حتى الآن، لم يتمكن المحتجون السوريون من إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد؛ وذلك يرجع بشكلٍ كبير إلى ما يُمارسه النظام من قمع تجاه المواطنين، وتعريض حياتهم للخطر، وإرهابهم بالتعذيب أو السجن مدى الحياة، الأمر الذي قد يزعزع عزم أكثرهم تصميما وشجاعة. إلا أن هذا القمع الذي يُمارسه النظام السوري لم يكن السبب الوحيد الذي جعل المتظاهرين يعانون بين الفينة والأخرى من انتكاسات خطيرة في مسار ثورتهم، وقد عدد خبير شؤون الشرق الأوسط بلال صعب، من جامعة مريلاند، سبعة عوامل أخرى ربما تكون أسهمت بشكل أو بآخر في تأخر سقوط الأسد، حتى الآن، أو قد تعرقل ذلك في الأيام المقبلة، وهي: 1. ضعف المعارضة وانقسامها: قد تكون المعارضة السورية بدأت تتعلم كيف تنظم صفوفها بشكل أكثر فعالية، يمكنها من إرسال رسالة سياسية أكثر تماسكا للعالم، إلا أن هذه الجهود متعددة الأبعاد مازالت متواضعة للغاية. لذلك فمن غير المرجح أن تنجح قريبًا في إسقاط الأسد، إذا لم تستطع جذب المزيد من الأنصار والمتظاهرين (وبخاصة من رجال الأعمال السنة الأكثر تأثيرًا)، وتُوحِد صفوفها، وتتمكن من الوصول إلى قلب العاصمة بأعداد غفيرة. 2. التمرد المسلح: منذ بداية الثورة، استطاع الشعب السوري أن يكتسب تعاطف وإعجاب المجتمع الدولي؛ لأنه ملتزم بالتظاهر السلمي رغم ما يواجهه، وهذا أمر لافت. إلا أنه هناك سؤالًا لا يزال مطروحا، وهو: إلى متى ستظل هذه المعارضة متمسكة بهذا النهج السلمي؟ وهل من الممكن أن تفرز المواجهة التي طالت مع النظام، شعورًا بخيبة الأمل واليأس لدى المحتجين، ومن ثم قد تدفعهم لاستخدام العنف والسلاح؟ ووقتئذ، أي عندما تنتكس الاحتجاجات السلمية، وتتحول إلى تمرد مسلح كامل، أو إذا حاول متشددون من الخارج أو الداخل اختطاف ثورة المحتجين السلمية، فهذا من شأنه أن يُلحق بالغ الضرر بالمعارضة، كما أنه سيقلل من فرص التوصل إلى نتائج إيجابية تصب في صالح إنجاح هذه الثورة. 3. جماعة الإخوان المسلمون: برغم أن جماعة الإخوان المسلمين تمتلك رصيدا ضخما من معارضة النظام السوري، والتصدي لممارساته، والتعرض لويلاته، فإنهم في الوقت الحالي سيمثلون عبئًا على المحتجين إذا ما تصدروا المشهد وظهروا كقادة؛ وذلك لأن الغرب لا يزال لديه مخاوف جدية حول جماعة الإخوان المسلمين. وعليه ينبغي على الإخوان عدم قيادة المظاهرات والاحتجاجات حتى لا يتضاءل دعم المجتمع الدولي للمتظاهرين (وهذا بالضبط ما يفعلونه الآن). 4. الحوار مع النظام: غنيٌ عن البيان، أن الحوار الذي تجريه بعض أطياف المعارضة السورية مع النظام يلحق الضرر بقضية الديمقراطية في سوريا؛ لأن الأسد إما أن يكون غير راغب في الإصلاح، أو غير قادر عليه، وفي كلتا الحالتين لا يوجد أمامه إلا محاولة تقسيم المعارضة من خلال إجراء حوار غير موضوعي، يمكنه من تقسيم المعارضة، عن طريق منح بعض الأطراف آمالا كاذبة، ووعودا زائفة، ويدير لآخرين ظهر المجن. ولابد من التذكير بأن غالبية المحتجين السوريين رفضوا مبادرات الأسد، إلا أن بعض الأطراف الأخرى تم إقناعهم أو إغراؤهم لقبول العرض. وإذا كان الحال هكذا، فإن المعارضة يمكن أن تفقد بعض أعضائها، ولو كانوا قليلين، ما يمثل ضربة موجعة للانتفاضة السورية، حيث أنه من الأهمية بمكان أن تحشد المعارضة أعدادا غفيرة تساند قضيتهم، حتى يتمكنوا من ممارسة الضغط اللازم على النظام، ومن ثم الفوز باكتراث المجتمع الدولي. 5. التدخل الخارجي: ومن نافلة القول، أن تاريخ سوريا الحديث حافل بأمثلة من التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للبلاد، وغالبا ما تسبب ذلك في زعزعة الاستقرار وإفراز العنف السياسي. وقد شهدت الأحداث الجارية في سوريا نوعا من التدخل الخارجي، لن يساعد بالضرورة في تحقيق أهداف المعارضة. على سبيل المثال، أضرت محاولة تركيا تشجيع الأسد على الإصلاح وفتح حوار مع المحتجين بالمعارضة؛ لأن أدنى ما تريده أغلبية الثوار هو تغيير النظام، في حين أن الحوار مع الأسد يُعزز شرعية نظامه في أعين العالم. أما نموذج التدخل الخارجي فهو دور إيران في تقديم المساعدة المادية للنظام السوري لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد المتظاهرين. 6. السياسة الأمريكيةوالغربية: حتى وقتنا هذا لا يزال المحللون السياسيون يناقشون ما إذا كانت سياسة الولاياتالمتحدة والغرب تجاه الأزمة في سوريا تساعد أو تضر بالمعارضة، بل إن السوريين أنفسهم منقسمون بشأن هذه المسألة، فالبعض يقول بأن النهج الغربي النشط المطالب للأسد بالتنحي سيكون بمثابة "ضربة قاصمة" للمعارضة. بينما يرى آخرون ضرورة قيام الولاياتالمتحدة والغرب بدور أكثر حزمًا بحيث لا يترك للأسد أي خيار سوى التنحي، والأفضل في ذلك أن توجد سياسة غربية موحدة الغربية تدعو الأسد للتنحي على الفور دون مناورة، ويمكن لهذا الموقف أن يدفع الجيش السوري لإعادة النظر في موقفه الداعم للنظام من حيث المنافع والحسابات، وربما يقرر أن يقف في صف المتظاهرين . 7. ظروف صعبة: لا عجب أن تجد حركة المعارضة السورية صعوبة بالغة في التحرك إلى الأمام، فهي لا تحارب عدوا يمارس عمليات القتل والتنكيل فحسب، لكنها أيضا تحاول إقناع الغرب الذي لا يزال متشككا. ومع ذلك، إذا ما استطاعت الاحتجاجات في الإطاحة بالنظام البعثي، فربما تنال إعجاب العالم أكثر مما حققته ثورة مصر، فضلا عن كونها الثورة الأكبر تأثيرا على الشرق الأوسط برمته على الصعيدين السياسي والأمني. المصدر بالإنجليزية ترجمة: الإسلام اليوم