بعد حادثة مقتل السفير الروسي في تركيا، عاد النقاش من جديد حول نشاط مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، الذي بات مقيدا بشكل كبير، كما أشارت إلى ذلك وزارتا الداخلية والعدل والحريات، اللتان عادتا إلى التذكير بفصول القانون الجنائي، في الشق المتعلق بتجريم الإشادة بالأعمال الإرهابية. وبعد ما أفصح بعض النشطاء عن ميولاتهم المتطرفة بتعبيرهم صراحة عن تمجيد حادثة اغتيال سفير موسكو في أنقرة، خرجت السلطات المعنية ببلاغ تحذر فيه من مغبة التفاعل مع مضامين متطرفة أو ذات طبيعة إرهابية، ما أرسل إشارات قوية إلى رواد الفضاء الأزرق على الخصوص، تفيد بضرورة مراعاة كل مضمون يتم نشره أو تناقله. وتطرح المتابعة القضائية للأشخاص الذين ثبت تداولهم لمضامين ذات طبيعة إرهابية أو إشادتهم بها، بعض الأسئلة حول المعايير التي تنهجها السلطات المكلفة بمتابعة هذا الملف في تصنيفها لهذه المضامين، والشروط التي تجعل من منشور ما دليلا على إشادة صاحبه بالإرهاب. يوسف الريسوني، ناشط حقوقي وعضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، اعتبر أن الموضوع يطرح العديد من الثغرات التي قد تسمح بتأويل أي منشور كما كان نوعه تحت طائلة الإرهاب والإشادة به، مضيفا: "مادمنا نتحدث عن القانون الجنائي فيجب تحديد المعايير بنص واضح ضمن ديباجة القانون، وعدم ترك باب القراءة والتأويل مواربا". وقال الريسوني، في تصريح لهسبريس، إن "النص الذي يجرم الإشادة بالإرهاب، والذي ذكرت به وزرتا الداخلية والعدل والحريات ضمن آخر بلاغاتها فضفاض وعام ويعطي للسلطات الحق المطلق في تفسير وتقدير المنشورات المتداولة في فيسبوك وباقي الشبكات الاجتماعية"، مشدد على أن "هذا الأمر إذا ما استمر سيكون أداة قد تستغل للتضييق على البعض أو سيتم استغلاله لأغراض سياسية أو للانتقام من البعض"، وفق تعبيره. وأكد الناشط الحقوقي ذاته أن "الجميع متفق على أحقية تجريم الإرهاب والإشادة به في القانون"، وأضاف مستدركا: "لكن يجب تحديد مفهوم الإرهاب الذي نريد تجريمه، وتخصيص نصوص كاملة لتحديده بتفصيل حتى يعلمها الجميع من جهة، ويتم تقليص تأويله من طرف السلطة القضائية من جهة أخرى". ونبه الريسوني إلى طبيعة الفضاء الذي يشمله هذا المعطى، "ويتعلق الأمر بمواقع التواصل الاجتماعي، حيث ينشر أغلب النشطاء أشياء غير جادة وساخرة؛ ذلك فإن تحديد ما يمكن اعتباره إشادة يتطلب مراعاة كل ذلك"، على حد تعبيره.