مثل كرة ثلج تكبر كلما تدحرجت من القمة إلى السفح، أفضت تصريحات حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، التي قال فيها إن "الحدود التاريخية للمغرب تمتد من سبتة حتى نهر السنغال، وأن موريتانيا أراضٍ مغربية"، إلى تكالب محللين ودبلوماسيين وإعلاميين موريتانيين ضد المغرب. وبعد أن رد الحزب الحاكم بموريتانيا على تصريحات شباط بحديثه عن "إفلاس سياسي وضع المملكة في عزلة"، ورفضه "التطاول على سيادة واستقلال موريتانيا"، جاء الدور على دبلوماسي بالجارة الجنوبية للمملكة هدد صراحة بفتح سفارة لجبهة البوليساريو بنواكشوط. وأفاد مصدر دبلوماسي موريتاني رفيع المستوى، تحدث إلى وكالة الأنباء الموريتانية المستقلة "الأخبار"، بأن موريتانيا ستفتح سفارة لما سماها "الجمهورية الصحراوية" في العاصمة نواكشوط إذا ما استمرت المملكة المغربية في "استفزازات إعلامية وسياسية"، مشيرا إلى أنه "لا يوجد مانع قانوني لدى موريتانيا من فتح هذه السفارة". واستطرد الدبلوماسي ذاته، الذي لم يكشف المنبر الموريتاني هويته، بأن بلاده تعترف بالجمهورية الصحراوية منذ الثمانينيات، وبأن "عدم فتح سفارة للصحراويين بموريتانيا كان احتراما لمشاعر المغاربة"، قبل أن يردف: "لكن استمرار الاستفزازات قد يدفعنا إلى فتح تلك السفارة ليصبح علم الجمهورية الصحراوية يرفرف في نواكشوط". واتهم المصدر الدبلوماسي ذاته المغرب بكونه "يقوم باستفزازات دبلوماسية خطيرة لموريتانيا لا يعلمها أحد"، ضاربا المثال ب"زيارات الملك محمد السادس، وبالتعاطي الدبلوماسي مع موريتانيا بشأن المؤتمرات الدولية المنظمة في المملكة، ومن بينها الإبلاغ المتأخر والمهين بالمؤتمرات والنشاطات الدولية"، على حد قوله. وأكمل المتحدث ذاته بأن "موريتانيا لم تبدأ بالاستفزاز، ولم ترد التصعيد مع المغرب، وصمتت كثيرا عن كل الاستفزازات، وعن الحملة المنظمة في الإعلام ومن الساسة المغاربة"، وزاد: "لكن يبدو أن هناك في المغرب من يدفع إلى التصعيد"، قبل أن يؤكد أن بلده "دولة مستقلة لا تبيع مواقفها"، وفق تعبيره. وفتحت منابر إعلامية موريتانية صفحاتها للرد بقوة على المغرب بعد تصريحات شباط، منها ما كتبه إسماعيل ولد الشيخ سيديا، وهو محلل موريتاني، إذ قال إن "شباط مطالب بالاعتذار للملك محمد السادس، لكونه طعن في السياسة الخارجية التي أرساها والده الحسن الثاني وجده محمد الخامس". وتابع الكاتب الموريتاني: "ملك المغرب اعترف بموريتانيا، وتحالف معها، وناصرها في تكتيكاتها، وأسس معها اتحاد المغرب العربي، ومنح طلابها، ونظم معها مباريات كرة القدم وكرة السلة، وفتح فيها سفارة، واستقبل سفارتها في الرباط". ويبدو أن الأغلبية والمعارضة في الجارة الجنوبية للمملكة اتفقا على الرد على شباط، إذ اعتبر حزب تكتل القوى الديمقراطية (المعارض) أن تصريحات الأخير أثارت "سخطا عارما لدى كافة مكونات الرأي العام الموريتاني، الذي رأى فيها عودة صريحة للخط السياسي التوسعي والعدواني الذي انتهجه حزب الاستقلال". وزاد الحزب الموريتاني ذاته أن التصريح يأتي "في ظل توتر بالغ الحساسية، تعيش فيه البلاد عزلة سياسية في المنطقة كلها"، وأن "الارتجال والتذبذب في المواقف، وسياسة النعامة والارتماء في أحضان هذا الطرف اليوم، ثم في أحضان خصمه غدا دون تبصر، أفقدت بلادنا مصداقيتها".