتسلطانت، مناشدا القائمين على قطاع التعليم وباقي الوزارات العمل على تبسيط المساطير القانونية، والالتزام بتوفير الأطر والموارد البشرية. ويقترح بن الدريوش إحداث إعدادية بمنطقة الشريفية، وأن يتم تحويل إحدى إعداديات سيدي موسى إلى ثانوية، للحد من معاناة تلاميذ دوار الشعبة الذي يوجد على الحدود مع سيدي غيات، وإحداث مستوى إعدادي بثانوية الكواسم، مضيفا: "في كل لقاء رسمي نناشد المديرية الجهوية للتعليم العمل على تحقيق ذلك، لسد الخصاص المهول الذي تعاني منه جماعة تسلطانت، التي قامت بشراكة مع محسنين بإحداث مدرسة بكل من دواري القرطاس والسكر، وبناء مجموعة من الحجرات بدواوير عدة". وأضاف المتحدث ذاته: "تأهيل دواري الحركات وتكانة خصص له ما يناهز 10 ملايير ونصف، ضمن برنامج مراكش الحاضرة المتجددة، لتجهيزهما بقنوات الصرف الصحي، وربطهما بالماء الصالح للشرب واستفادتهما من التبليط، وبعض المرافق الاجتماعية، كملاعب القرب، في انتظار تعميم التأهيل على باقي الدواوير الأخرى، بعد الانتهاء من الدراسات الخاصة". "طالبت أثناء انعقاد كل اللجان المكلفة بالإشراف على تأهيل المنطقة بإدراج دوار نزالة للاستفادة من قنوات الصرف الصحي، لأنه يعاني بشكل كبير من هذا الإشكال"، يورد رئيس الجماعة، مضيفا أن "المجلس الجماعي أخذ على عاتقه المساهمة في الإنارة العمومية، التي تساعد على الحد من مشاكل الأمن الذي تحسن بنسبة 90 في المائة بعد تغيير كل عناصر سرية الدرك الملكي". وأوضح عبد العزيز الدريوش أن هناك وعدا بإحداث مركز للدرك الملكي بكل من زمران والنزالة وكوكو، مع تعزيز سرية تسلطانت بعناصر أخرى، وناشد والي الأمن الإبقاء على تدخلات الضابطة القضائية التي أعطت أكلها، بعد شكاية الأجنبية التي تستثمر بدوار تكانة، لأن تعاونهما أدى إلى تحقيق حاجة السكان إلى الأمن والطمأنينة. مندوب الصحة يوضح وأوضح عمر صبان، المندوب الإقليمي لوزارة الصحة، لهسبريس، أن توفير أطر مستوصف الشريفية من أولويات إدارته في حالة وجود تعيينات جديدة، مشيرا إلى أن المسطرة الإدارية تتطلب وقتا ليس باليسير بالنسبة إلى حاجة السكان للتمريض، ومؤكدا أن وثائق المؤسسة الصحية ذاتها أرسلت إلى المصالح المركزية للوزارة. أما إحداث مستوصفات جديدة، حسب المندوب نفسه، فيخضع لمعايير الخريطة الصحية، التي تنص على 25 ألف نسمة بالنسبة للمجال القروي، ثم أورد أن التوسع العمراني لمدينة مراكش لم تسايره إدارة وزارة الصحة، مضيفا أن برمجت مستوصف أو مركز يتطلب أربع سنوات على الأقل لتعليل الحاجة إليه، ومنبها إلى أن فتح الباب أمام الجماعات والمحسنين لإحداث مؤسسات صحية يحتاج إلى توفير أطرها؛ "وهذه معضلة، لأن تكوينهم يحتاج إلى سنوات طويلة وميزانيات كبيرة"، حسب تعبيره.