بمجرد إعلان بنك المغرب عن لائحة المصارف المرخص لها بتقديم منتجات تراعي مبادئ الشريعة الإسلامية في المغرب، سادَ نقاش واسع بين النشطاء المغاربة في "فيسبوك"؛ حيث طرح عدد منهم أسئلة تنمُّ عن أنّ البنوك التشاركية الحاصلة على التراخيص مدعُوّة إلى القيام بحملة تواصلية واسعة للتعريف بمُنتجاتها، والفرْق بينها وبين منتجات الأبناك التقليدية. وفيما طرحَ عدد من "الفيسبوكيين" أسئلة حوْل الفروق الكامنة في معاملات الأبناك التشاركية والأبناك التقليدية، علّهم يظفرون بأجوبة مقنعة، انبرى آخرون إلى تقديم إجابات، وانقسموا إلى فريقيْن؛ فريق يرى أنّ الأبناك التشاركية تراعي، فعلا، ما تنصّ عليه الشريعة الإسلامية في المعاملات المالية، وفريق يرى ألاّ فرْق بينها وبين الأبناك التقليدية. كتب أحد "الفيسبوكيين" حاسما موقفه: "باش نفهمو مزيان الفرق بين البنك الربوي والإسلامي -التشاركي؛ إذا اشتريت حقيبة ب 1000 درهم وبعتها بأكثر من ذلك فالفرق بين المبلغين ربح (البنك الإسلامي). إذا اقرضتك مالا قدره 1000 درهم وأرجعته بأكثر منه فالفرق رِبا (البنك الربوي)". وأضاف: "قد يكون للفرق في الحالتين نفس القيمة المادية ولكنهما يختلفان في "القيمة" الشرعية؛ الأول حلال والثاني حرام"، مستدلّا بالآية ﴿وأحلَّ الله البيع وحرَّم الربا﴾. وردّ "فيسبوكي" آخر على هذا الرأي بالقول: "إذا كان البنك الربوي يزيد 10% على المنتوج، فالبنك الإسلامي يقول لك: إن شاء الله الزيادة 10% على المنتج"، معتبرا أنّ الفارق بينهما هو "إن شاء الله"، في إشارة إلى استغلال الدين لتحليل الفائدة الربوية. في السياق نفسه تساءلت خديجة: "متى كان للبنوك دين؟!!"؛ موضحة أنّ البنوك "هي مؤسسات مالية غرضُها الربح بالأساس؛ لديها مصاريف وموظفون ينتظرون هم كذلك علاواتهم آخر السنة، غير أن البنوك الاسلامية تغلبت على غيرها بالنصب والاحتيال والتدليس". وأوضحت موقفها بالقول: "ما يسمونه نظام المرابحة، ما هو إلا حساب لفوائد أعلى من التي يمكن أن يمنحك إياها أي بنك عادي، مع فارق أنك تؤدي تلك الفوائد لديهم على المبلغ المقترض بأكمله، طيلة مدة السداد، والمقترض يبدأ بدفع الفوائد أولا، حتى إذا أراد التراجع يوما فهو الخاسر، لأنه دفع الفوائد ونسبة صغيرة جدا من المال المقترض، بينما لدى البنك العادي نسبة الفائدة تتقلص مع تقلص مبلغ الدين!!". رأي خديجة أيده يوسف سعود، الذي يرى "أنَّ البنوك التشاركية نموذج اقتصادي فقط، اختارت تسويق منتجاتها بطريقة مختلفة"، وأشار ضمْن تدوينة دبجها في هذا الموضوع إلى وجود اختلاف حتى بين هذه البنوك نفسها؛ "ذلك أنَّ "النسخة المغربية" التي يؤطرها قانون مؤسسات الائتمان، لا علاقة لها بالنموذج الخليجي الذي يتصوره الكثيرون؛ فهناك "خصوصية" مغربية حتى في طبيعة الخدمات". وأردف يوسف: "لا يجب إعطاء هذه المؤسسات (البنوك التشاركية) أكثر من بُعدها الاقتصادي، حتى لا يخرج علينا يوما من يقول: مَن تعامل مع غيرها فهو آثم، ويجدون لذلك فتاوى على المقاس"، مضيفا: "البنوك التشاركية، مؤسسات تجارية، وليست مؤسسات خيرية، لها مسؤولية اجتماعية كما باقي مؤسسات العالم، ولها زبناء كثر، وتحقق رقم معاملات كبير يصل إلى تريليونات الدولار...". معلّقون آخرون تعاملوا مع "حيرة" الفرق بين البنوك التشاركية والتقليدية، وكذا الشراكة القائمة بينها في نسختها المغربية، بكثير من السخرية. وكتب المحجوب ساخرا: "بغيتو نشرح ليكم زفاف الأبناك الإسلامية كمثل رجل متزوج بنصرانية شقراء تسر الناظرين، فأبى بعد إلحاح من أمه وأبيه وإخوته (الشعب)، تحليل انتمائه الاسلامي بالزواج بأُخت/ضرّة محجّبة". في المقابل، أبْدى "فيسبوكيون" آخرون قناعتهم بأنَّ معاملات البنوك التشاركية تحترم ما تنصّ عليه الشريعة الإسلامية. وكتب حسن، في ردٍّ على القائلين بأنَّ البنوك التشاركية تُلبس معاملاتها لبوسا دينيا بينما لا تختلف في الجوهر عن معاملات البنوك العادية، "الفرق هو أنَّ البنك التقليدي يبيع لك المال، والبنك الإسلامي يبيع لك السلعة، وهذا هو الفرق بين الربا والبيع، وقد حكى الله عن قوم لهم نفس الرأي قالوا إنما البيع مثل الربا، فقال تعالى وأحل الله البيع وحرم الربا". وكان بنك المغرب قد أعلن، قبل يومين، لائحة أربعة أبناك مغربية لتقديم منتجات بديلة، بشراكة مع مصارف خليجية، وهي البنك المغربي للتجارة الخارجية لإفريقيا، بشراكة مع المجموعة السعودية البحرينية دلة البركة، والقرض العقاري والسياحي، بشراكة مع بنك قطر الدولي الإسلامي، والقرض الفلاحي، بشراكة مع المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، والبنك الشعبي المركزي بشراكة مع مجموعة "غايدنس" السعودية.