تتوالى تداعيات قرار وزارة الداخلية منع خياطة وصناعة وبيع "البرقع"، بين رافضين ومؤيدين، إلى حد مطالبة جهات حقوقية بسن قانون يفرض تعرية وجوه النساء في الشوارع والفضاءات العمومية، بالنظر إلى أن "النقاب قد يستخدمه متطرفون في عمليات إرهابية". الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب دعت، في هذا السياق، إلى سن نص قانوني مستقبلا يوجب كشف ملامح وجوه النساء المغربيات في الفضاء العمومي، وإلى إلزامية التعرف مؤقتا على هوية كل شخص يستعمل "اللباس الأفغاني" من طرف السلطات المختصة. وشددت الجبهة ذاتها، في بيان توصلت به هسبريس، على "ضرورة خلق نوع من التوازن بين حرية اللباس والمظهر، باعتبارهما جزءا من حرية التعبير، والحق في الأمن باعتباره أيضا من أساسيات حقوق الإنسان"، موردة أن "واجب صيانة مبدأ التعايش يقتضي الحكمة والعقلانية في تدبير الفضاء العمومي، بما يكفل احترام الحقين معا". ويعقب المحامي والناشط الحقوقي عبد المالك زعزاع على توصية الجبهة المذكورة بسن قانون يوجب تعرية وجوه المنقبات بالشارع، بالقول إن "أي نص قانوني كيفما كان نوعه، إذا تعلق بقضايا تمس بالمعتقدات أو بعض الأمور الشخصية المرتبطة بالحياة العامة، يجب أن يمر عبر البرلمان، ويواكبه نقاش عمومي". وأكد زعزاع، في تصريحات لجريدة هسبريس، أن "أي نص قانوني يلزم المغربيات بكشف وجوههن في الشارع العام قد يمس بمعتقدات هذه الفئة من النساء، لكونهن يعتبرن تغطية وجوههن بالنقاب مسألة عقيدة"، مبرزا أن "القانون يتعين أن ينسجم مع مقتضيات الدستور الذي ينص على أن دين الدولة هو الإسلام". وذهب المتحدث ذاته إلى أنه "لم يثبت إلى حد اليوم وبشكل جلي أن هناك تواترا بشأن أشخاص يرتدون هذا الزي ويقومون بواسطته بعمليات إجرامية أو إرهابية"، مردفا بأنه "حتى إذا حصل لا يجب أن يكون مبررا أمنيا يفضي إلى منع لباس يعتبره عدد من المغاربة من بين معتقداتهم الدينية". وبينما احتدت السجالات بين إسلاميين وعلمانيين بخصوص قرار الداخلية منع ترويج البرقع، إلى درجة تحدي شيخ سلفي للسلطات بإعلان ترويجه للنقاب من بيته مجانا، اعتبر زعزاع أن "المقاربة الأمنية الضيقة والحادة لا يمكن إلا أن تثير نقاشاتٍ نحن في غنى عنها"، وفق تعبيره. وإذا كانت أصوات ارتفعت لتؤكد أن البرقع أو النقاب حرية شخصية، ولباس تعتبره بعض المغربيات فرضا دينيا، فإن الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف ذكرت في بيانها أن "البرقع لباس أفغاني دخيل لا يمت بصلة للخصوصية المغربية ويكتسي تطرفا واضحا في المظهر واللباس". وقالت الجبهة ذاتها إن "البرقع أو النقاب لا يجعلنا نميز بين النساء والرجال، لإخفائه جميع ملامح الوجه، وقد يستغل لارتكاب جرائم عادية أو إرهابية والتخفي عن أنظار الكاميرات في الشوارع والمحلات"، معتبرة أن "نشر ثقافة التخفي عمل موجه ومنظم من جهات منظمة متطرفة".