الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ستقوم بعملية توظيف بموجب عقود ستشمل 11000 منصب. شكل هذا العنوان، موضوع الساعة في هذا الدخول الاجتماعي الحالي، موسم بدأ اجتماعيا وتأخر سياسيا. فبالنسبة للمهتمين بالشأن التعليمي في بلادنا، شكل العنوان السابق فرصة لسبر أغوار هذا المستجد. بين من يراه فرصة في التخفيف من أرقام البطالة الحاملة للشهادة، ومنهم من رآه فرصة مواتية للتحرش بوظيفة طال انتظارها، ومنهم من رآه إجهازا على أحد أركان المنظومة التعليمية وهي العنصر البشري. ومساهمة منا في هذا النقاش الذي فُتِح بابه و لا نعتقد أنه سيغلق قريبا، لما يكتنف في طياته من عناصر الغموض، وما يحمله من ترقب للمستقبل، حاولنا وضع قراءة قانونية لهذا المسار التعاقدي الذي ولج نافذة التعليم بدافع الخصاص وطمعا في الجودة. الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مؤسسات عمومية تعتبر الجهة المتعاقدة وهي الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، مؤسسات عمومية بحكم القانون، تمارس مهامها في إطار القانون المنظم 07.00، الذي أعطى انطلاقة إحداثها بموجب المادة 1 التي نصَّت على أنه : تحدث في كل جهة من جهات المملكة مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي تدعى " الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ". والمؤسسات العمومية، هي إحدى الأساليب المعتمدة في إدارة المرفق العام ، فعوض أن تقوم الدولة بإدارة المرفق العام مباشرة، تسند هذه المهمة إلى المؤسسة العامة، فهي لا تعدو أن تكون مجرد جهاز وجد أصلا من أجل تحقيق مهمة مرفقية. فهي أسلوب للإدارة المباشرة وفي هذا الصدد يقول الأستاذ Bonnard : ‘' Les services gérés directement par l'administration comportent parfois une modalité qui consiste en ce que le service possède un patrimoine propre ; distinct de celui de l'autorité administrative à laquelle il est rattaché ont des appelle établissements publics ‘'1 ويعني هذا الأسلوب أن الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى هي التي تدير المرفق العام مباشرة, مستعينة بأموالها ووظائفها, ومستخدمة وسائل وامتيازات السلطة العامة، وغالبا ما تكتسي هذه المرافق أهمية إستراتيجية بالنسبة للدولة فتمتنع عن إسنادها للأفراد والهيئات الخاصة. إنَّ المؤسسة العامة أسلوب من أساليب إدارة المرفق العام ، من قبل الأشخاص العامة، وهي تشبه طريقة إدارة المرافق العامة بالاستغلال المباشر من حيث أنها أيضا مدارة من قبل الأشخاص العامة، ولكن مع الفارق المتمثل في أن طريقة الاستغلال المباشر تعني الإدارة المباشرة للمرفق العام من قبل الشخص العام، بينما المؤسسة العامة تعني ذلك المرفق العام الذي يتمتع بالشخصية المعنوية، فيكون له بموجبها قدر من الاستقلال اتجاه الشخص العام الذي يرتبط به برابطة الخضوع لرقابته الوصائية . ويبدو هذا الأسلوب كطريقة لتمكين المرافق العامة التي تحصل على الشخصية المعنوية أن تدير شؤونها، وبصورة مستقلة عن السلطة العامة الإدارية، ويبرز بجلاء الشق الآخر من اللامركزية الإدارية وهي اللامركزية المرفقية، القائمة على استقلال المرافق العامة عن السلطات الإدارية التي تتبعها. وهكذا فإن المؤسسات العامة هي من الأشخاص العامة المرفقية والمتخصصة في إشباع حاجات عامة معينة2. والمؤسسات العامة تاريخيا عرضة لمراحل عدة من التطور، فالمرحلة الأولى تبدأ منذ الثورة الفرنسية حتى منتصف القرن التاسع عشر . وفيها لم تُكوِّن المؤسسة العامة مفهوما لها بل ظلت عبارة غامضة دون أية خصائص، فلقد كان القانون المدني وقانون أصول المحاكمات المدنية الفرنسيان اللذان يرجعان إلى أوائل القرن التاسع عشر، يستعملان كلمة " مؤسسة عامة " بمعنى شخص معنوي عام، أو شخص إداري وأحيانا بمعنى شخص معنوي خاص كالمؤسسة الخاصة ذات النفع العام3. وفي المنتصف الثاني للقرن التاسع عشر بدأت معالم المؤسسة العامة كمفهوم يتوضح ويتميز عن غيره من الكيانات المشابهة بالتحديد مع قرار محكمة التمييز الفرنسي4. حين ميزت بين المؤسسة العامة وأشخاص القانون الخاص ذات المنفعة العامة. كما استقر الرأي على اعتبار المؤسسة العامة شخص معنوي من أشخاص القانون العام وذلك في رأي استشاري لمجلس الدولة الفرنسي5 بتاريخ 17/07/1894 هكذا أضحت نظرية المؤسسة العامة من صنع وخلق القضاء الإداري الفرنسي، وهذا أمر طبيعي لارتباطها بنظرية المرفق العام، الذي هو أيضا من نتائج الاجتهاد الإداري الفرنسي. ولم يتعرض المشرع الفرنسي إلى تعريف المؤسسة العامة تاركا ذلك إلى الفقه والاجتهاد ومن هنا تعددت التعريفات6. فالعميد دوجيه Duguit يعرف المؤسسة العامة بأنها " مرفق يتمتع بذمة مالية مستقلة " أما هوريو Haurio فيعرفها بأنها " مرفق عام متخصص متمتع بالشخصية المعنوية " و دي لوبادير De Laubadérيعرفها " منظمة عامة لامركزية متمتعة بالشخصية المعنوية وهي إحدى طرق إدارة المرافق العامة ....." ومن الصعوبة بمكان تصنيف المؤسسات العامة بدقة تامة، فالمؤسسات العامة تطبيقاتها مختلفة ومتنوعة جدا فهي تختلف فيما بينها في كيفية تكوينها وفي النظام القانوني الذي تتبعه، وفي مدى استقلالها اتجاه الشخص العام الذي أنشأها، لكن بالرغم من ذلك فيمكن تقسيمها إلى أربع مجموعات رئيسية هي : أ- المؤسسات العامة الإدارية. ب- المؤسسات العامة الاقتصادية التجارية. ج- المؤسسات العامة المهنية. د- المؤسسات العامة الاجتماعية. وتشترك جميع هذه الأنواع بكونها من الأشخاص المعنوية العامة ولها بهذا الوصف حقوق السلطة العامة، كما لها أن تتمتع بالحقوق وتلتزم بالواجبات وتشترك أيضا في كونها : تدير مرافق عامة. تحقيق لغرض محدد لا يجوز لها أن تتجاوزه. تتمتع بقدر من الاستقلال الذاتي إزاء الأشخاص العامة التي ترتبط بها ( الدولة، الجماعة ). تخضع للرقابة أو الوصاية الإدارية. يشار إلى أن المؤسسات العامة بالمغرب تأخذ تسميات متعددة ك " المكتب " " الوكالة " " الصندوق ". إلاَّ أن إنشاء المؤسسة العامة ليست دائما واضحا فيما يتعلق بتصنيف هذه المؤسسات. لذا في معظم الحالات، لابد من دراسة كل مؤسسة عامة على حدة إذا أردنا التوصل إلى طبيعتها القانونية الحقيقية، بمعنى هل هي إدارية، اقتصادية، مهنية7. ومن جهة أخرى يلاحظ بأن معظم المؤسسات العمومية تتوفر على أنظمة أساسية مؤقتة توقع من طرف وزارة الاقتصاد والمالية و لا يتم نشرها بالجريدة الرسمية . ويرجع سبب ذلك إلى رغبة بعض المؤسسات في الحفاظ على بعض الامتيازات 8. الوظيفة العمومية رؤيا قانونية الوظيفة العمومية هي خدمة عامة يؤديها موظف عام، للأفراد أو للدولة أو أحد فروعها أو مصالحها العامة، في نطاق قانوني معين يحدد علاقته بمن يؤدي إليهم هذه الخدمة وعلاقتهم به، منظما لحقوقه وواجباته9. فالوظيفة العمومية هي أداة الدولة في تحقيق إشباع الحاجات العامة للأفراد. والموظفون العموميون يتمتعون لدى الإدارة بنظام قانوني خاص، يختلف عن قانون الشغل المطبق على العمال، فهم يعملون لخدمة المرافق العمومية والصالح العام. ومن ناحية أخرى يمكن التمييز في التجارب المقارنة، بين نظامين للوظيفة العمومية النظام الأمريكي والنظام الفرنسي. فالنظام الأمريكي يأخذ بالنظام المفتوح للوظيفة العمومية تجعل من الموظف عاملا للإدارة في زمن محدود، لا يتمتع خلالها بأي امتيازات تضمن له حق البقاء في الوظيفة فيمكن للإدارة إنهاء خدمته في أي وقت ولأي سبب. كما يمكن للموظف ذاته الاستغناء عن وظيفته متى شاء بمجرد إشعاره للمؤسسة بفترة مناسبة. ففي أمريكا لا تختلف الإدارة العامة عن الإدارة الخاصة، لهذا لم تعرف و.م.أ نظاما حقوقيا عاما لعمال الإدارة. بينما يأخذ النظام الفرنسي بالنظام المغلق للوظيفة العمومية ، الذي تعتبر الوظيفة فيه مهنة يشغلها أعوان الدولة لتحقيق المصلحة العامة. بوصفه موظفا، يعهد إليه برسالة خاصة هي ضمان سير المرافق العمومية ويستقل تبعا لذلك بنظام قانوني خاص يسري عليه دون الأفراد العاديين بقصد تمكينه من أداء رسالته10. وقد أخذ النظام المغربي في هذا المجال بالنظام الفرنسي المعمول به وهو النظام المغلق للوظيفة العمومية. واعتبر الوظيفة العمومية عملا مستقرا يخضع لنظام قانوني متميز، يختلف عن ما هو معمول به في القطاع الخاص ، حيث يوفر مجموعة من الامتيازات والحقوق مقابل الوفاء بالالتزامات والواجبات لتحقيق المصلحة العامة طبقا لنظام محكم ومحدد الذي يعتبر النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الصادر بتاريخ 24 فبراير 198511 الذي يستمد أحكامه من التشريع الفرنسي الصادر سنة 1964 حيث يسري تطبيقه على موظفي الإدارات المركزية والمصالح الخارجية التابعة لها باستثناء رجال القضاء وجنود القوات المسلحة الملكية وهيئة متصرفي الداخلية12.إنَّ ما يميز النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية هو أنه يتسم بالاستمرارية الشيء الذي يعبَّر عنه بنظام السلك، الذي يعتمد على دائمية الوظيفة التي من خلالها يحس الموظف بنوع من الإطمئنان على تأمين مستقبله ومستقبل أسرته بارتباطه بعمله الوظيفي ، كما أنه يعتمد على شخصية الموظف وقدراته وصلاحياته العامة 13. ويتسم التوظيف في سلك الوظيفة العمومية بعدة سمات أساسية منها أنه يتم من طرف الإدارة المركزية التي تسهر على تطبيق قواعد شغل الوظائف العمومية كالامتحانات والمباريات بأنواعها الداخلية والخارجية، من أجل تولية مناصب شاغرة ، وفق قانون واحد وموحد لإجراءات التوظيف في كل القطاع الحكومي على عكس الحال بالنسبة للقطاع الخاص الذي تختلف فيه إجراءات التشغيل من وحدة إلى أخرى. و يحدد النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية : * كيفية وشروط الانخراط في الوظيفة العمومية والخروج منها * حقوق الموظف ومسؤولياته * العقوبات التأديبية * الضمانات الإدارية والقانونية * اختصاصات كل من إدارة الوظيفة العمومية والمجلس الأعلى للوظيفة العمومية الأشخاص العاملون مع الإدارة يمكن التمييز بين طوائف متعددة من الأشخاص الذين تستعين بهم الإدارة في ممارسة المهام المنوطة بها. منهم من هو خاضع للقانون الخاص، ومنهم من يخضع لأحكام للقانون العام، وهذه الطوائف هي : الموظفون الخاضعون للنظام الأساسي للوظيفة العمومية و الموظفون الغير خاضعين للنظام الأساسي للوظيفة العمومية و الأعوان المتمرنون و الأعوان المؤقتون أو المياومون و الأعوان المتعاقدون مع الإدارة. وسنكتفي في هذه المناسبة بالإشارة إلى الموظفون الخاضعون للنظام الأساسي والأعوان المتعاقدون مع الإدارة. الموظفون العموميون يعطي ظهير 24 فبراير 1958 تعريفا دقيقا للموظف العمومي حيث اعتبره كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة إلاَّ أن القانون الجنائي المغربي توسع في تعريف الموظف واعتبره حسب الفصل 224 من القانون الجنائي : " يعد موظفا عموميا ، في تطبيق أحكام التشريع الجنائي ، كل شخص كيفما كانت صفته ، يعهد إليه في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة ، أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام ". وإذا كان القانون الجنائي توسع في تعريف الموظف العمومي فإنّ النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية اعتبر تعريف الموظف العمومي مرتبط بعناصر هي : الانتماء / الترسيم / التعيين / تأدية المهام / يعمل لحساب المرفق العام التابع للدولة إنَّ علاقة الإدارة بالموظف العمومي ليست علاقة تعاقدية وإنما هي علاقة نظامية وقانونية تخضع لقوانين خاصة تؤطرها أنظمة أساسية عامة و خاصة. وقد بيَّنت الفصول من 13 إلى 20 من القانون 24 فبراير 1958 مجموعة من الحقوق والواجبات والضمانات المقررة للموظف العمومي ويمكن التمييز في حقوق الموظف بين حقوق : إدارية / اجتماعية. الحقوق الإدارية : الترسيم تقاضي الأجرة التمتع بالرخص الترقية طلب الاستقالة الطعن في القرارات الإدارية الحماية من التهديدات والإهانة الحقوق الاجتماعية : الانتقال التأمين الإجباري عن المرض التعويض عن حوادث الشغل تقاضي معاشات التقاعد الأعوان المتعاقدون يخضع هؤلاء الأعوان لمقتضيات عدة مناشير لعل أهمها المنشور رقم 22 بتاريخ 7 غشت 1961 والمنشور رقم 38 بتاريخ 10 شتنبر 1963. ويتعلق الأمر بالسماح بتوظيف هذا الصنف من الأعوان بالنسبة للإدارات العمومية التي لا تتوفر على أنظمة أساسية خاصة بموظفيها، وذلك بموجب عقد. وإذا كانت هذه الوضعية تكتسي صبغة استثنائية حسب مقتضيات المنشور رقم 22 المشار إليه آنفا، فإن توظيف هذا الصنف من الأعوان قد استمر عدة عقود بالرغم من التقليص الكبير الذي عرفه خلال السنوات الأخيرة. وعند توظيفها، فإنَّ هذه الفئة تخضع لنفس الشروط المطلوبة نظاميا باستثناء المباراة، كما تخضع لنفس المسطرة الإدارية والقوانين والأنظمة الجاري بها العمل فيما يخص الترقية في الدرجة . ومن جهة أخرى ، فإنه لا يحق مبدئيا للأعوان المتعاقدين أن يتقلدوا مناصب المسؤولية من مستوى رئيس قسم أو مصلحة أو ما يماثلهما لكون هذه الأخيرة تقتصر على الموظفين المستوفين للشروط المطلوبة لتقلدها . فيما يتعلق بالأجور، فإن الأعوان المتعاقدين يتقاضون أجورا تطابق الوضعية الإدارية المماثلة للموظف14. الإطار القانوني للأعوان المتعاقدون يشير الفصل السادس من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، إلى التعيين في بعض المناصب بالوظيفة العمومية قد يسند إلى الموظفين أو غير الموظفين، ولا ينتج عن هذا التعيين في أي حال من الأحوال حق الترسيم في هذه الوظائف داخل أسلاك الإدارة وقبل تعزيز هذا الفص بالفصل السادس مكرر من قانون 50.0515 فقد صدرت مجموعة من المناشير الوزارية في تنزيل هذا الفصل من ذلك منشور المنشور رقم 22 و.ع بتاريخ 7 غشت 1961 الذي أكد على أن التوظيف بموجب عقد يقتصر على الادارات التي لا تتوفر على نظام اساسي خاص بموظفيها. بعدما لوحظ ان بعض الإدارات تلجأ غالبا لأجل سد حاجياتها من الموظفين الى التوظيف بموجب عقد دون مراعاة قواعد التوظيف المنصوص عليها في مختلف الانظمة الاساسية الخاصة بموظفي الدولة حسب ذات المنشور. كما تم إصدار منشور آخر من طرف وزارة الشؤون الإدارية بهذا الخصوص بتاريخ 26/06/1980. وفي 2011 تم إصدار القانون 50.05 الذي أضاف الفصل السادس مكرر إلى منظومة الفصول المنتمية للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية والذي جاء فيه : يمكن للإدارات العمومية عند الاقتضاء أن تشغل أعوانا بموجب عقود وفق الشروط والكيفيات المحددة بموجب مرسوم . " لا ينتج عن هذا التشغيل في أي حال من الأحوال ، حق الترسيم في أطر الإدارة " . وبعد استشارة المجلس الأعلى للوظيفة العمومية في دورته العادية المنعقدة بتاريخ 10 يونيو 2014؛ أصدرت الحكومة مرسوم 24 يونيو 2016 المحدد للشروط ولكيفيات التشغيل بموجب عقود بالإدارات العمومية . جاء في مادته الثانية يمكن للإدارات العمومية، كلما اقتضت ضرورة المصلحة ذلك، أن تشغل بموجب عقود : خبراء لإنجاز مشاريع أو دراسات أو تقديم استشارات أو خبرات أو القيام بمهام محددة، يتعذر القيام بها من قبل الإدارة بإمكاناتها الذاتية؛ أعوانا للقيام بوظائف ذات طابع مؤقت أو عرضي. أما المادة الثالثة من نفس المرسوم فقد نصَّت على أنّه : يتم التشغيل بموجب عقود، وفق أحكام هذا المرسوم، في حدود المناصب المالية الشاغرة، المحدثة بموجب قانون المالية. ولا يمكن، في جميع الأحوال، أن يؤدي هذا التشغيل إلى ترسيم المتعاقد معه في أطر الإدارة. عود على بدء من خلال إلقاء نظرة بسيطة على المنظومة القانونية المنظمة لعملية التعاقد بين الإدارة والأعوان في إطار تنفيذ بعض المهام المرتبطة بالصالح العام، يمكن القول أن التعاقد المعلن عنه من طرف الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بشأن مواجهة الخصاص في التدريس، لا يندرج ضمن النصوص القانونية السابقة خاصة الفصل السادس والفصل السادس المكرر من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية. ولا حتى يساير المرسوم الأخير مرسوم 24 يونيو 2016. فالمادة الثانية حددت الطرف الآخر من العقد في - الخبراء لإنجاز مشاريع أو دراسات أو تقديم استشارات أو خبرات أو القيام بمهام محددة، يتعذر القيام بها من قبل الإدارة بإمكاناتها الذاتية؛ أوفي فئة : - الأعوان للقيام بوظائف ذات طابع مؤقت أو عرضي. فهذا الحصر لا يتوافق مع مذكرة التعاقد ، الذي وإن كان يمكن القول أنها تتحدث عن الأعوان فإنها لا تتحدث عن وظائف بطابع مؤقت وعرضي. فإعلان التعاقد أكد على ما يلي : سيخضع الأساتذة الذين تم الإعلان عن نجاحهم بصفة نهائية وأبرموا عقودا مع الأكاديميات، لتكوينات في مجال التربية والتعليم تؤهلهم لأداء المهام المسندة إليهم خلال السنتين الأولى والثانية من توظيفهم، وكذا لتقييمين خلال السنة الأولى من التكوين، كما سيخضعون خلال السنة الثانية لامتحان الكفاءة المهنية، سيخول لهم النجاح فيه تجديد العقد الذي سيظل يجدد تلقائيا كل سنة، فضلا عن إجراء تقييم جديد كل ثماني سنوات، مع التأكيد على أن مسطرة التعاقد هذه لا تخول بأي شكل من الأشكال الحق في الإدماج المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية. وبناء عليه فإنَّ الحديث عن التأطير القانوني لهذه المهام في اعتقادنا ملغما، وغير واضح. من جهة أخرى إن المبررات التي سيقت لهذه العملية عملية التعاقد سواء من جهات رسمية أو غير ذلك تبقى محل نقاش ويمكن إجمال هذه المبررات في : المبررات الرامية إلى الرفع من الجودة ستصطدم بواقع الازدواجية في إسناد المهام فمن المعروف أنَّ كل موظف يميل إلى مقارنة المجهود الذي يبذله والأجرة التي يتقاضاها موظف آخر وبالمجهود الذي يقدمه من أجل الحصول على هذه الأجرة . مما سينعكس سلبا على المردودية وحتى العلاقات الأفقية بين هيئة التدريس. و بالتالي فإن إقرار العدالة في هذا الميدان يقتضي المساواة في الوضعية القانونية كما هي المساواة في أداء المهام. المبررات المتعلقة بمنظومة الأجر وثقلها في ميزان الموازنة العامة وبالتالي الهروب من الموازنة العامة إلى الميزانية الخاصة بالمؤسسات العمومية، يبين الحسابات الخارجية في التعاطي مع ملف اجتماعي، لقد عاشت الإدارة مرحلة كان التوظيف فيها يتم دون ارتباط بالحاجيات الحقيقية للمرافق العمومية. وقد ترتب عن هذه الممارسة عدة مشاكل ونفس الأمر يتكرر بشكل آخر، إن أي خطأ في التقدير في مجال التوظيف تكون له عواقب سلبية على أداء المرافق العمومية، فالتوظيف يجب أن يقتصر على الحاجيات الحقيقية للإدارة، دون استحضار للإكراهات وختاما يمكننا القول أن رهان الإصلاح الإداري عموما لا يمكنه أن يتحقق إلا من خلال حسن استثمار الرأسمال البشري عبر توظيفه في الزمان والمكان المناسبين، ومن ثمة يجب أن تخضع سياسة تدبير الموارد البشرية لمنطق التخطيط والتنظيم والتنسيق والتوجيه والتقييم. مع استحضار العدالة الوظيفية في إسناد المهام لتحقيق الصالح العام. 1 -Roland Drago – les Crises de la notion d'établissement public ; Edition A Pédone . Parais 1950 P ; 47 2 -محمد الأعرج : القانون الإداري المغربي ص 355 3 -George Vedel ; Droit administratif 6éme édition Paris 1976 P 729 4 -Cour de Cossation 05/03/1856aisse d'épargne de caen ; Dalloz – jurisprudence générale 1856 – 1ére partie P 121 5- Jean Pierre Theron – Etablissements publics J.C.A fascicule 135 – 1993 P 04 6- محمود عبد المجيد المغربي " المدخل إلى دراسة القانون الإداري الخاص " الجزء الأول 1994 المؤسسة الحديثة للكتاب – لبنان – ص 07 7- محمد الأعرج ص 360 8- الإصلاح الإداري بالمغرب : أعمال المناظرة الوطنية حول الإصلاح الإداري بالمغرب منشورات م.م.إ.م.ت " سلسلة نصوص ووثائق "عدد 68، 2002 ص 92 9- طلعت حرب – محفوظ محمود : مبدأ المساواة في الوظيفة العامة – الهيئة العامة المصرية للكتاب 1989 ص 46 10- فؤاد مهنا : سياسة الوظائف العامة وتطبيقاتها في ضوء مبادئ علم التنظيم – دار المعارف الاسكندرية – 1967 ص 37 11- ظهير شريف رقم 008-58-1 بتاريخ 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) يحتوي على القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية (ج. ر. عدد 2372 بتاريخ 21 رمضان 1377 - 11 أبريل 1958) ص 631. 12- الحاج شكرة : الوظيفة والموظف في القانون الإداري المغربي الطبعة الثانية 2008 ص 31 13- الحاج شكرة : الوظيفة والموظف في القانون الإداري المغربي الطبعة الثانية 2008 ص 14 14- الإصلاح الإداري بالمغرب : أعمال المناظرة الوطنية حول الإصلاح الإداري بالمغرب منشورات م.م.إ.م.ت " سلسلة نصوص ووثائق "عدد 68، 2002 ص 196 15- ظهير شريف رقم 1.11.10 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 ( 18 فبراير 2011 ) بتنفيذ القانون رقم 50.05 بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 1.15.008 الصادر في 4 شعبان 1377 ( 24 فبراير 1958 ) بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية (ج. ر. عدد 5944 بتاريخ 15 جمادى الآخرة 1432 – 19 ماي 2011 ص 2630) *دكتور في الحقوق