قال الناشط الجمعوي المغربي عبد الله خزراجي، إن المغرب أعطى من خلال مقاربته لمسألة الهجرة درسا في الانسانية والتضامن الإفريقي، وذلك في الوقت الذي تزايدت فيه أعداد مراكب اللاجئين الغارقة في البحر الأبيض المتوسط، إلى جانب تشديد أوربا لشروط الاستفادة من الحق في اللجوء. ودعا خزراجي، في حديث صحفي، إلى استخلاص العبر من الفشل الذي منيت به مقاربات تدبير قضايا الهجرة في أوربا، وما تمخض عن ذلك من صعود للأحزاب المتطرفة التي تكن العداء للأجانب. وأضاف الفاعل الجمعوي الذي يرأس "جمعية هلال" التي تنشط بمدينة تريفيز (شمال إيطاليا) في مجال مساعدة المهاجرين وطالبي اللجوء من دول إفريقيا جنوب الصحراء، أن المبادرة التي اتخذها المغرب بخصوص تسوية أوضاع المهاجرين، لاسيما منهم مواطنو جنوب الصحراء، تترجم على أرض الواقع التوجهات والقناعات الانسانية الرفيعة للملك محمد السادس، داعيا إلى تمكين المهاجرين من الاستفادة من نفس الحقوق التي يتمتع بها المواطن المغربي. وقال خزرجي، إن المغرب الذي كان في ما مضى بلدا للعبور، أصبح اليوم موطنا للاستقرار بالنسبة للمهاجرين، معربا عن أمله في اقتسام تجربته في إيطاليا بخصوص تقديم المساعدة للاجئين من إفريقيا جنوب الصحراء الذين يتوزع أزيد من 200 منهم على دور للاستقبال تشرف على تدبيرها جمعية "هلال"، التي تقدم لهم المساعدة ايضا من أجل تسوية أوضاعهم الإدارية. وأكد الناشط الجمعوي، الذي يرأس أيضا جمعية المهرجان الإيطالي المغربي، التي تشرف على تنظيم تظاهرة ثقافية بمدينة البندقية منذ سنة 2012، بشراكة مع جمعية رباط الفتح للتنمية المستدامة، أن المبادرات التي يقوم بها، إلى جانب عدد من المتطوعين في إيطاليا، دافعها الأساسي هو النضال من أجل الكرامة والمساواة في الحقوق. ويحاول خزراجي في مدينة تريفيز التصدي لخطاب الكراهية إزاء المهاجرين، وهو الخطاب المشبع بالعنصرية التي تتبناه "عصبة الشمال"، حيث سبق لوسائل الإعلام الإيطالية أن أوردت تصدي خزراجي لتصريحات جيانكارلو جينتيليني، العمدة المساعد لتريفيز، الذي أدين من أجل التحريض على الكراهية العرقية ضد المسلمين وعموم المهاجرين. وسجل خزراجي أن الصورة الرائجة حول المهاجر في الظرف الراهن تتسم بالسلبية، ومن الضروري تكوين جبهة مشتركة من أجل التصدي للأحكام الجاهزة والتفرقة، ورفض القبول بالآخر في مختلف بقاع العالم. ودعا في هذا السياق أوربا إلى مد مزيد من المساعدة للمغرب من أجل مواجهة الضغوطات الناجمة عن تدفق المهاجرين، عوض لجوء الدول الأوربية إلى خيار سن وتفعيل مزيد من الحواجز أمام ظاهرة الهجرة. وأبرز الفاعل الجمعوي أهمية الثقافة والفن في ربط أواصر التقارب بين مغاربة العالم وبلدهم الأصلي، فضلا عما تضطلع به هذه اللقاءات في التشجيع على الحوار والتبادل والانفتاح على الآخر. وأعلن خزراجي في هذا السياق أنه بصدد وضع شراكة بين المهرجان الذي يشرف على تنظيمه في مدينة البندقية، ومهرجان للسينما والهجرة من أجل التعريف بالمفكرين والمبدعين المغاربة المنتشرين في بلدان العالم، والعمل في الوقت نفسه على جعل الثقافة عاملا للتقارب بين المغرب وبلدان الاستقبال التي يتواجد بها المغاربة. وأضاف أن الدورة القادمة للمهرجان الإيطالي المغربي المقرر تنظيمها في أبريل القادم ستخصص ضمن برنامجها لقاء لممثلي وسائل الإعلام الإيطالية مع نظرائهم المغاربة، وذلك للتعريف بالإنجازات التي حققها المغرب على مختلف الواجهات، ومن تم العمل على تصحيح الصور التبخيسية حول الآخر التي تروج لها بعض وسائل الإعلام. والجدير بالذكر أن المهرجان الإيطالي المغربي في البندقية منذ انطلاقته وهو يعمل على المساهمة في تعريف الإيطاليين على المغرب، ومدى تقدمه على مختلف الأصعدة، فضلا عن تسليط الاضواء على الفرص التي يتيحها للتبادل الاقتصادي والثقافي، مع إبراز انبثاق فئة من المهاجرين المغاربة في إيطاليا التي اندمجت في النسيج الاجتماعي لهذا البلد وتعمل على نسج مزيد من أواصر التقارب بين البلدين.