رغم نضوب الإبداعات وتراجع الإنتاجات المسرحية والفنية في سنة 2016، ورغم تعنت الدولة في وضع لبنات حقيقية لاستراتيجيات ثقافية تنهض بالصناعة الثقافية كمحرك أساسي لشرايين الحضارة والفكر والفن للشعب المغربي، المتعدد ثقافيا والمتنوع في شتى مناحي معتقداته، والذي يستحق من ساسته شيئا بسيطا؛ وهو الإنصات لنبضه، والتفاعل مع ما ينتجه من خطاب، عوض توجيهه شرقا أو غربا، ذلك أن الشعب المغربي منتج إذا ما وجد ثقة الآخرين فيه، وهو شعب ينشد الرخاء الفكري والفني والثقافي، قبل الرخاء الاقتصادي، إذ أنه زاهد في كماليات الحياة التي يعوضها بالأمن الفكري والاستقرار السياسي. رغم كل هذه المثبطات سالفة الذكر، تفاءلت هذه السنة بإصرار بعض المبدعين والمبدعات على الإبداع والخلق في ظل هذه الظروف القاسية؛ لذلك عندما شرفني موقع هسبريس باختيار رجال السنة في الإبداع المسرحي والسينمائي، حاولت أن أوازن بين مبدعة مسرحية ومبدع وناشط مسرحي، كما هو الشأن لمخرجة سينمائية ومخرج سينمائي كانوا من أنشط ومن أذكى وأصدق المبدعين لهذه السنة (2016)؛ لأنهم لم يتوقفوا عند كل هذه المثبطات والعراقيل والأساليب الإقصائية، وكانوا في مواعيدهم مع الجمهور، بخطوات ثابتة وعزيمة تواجه الإحباط والمحبطين. ويتعلق الأمر بالفنانة أسماء هوري والفنان أمين ناسور، خرّيجا المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، اللذين لم يكلا من البحث وسبر أغوار الفن المسرحي وتقنياته وآفاقه، ومساعدة الشباب عبر قنوات التكوين وتقريب الفن الدرامي منهم. فقد أبدع ناسور وهوري مسرحيات لاقت نجاحا مبهرا في الداخل والخارج. أمين أبدع مسرحية "أقتلني أ المعلم"، وأسماء أبدعت مسرحية "خريف". هذا دون أن ننسى الأستاذة نعيمة زيطان التي تتعبد بمحرابها وتمطرنا بشآبيب إبداع كل سنة رغم تعنت الوزارة في حق تجربتها وفرقتها. كما أود أن أحيي مجهودات المسرحيين؛ الفنان المناضل عبد الجبار خمران، والفنان المثابر القدير عبد الحق الزروالي. أما على مستوى السينما، فقد أذهلتنا كل من المخرجة هدى بنيامينة التي حازت على الكاميرا الذهبية بمهرجان "كان" عن فيلمها "divines"، والمخرج الذي كان فيلمه سيغيب عن المهرجان الوطني للفيلم لولا تدارك المركز السينمائي خطأه في آخر لحظة وأعاده إلى المسابقة الرسمية، ليحوز الجائزة الكبرى وجائزة التشخيص ذكورا وإناثا، المخرج القادم من كندا، سعيد خلاف، وأعتبرهما شخصيتي سنة 2016. الفن أصلا يداعب القدر ويشاكسه؛ لذلك تكون بعض الإبداعات ورجالها ونساؤها قدريّين، ولا يعوزهم غير بعض الاجتهاد ليكون قدرهم النجاح.