بعد نقاش دام 17 ساعة.. لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب تصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق الإضراب    التصويت بالأغلبية على مشروع قانون الإضراب بعد اجتماع دام 17 ساعة    قمة (المياه الواحدة) في الرياض.. ماكرون يشيد بجهود المغرب في مجال تدبير المياه    بعد رسالة التوفيق.. بنكيران يعتذر لوزير الأوقاف ويتمسك بتصريحه    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يخلد ذكرى الراحلة نعيمة المشرقي    كأس ألمانيا: ليفركوزن يتأهل لربع النهاية على حساب بايرن ميونيخ    حرب التصريحات بين بنكيران ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية حول العلمانية في المغرب    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    ولاية أمن طنجة توقف شخصًا اعتدى على سيدة في الشارع العام    كوريا: الرئيس يون يلغي تطبيق الأحكام العرفية بعد تصويت البرلمان    وزارة الصحة تنفي الشائعات والمعلومات المغلوطة حول الحملة الاستدراكية للتلقيح    شركة ''أطلس للأشغال'' تفوز بصفقة تهيئة شارع جبران خليل جبران بالجديدة    ليلة تكريم الراحلة نعيمة المشرقي .. لمسة وفاء لفنانة إنسانية متألقة    جدل "العلمانية".. ابن كيران يرد على التوفيق: أنا لم أرد عليك ولكن قصدت سَيِّئي النَّوايا المتربِّصين بالبلد وبمرجعيته وبثوابته    الرئيس الفرنسي يشيد بجهود المغرب في مجال تدبير المياه    تقرير مفصل لنشاط جمعية القدس للتنمية والتضامن بشراكة مع ثانوية مولاي محمد بن عبد الله بالعرائش    وزارة الصحة والحماية الاجتماعية توضح بخصوص الحملة الاستدراكية للتلقيح        شهادات مؤثرة.. دموع ومشاعر في ليلة تكريم الراحلة نعيمة المشرقي (فيديو)    البواري: تصدير المياه مجرد "كليشيهات"    مكتسب اجتماعي جديد.. الحكومة تقبل منح العمال المنزليين حقّ الإضراب    أسرة الفن المغربي تودع مصطفى الزعري    "الصحة" تضمن سلامة جميع التلقيحات    مخزون المياه في السدود الفلاحية بلغ 3.9 مليار متر مكعب، بنسبة ملء تصل إلى 28 في المائة    من أجل كسب الاحتكاك والخبرة … باييرن ميونيخ يعير آدم أزنو خلال الميركاتو المقبل … !    كوريا الجنوبية على صفيح ساخن.. مظاهرات وأحكام عرفية وإغلاق مبنى البرلمان        مواطنون بالحسيمة يرفضون زيادة تسعيرة سيارات الأجرة الصغيرة ويدعون لاعتماد العداد    من هو عثمان البلوطي بارون الكوكايين المغربي الذي أثار الجدل بعد اعتقاله في دبي؟    انعقاد الاجتماع ال 22 للجنة العسكرية المختلطة المغربية-الفرنسية بالرباط    «‬توأمة انفصالية» ‬الريف والصحراء:‬ الحديث عن الحرب بين المغرب والجزائر؟    تداولات الإغلاق في بورصة الدار البيضاء    أخنوش يمثل جلالة الملك في قمة «المياه الواحدة» في الرياض    الفنان المغربي المقتدر مصطفى الزعري يغادر مسرح الحياة    إسرائيل تهدد ب "التوغل" في العمق اللبناني في حال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار        طائرة خاصة تنقل نهضة بركان صوب جنوب أفريقيا الجمعة القادم تأهبا لمواجهة ستينبوش    رحيل الفنان المغربي مصطفى الزعري    مطالب بفتح تحقيق في التدبير المالي لمديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    التامني: استمرار ارتفاع أسعار المواد البترولية بالمغرب يؤكد تغول وجشع لوبي المحروقات    أمريكا تقيد تصدير رقائق إلى الصين    المضمون ‬العميق ‬للتضامن ‬مع ‬الشعب ‬الفلسطيني    فن اللغا والسجية.. الفيلم المغربي "الوترة"/ حربا وفن الحلقة/ سيمفونية الوتار (فيديو)    حماس وفتح تتفقان على "إدارة غزة"    تصريحات مثيرة حول اعتناق رونالدو الإسلام في السعودية        رحيل أسطورة التنس الأسترالي نيل فريزر عن 91 عاما    فريق طبي: 8 أكواب من الماء يوميا تحافظ على الصحة    فيديو: تكريم حار للمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش    وزيرة: ليالي المبيت للسياحة الداخلية تمثل 30 مليون ليلة    برلين.. صندوق الإيداع والتدبير والبنك الألماني للتنمية يعززان شراكتهما الاستراتيجية    القضاء يحرم ماسك من "مكافأة سخية"    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    استخلاص مصاريف الحج بالنسبة للمسجلين في لوائح الانتظار من 09 إلى 13 دجنبر المقبل    هذا تاريخ المرحلة الثانية من استخلاص مصاريف الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا بعد "انتهى الكلام"؟
نشر في هسبريس يوم 15 - 01 - 2017

" انتهى الكلام "جملة فعلية مفادها توقف التشاور أو الحوار بين بين طرفي الحوار المرسِل والمرسَل إليه، وبالتالي فإن التشاور أصبح مستحيلا بعدما تم التوقيع على بيان رباعي ضم أخنوش والعنصر وساجد ولشكر. "انتهى الكلام" رسالة موجهة ليس فقط إلى السيد أخنوش (هو في الأصل تكنوقراط) الذي أُقحِم لسبب واحد هو عرقلة تشكيل حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية، بل أيضا إلى الدولة التي هي أيضا طرف في البلوكاج. السيد أخنوش بالإضافة إلى الأصالة والمعاصرة ( دور هذه الأخيرة هو خلق توازن سياسي مع العدالة والتنمية أو منعها من اكتساح الشارع السياسي) يهدفان إلى إضعاف العدالة والتنمية بعدما أدت دورها. ( إلياس العماري طالب باستقالة عبدالاله بنكيران).
الانسداد ( البلوكاج) عملية مفتعلة تسعى الدولة من وراءها إلى إقصاء العدالة والتنمية. فبعدما فُرضت العدالة والتنمية على الدولة بسبب الخريف العربي وبتأييد من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وبتأييد من ما يسمى بالديمقراطيين الأمريكيين. الدولة بعد الانتخابات الأخيرة تعاملت ببراكماتيكية، قبلت مكرهة العدالة والتنمية بحيث لا يمكن لها أن تدخل في صراع مرير مع العدالة والتنمية ( ومع مؤيديها و المتعاطفين معها ) قد يِؤدي إلى زعزعة الاستقرار. لكن مع المستجدات الحالية منها ما هو داخلي وخارجي سوف يمنعان بنكيران من تشكيل الحكومة. لنناقش الآن العامل الداخلي:
يكمن هذا العامل في مؤشرات كثيرة تبشر أن السيد بنكيران سوف لن يُسمح له بتشكيل حكومة. كيف ذلك؟ السيد أخنوش ووراءه جهة ( ربما هي التي كان يسميها بنكيران العفاريت والتماسيح) أُقحِم لفرض شروط لايقبلها السيد بنكيران؛ منها إقصاء الاستقلاليين ( حميد شباط لما شعر أن حزب الاستقلال أُقصي، جنح إلى الهجوم لخلط الأوراق؛ فتصريحه حول موريطانيا هو تمرير رسالة مفادها أنه موجود)، وإصدار بيان رباعي مشترك مع العنصر ولشكر وساجد. البيان يفرض على السيد بنكيران بالاستمرار بالمشاورات حتى مع الأحزاب التي يرفض مشاركتها في الحكومة.هذه الممارسات سيرفضها بنكيران وحزبه لأنهما سيعتبران أنها إهانة وتحدي لرئيس الحكومة. فكل طرف سيتشبت بموقفه ولن يتنازل للآخر مما سيعطل تشكيل الحكومة. يضاف إلى هذا إرسال مستشارين من القصر إلى السيد بنكيران التي يُفهم من وراءها أن الدولة منحت السيد بنكيران الوقت الكافي لتشكيل الحكومة وليست هي المسئولة عن تعطيل تشكيلها، وبالتالي لا يمكن لها إلا التدخل من أجل إنقاذ البلاد.
أما العامل الخارجي الذي يبشر أن السيد بنكيران سوف لن يشكل حكومة فيتجلى في موقف فرنسا والولايات المتحدة من هندسة الحكومة. كيفي ذلك؟
فرنسا لن تقبل حكومة بدون وجود من يدافع عن الفرانكفونية، لا أقصد فرانكفونيين بل francophiles. ربما هذا هو سبب مطالبة أخنوش بإبعاد حزب الاسقلال الذي لديه مواقف تاريخية تقف الند للند مع فرنسا وإسبانيا فيما يخص قضايا وطنية. حزب الاستقلال مواقفه واضحة من عدة قضايا كالتعليم واللغة العربية والاستعمار المتجدد....( قاموس الدارجة وراءه فرنسا لإضعاف اللغة العربية). كما أن إسبانيا تعرف موقف الحزب من سبتة ومليلية. أما العدالة والتنمية فلا وجود لسياسة خارجية لديها، حيث قبلت بما يسمى بالباكالوريا الفرنسية.
أما الجانب الأمريكي فقد أحدث زلزالا ضد التيارات الإسلامية مع وصول دولاند ترامب إلى الرئاسة. آمال التيار الإسلامي وفي مقدمته العدالة والتنمية كانت معقودة على فوز هيلاري كلينتون بالانتخابات الأمريكية.كلينتون ( وما يسمى بالديمقراطيين) تعد أحد أهم رموز مشروع تصدير التيار الإسلامي في المشهد السياسي، وتمثل امتدادًا لاستراتيجية التغيير داخل الدول العربية بتوظيف مختلف الطيف الإسلامي.
مواصلة استراتيجية الديمقراطيين في التعامل المناور والبطيء والمصلحي مع ملف الإسلاميين هي الاستراتيجية التي أتاحت للإسلام السياسي هذا النفوذ الواسع بما أتاح له مناوءة مؤسسات الدول والتعامل مع أنظمة الحكم العربية بندية بما هدد حضور ومستقبل المؤسسات التقليدية في الحكم. ومن ثم صار البديل الذي تهدد به القوى الغربية والإقليمية أنظمة الحكم العربية، وإن لم ينجح كبديل كامل يتم طرحه وفرضه بما يشبه السلطة الموازية وهي إستراتيجية أمريكية الصنع تبناها الديمقراطيون طوال فترتي حكم باراك أوباما لتحقيق مصالحهم من خلال توظيف التيارات الإسلامية.
كما اعتمد الديمقراطيون على الإسلاميين في صراع الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو مع المحور الشرقي بزعامة الصين وروسيا، وهو ما أتاح للتيارات الإسلامية مساحة من الحرية لتنتشر وتسيطر علي مناطق جغرافية جديدة.
أما دونالد ترامب فيرى أن إدارة الديمقراطيين قد أعطت التنظيمات الإسلامية مسوغات الحضور والنفوذ والتوسع منذ مغازلة أوباما للإخوان في جامعة القاهرة عام 2009 وتخلي أمريكا عن حلفائها في المنطقة وغض الطرف عن الإرهاب في سوريا، لتمر جميع التيارات التكفيرية إلى الداخل السوري تحت عين وبصر أجهزة المخابرات الغربية وبرعاية مخابرات دول إقليمية، وفي عهد الديمقراطيين وصلت العلاقة مع روسيا إلي مستوي الحرب الباردة وكادت تشتعل مع الصين.
هذه السياسة التي اعتمدت بشكل كلي على توظيف جماعات الإسلام السياسي والجهادي أفقدت الولايات المتحدة بريقها ونفوذها وحرمتها من حلفائها الذين اتجهوا بشكل أو بآخر للتعاون والتفاهم مع المحور الشرقي وأقاموا علاقات استراتيجية مع الصين وروسيا، بعد أن تهدد وجود ومستقبل الدول بهذه الاختراقات الأيديولوجية والمذهبية غير المسبوقة، وهذا من شأنه تراجع نفوذ الولايات المتحدة وراء الأطلسي، والسعي لخلق صيغة دولية جديدة لإدارة العالم من خلال نظام متعدد الأقطاب لإعادة ضبط تلك التنظيمات ووضعها في إطارها القانوني الصحيح وللحفاظ على مصالح الدول ولاستعادة التوازن الطبيعي في موازين القوي الإقليمية.
هذا النهج الأمريكي كان مرشحا للاستمرار بفوز كلينتون من خلال اتباع نفس السياسات والعلاقات الغامضة والمناورات، بما يتيح توالدا متصاعدا للتنظيمات الإرهابية، وهو ما سيدفع دونالد ترامب والدولة العميقة لإعادة النظر في جملة ملفات، وعلى رأسها العلاقة مع تيار الإخوان المسلمين الذي غذي فشله في مشهد السلطة تصاعد النشاط الإرهابي ،سواء من فصائل منتمية له أو من خارجه، وإعادة النظر في استراتيجية التعامل مع موسكو، وبعد أن كان نهج الديمقراطيين هو مشاكسة روسيا والسعي لتحجيمها وتهديدها بتوظيف طيف الإسلام السياسي والجهادي، سيعمد ترامب للتعاون مع بوتين في حربه الحاسمة والواضحة في مواجهة التنظيمات الإسلامية التي أدت دورها ولم يبق إلا القضاء عليها. فقد اتهم دولاند ترامب صراحة هيلاري كلينتون بأنها وراء عمليات الإخوان والإرهاب في مصر والمنطقة. فهذا جزء من الحقيقة بحكم منصبها السابق وزيرة للخارجية في حين أن اللعبة كلها يجب انتسابها للدولة العميقة.
فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية أسوأ خبر من الممكن أن يصحو عليه الإسلاميون والجهاديون؛ لأن فوز هيلاري كلينتون كان سيفيدهم من عدة زوايا.
بعد هذه المستجدات، ما هي السيناريوهات الممكنة؟. أعتقد أن سيناريو واحد هو الممكن؛ تجربة كل من السيدين عبد الرحمان اليوسفي وعباس الفاسي ستتكرر. كيف ذلك؟.
الدولة العميقة ترسم خطوط حمراء لا يمكن لأي فاعل تجاوزها. السيد اليوسفي قال لا بعد انتخابات 1992، ثم قال لا عندما تم الابتعاد عن المنهجية الديمقراطية واللجوء إلى التكنوقراط. السيد عباس الفاسي أدى الأدوار التي طُلبت منه، منها قبول استوزار أشخاص باسم حزب الاستقلال لم يسبق له أن سمع بهم ( هذا الطرح زكاه شباط مؤخرا عندما قال أن الدولة هي التي تعين أسماء باسم حزب الاستقلال).
انطلاقا من هذه المعطيات فإن السيد عبدالإله بنكيران سوف لن يُسمح له بتشكيل حكومة، وسيعين الملك تكنوقراط للقيام بهذه المهمة.
*أستاذ جامعي بالكلية متعددة التخصصات – أسفي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.