تأسف نجيب أقصبي، الخبير الاقتصادي المغربي، للوضعية الاقتصادية التي يعيشها المغرب، قائلا إن "وضعية البلاد بلُغة الأرقام لم تتحسن"، ومستدلا بالناتج الداخلي الفردي الذي لا يتعدى 3000 دولار، ووتيرة النمو في السنوات الخمس الأخيرة التي لم تتجاوز 3.5 في المائة، مضيفا: "الدراسات الدولية تظهر أنه إذا ما أرادت أي بلاد أن تقدم شيئا ما فيجب أن تتراوح نسبة نموها ما بين 7 و8 في المائة". وعدد أقصبي، في ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات، تحت عنوان "التحولات الاقتصادية العالمية وانعكاساتها على الاقتصاد المغربي"، مجموعة من العوامل المتحكمة في الاقتصاد المغربي، من قبيل السياسات القطاعية، واتفاقيات التبادل الحر، ثم المشاريع الكبرى ومبادرة التنمية البشرية، مشيرا إلى أن "القاسم المشترك بينها أن الحكومات المتعاقبة لا يد لها فيها". وأردف المتحدث ذاته: "دستور 2011 لم يعط صلاحيات أكبر للحكومة، ولم يغير المعادلة السياسية بالمغرب، فالفصل 49 منه ينص على أن أي قرار أو سياسة أو تعيين إستراتيجي لا يتخذ إلا في إطار المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك". وزاد المتحدث ذاته: "أضعنا عدة فرص للإصلاح.. المشكل في المغرب أنه ليس هناك ربط بين المسؤولية والمحاسبة، ولا يمكن أن نتباهى بهذا الوضع"، مشددا على ضرورة الانتقال إلى نظرة شمولية وإستراتيجية موحدة للنهوض بالاقتصاد من أجل إيقاف ما أسماه "النزيف"، ل"تلبية حاجيات المواطنين". وتحدث أقصبي عن مشاكل اقتصادية قائمة منذ عشرات السنين، من قبيل مشكل صندوق المقاصة، الذي قال إنه مطروح منذ 40 سنة، إضافة إلى مشكل صناديق التقاعد المطروح منذ 2005، مضيفا: "الحكومة لم تقم بأي شيء، وهو حال الحكومات التي كانت من قبل". وكشف أقصبي أن "المغرب تأثر بالأزمة الاقتصادية عامي 2007 و2008، إلا أن تأثره كان محدودا، لكون اقتصاد البلاد محميا إلى حد ما، بسبب السياسة المالية للبلاد، ولكون حركات رؤوس الأموال مازالت محمية إلى حد الآن"، موضحا أن التأثر كان ناتجا عن كون "ارتباط الاقتصاد المغربي مع الاقتصاد الدولي وطيد من ناحية المبادلات التجارية الخارجية والخدمات". وأشار الخبير الاقتصادي ذاته إلى أن "من علامات تسرب الأزمة المالية إلى البلاد عجز التجارة الخارجية، إضافة إلى تأثر السياحة" مضيفا: "إذا استثنينا مغاربة الخارج لا يزور سوى خمسة ملايين سائح المغرب، وهو ما لم يتغير منذ عشر سنوات؛ ناهيك عن أن عائدات وتحويلات مغاربة العالم ظلت ثابتة في السنوات الأخيرة". ونبه أقصبي إلى أن "المحرك الأول للاقتصاد المغربي هو المطر، الذي يرتبط به معدل نمو البلاد، وهي قاعدة مستمرة منذ أربعين سنة؛ فيما المحرك الثاني هو العلاقات مع الخارج"، على حد قوله. وعلى الصعيد الدولي، أشار أقصبي إلى تشخيص مسببات أزمة 2008 قائلا: "الجميع اتفق على أن هناك عدة مشاكل، من بينها الخلط بين أبناك الأعمال، ومشكل البنك الدولي، والجنات الضريبية، وعلى أنه لا بد من تجاوز هذه المشاكل التي لم تحل إلى يومنا هذا، ما عدا بعض الاستثناءات القليلة في ما يخص الجنات الضريبية". وفي هذا الإطار قال المتحدث ذاته إن العالم لم يستطع بعد الخروج من الأزمة الاقتصادية لعام 2007، مشيرا إلى أن أبرز دليل على ذلك هو كون البلدان الأوروبية وأمريكا، وحتى الدول الصاعدة، لم تستطع استرجاع وتيرة النمو نفسها التي كانت سائدة ما قبل 2007. واعتبر أقصبي أن هناك ركودا على الصعيد العالمي انعكس على الوضع الاقتصادي العالمي، وبات "يغير مسار العولمة"، مضيفا: "مثلا في ما يخص مفاوضات تحرير التجارة العالمية فكل الاتفاقيات في هذا الإطار شبه مشلولة، وهناك صعوبات في تحريك عجلة الدينامية العالمية". وأكد المتحدث ذاته أن "الحركات السياسية في مجتمعات البلدان المتقدمة لها إلى حد ما مواقف عنصرية تجاه مشكل الهجرة ومواقف مناهضة لاتفاقيات التبادل الحر، وهو ما يؤثر على الصعيد الاقتصادي، ناهيك عن التحولات المناخية"، وزاد: "في بلدان مختلفة في إفريقيا وآسيا وغيرها تؤثر التغييرات المناخية على المنتج الفلاحي؛ وبالتالي وتيرة النمو".