توسعت العلاقات الثنائية بين المغرب والإمارات العربية المتحدة، والتي لامست مجالات الاقتصاد والتجارة والاتصالات والطاقة وغيرها من القطاعات الحيوية، لتشمل أيضا محاربة شبح الإرهاب في المنطقة، حيث مد كل بلد يده للآخر من أجل محاربة الجماعات المتطرفة والشبكات الإرهابية. ومهدت الزيارة الرسمية التي قام بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات العربية المتحدة، إلى المغرب ولقائه بالملك محمد السادس، في مايو من السنة الماضية، للإعلان عن مقاربة مندمجة لمواجهة الفكر المتطرف؛ وذلك في بعدها التنموي والاجتماعي، وخطابها الديني المتنور، ومقوماتها الأمنية. ويشترك البلدان معا في "توحيد الرؤى نحو مواقف مشتركة في العمل العربي، والتضامن الأخوي لمواجهة التحديات التي تمس الأمن القومي للدول العربية، بما فيها المخاطر التي تشكلها المنظمات الإرهابية والأطماع الإقليمية"، كما يدعمان الجهود الإقليمية والدولية في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة. وأسفر لقاء العاهل المغربي والمسؤول الإماراتي رفيع المستوى عن توقيع اتفاقية مهامة يوم 17 ماي 2015، ما زال العمل بها ساريا وناجعا، وتتمثل في تعميق وتطوير التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الجريمة بأشكالها المختلفة، وحفظ الأمن والنظام العام، وضمان حقوق الإنسان وحرياته. ويعمل البلدان معا، وفق نص الاتفاقية، على "محاربة الإرهاب والجرائم المتعلقة به بما في ذلك التمويل والدعم، والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، والاتجار غير المشروع في الأسلحة والذخائر والمتفجرات، وأسلحة الدمار الشامل، والتكنولوجيا المتعلقة بهما، والمواد النووية والمشعة والمواد الخطيرة على البيئة والصحة العامة". وتتعلق أشكال التعاون بين البلدين بتبادل المعلومات حول الجماعات الإرهابية ومنظماتهم، فضلا عن العمليات والأساليب والأعضاء واتصالاتهم، والتحقيقات الجارية التي تهم الطرفين، وتبادل المعلومات حول المنظمات الإجرامية والجماعات التي تقوم بالإعداد والتخطيط والمشاركة في غرس أي سلوك هدام، بغرض التأثير على الأمن وعلى المصالح الاقتصادية لأي من البلدين". ونصت الاتفاقية على أنه "يتم التعاون في إطار هذه الاتفاقية بناء على طلب من أحد الطرفين أو بمبادرة ذاتية من الطرف الذي يقترح تقديم مثل هذه المساعدة". كما تنص على "أنه للطرف المطلوب إليه أن يمتنع كليا أو جزئيا عن تنفيذ أي طلب يوجه إليه، إذا كان من شأن تنفيذه المساس بسيادة دولته أو أمنها أو نظامها العام، أو يتعارض مع تشريعاتها الوطنية أو التزاماتها الدولية". وحتى قبل توقيع الاتفاقية الثنائية بين المغرب والإمارات بشأن تعاون الجانبين على محاربة الإرهاب والتطرف والجريمة، كان المغرب قد أعلن في أكتوبر 2014 عن دعمه الأمني لدولة الإمارات في حربها على الإرهاب، من أجل الحفاظ على السلم والاستقرار إقليميا ودوليا. وإذا كانت مساهمة المغرب حيال الإمارات في حربها ضد الإرهاب قد طال جوانب عسكرية عملياتية ومعلوماتية واستخباراتية بالأساس، فإن المملكة دأبت على نشر المئات من الجنود المغاربة على مدى عقود فوق التراب الإماراتي في إطار المساهمة في تكوين جهاز الأمن هناك. واشتركت الإمارات والمغرب معا في محاربة الإرهاب، خاصة في محاربة ما يسمى "الدولة الإسلامية"، المعروفة ب"داعش"، كما في محاربة جماعة الحوثي باليمن، فيما دعمت الإمارات الجهود الدولية بمشاركتها بفاعلية في الائتلاف الدولي لمحاربة "داعش"، والمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، وأصبحت رئيساً مشاركاً لمجموعة عمل مكافحة التطرف. وفي الداخل، عمدت الإمارات إلى محاربة التطرف والإرهاب بطريقتها الخاصة، من قبيل تمكين فئات المجتمع في بناء الدولة، وتقديم بدائل لهم عن الخيارات التي تطرحها الجماعات الإرهابية، وتشجيع "الدين الوسطي"؛ وهو ما أفلح فيه المغرب بدوره، وباتت تجربته ملهمة للعديد من الدول.