فجأة، وجد حزب الاستقلال نفسه في فوهة بركان؛ وذلك على خلفية "حرب البلاغات" التي اندلعت ضده بعد تصريح أمينه العام حميد شباط، الأسبوع الماضي، بأن "موريتانيا، تاريخيا، أرض مغربية"، ما جعل الحزب الحاكم الموريتاني يخرج ببلاغين يندد فيهما بمضمون هذا التصريح، ويدعو "الاستقلال" إلى الاعتذار، الأمر الذي استدعى تدخل المؤسسة الملكية ووزارة الخارجية. ويبدو أن التصريحات الصادرة عن شباط ستكون لها انعكاسات على موقع حزبه في التشكيلة الحكومية؛ حيث بدا واضحا استثمار رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، هذه التصريحات ليعبر عن امتعاضه من الأمين العام لحزب "الميزان"، بالقول إنه "إذا كنا مع هؤلاء في الحكومة، فإن الأمر سيكون مزعجا للبلاد"، مسجلا أن "زعماء الأحزاب السياسية لا يمكن أن يساهموا في إحداث الأزمات، بل تقريب وجهات النظر في حال التباعد". الدكتور عبد المنعم لزعر، باحث في العلوم السياسية، يرى، في تصريح لهسبريس، أن "التحولات والتطورات تفيد بأن بنود دفتر التحملات المؤطر للتوافق الذي جمع بين حزب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال قبل التصريحات ليست هي نفسها بعد هذه التصريحات"، مؤكدا أن "كل هذا يجعل تطورات المشاورات بشأن تشكيل الحكومة تظل مفتوحة على كل الاحتمالات". وقال لزعر إن "مهمة رئيس الحكومة إلى موريتانيا مكنت عبد الإله بنكيران من الاندماج الاستباقي في منظومة رئاسة الحكومة"، معتبرا أنه بدأ يغلب الطابع المؤسساتي للمشاورات على حساب الطابع السياسي. وسجل الباحث في الشأن الحزبي المغربي أن "خرجة حزب الاستقلال بخصوص موريتانيا بغض النظر عن السياق الذي جاءت فيه، والمداخل التي يمكن اعتمادها لتحليل رهاناتها وأهدافها، فإنها بمقاييس وحسابات التكلفة تعتبر خرجة فاشلة"، مشددا على أنها "تسببت في إضعاف القوة التفاوضية لحزب الاستقلال ولأمينه العام في التعاطي مع ملف تشكيل الحكومة". "بلاغات حزب التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، تحرك بالتوازي مع السرعة الزمنية التي أصبحت متحكمة في المشاورات الحكومية بعد لقاء مستشاري الملك مع رئيس الحكومة"، يقول لزعر الذي أوضح أن "هدف هذه البلاغات هو تسريع الخروج السياسي لحزب الاستقلال من التكتل الأول الذي كان يجمعه مع حزب العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية"؛ وذلك "في مقابل تسريع دخول أقطاب التكتل الثاني الذي يقوده عزيز أخنوش في رهانات السرعة الأخيرة لعملية بناء الأغلبية". واختتم الباحث لزعر حديثه لجريدة هسبريس الإلكترونية بالتأكيد على أن "اعتذار حزب الاستقلال، عبر لسان حال حزبه، هو بمثابة استدراك للثقل السياسي الضائع"، موضحا أنه "تأكيد على حرص حزب الاستقلال على التواجد في ثاني حكومة تأسيسية في ظل دستور 2011".