لم تخل المهرجانات الخطابية التي نظمتها الأحزاب خلال الحملة الانتخابية، خاصة تلك التي حضر فيها الأمناء العامون، من دعوة الحاضرين إلى التوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية الثانية ما بعد الإصلاحات الدستورية التي عرفتها البلاد خمس سنوات قبل الآن. التخوف من تدني نسب التصويت يلقي بظلاله على الاستحقاقات الحالية، ما دفع الأحزاب إلى حث المواطنين على القيام بالواجب الوطني، في ظل وجود تنظيمات سياسية تدعو إلى المقاطعة، كجماعة العدل والإحسان وحزب النهج الديمقراطي، وعزوف نسبة كبيرة، خاصة من الشباب، عن المشاركة في الانتخابات. دعوة الأحزاب السياسية الحاضرين في ملتقياتها الحزبية إلى المشاركة المكثفة في الانتخابات بدرجة أولى والتصويت لتنظيماتها الحزبية بدرجة ثانية، يعود بالأساس، حسب ميلود بلقاضي، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية بالرباط، إلى أن "الكل يراهن على المشاركة الشعبية في هذه الانتخابات، لكونها ستبرز ملامح ومضمون المؤسسات المنتخبة، سواء التشريعية أو الحكومية"، مردفا بأنه "لتقييم أي عملية انتخابية يتم الاعتماد على نسب المشاركة". "ما عرفه المغرب في الأسابيع القليلة الماضية شكل نوعا من المساس بالعملية الديمقراطية، وخلخل ثقة المواطن، كما وقع في المسيرة المجهولة، التي جعلت الناس يتساءلون عن المسؤول عنها، خاصة ألا أحد عرف الجهة التي وقفت وراءها"، يردف بلقاضي، وزاد: "كما أن الأحزاب لم يصدر عنها أي رد فعل عما وقع". واعتبر بلقاضي، في تصريح لهسبريس، أن دعوات الأحزاب إلى تكثيف المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية تشير كذلك إلى أنها "واعية بأنها شريكة في عملية التصويت؛ بالنظر إلى أنها لم تقدم أي عروض ذات جاذبية تتضمن تقييما موضوعيا وآفاق لمغرب ما بعد 7 أكتوبر؛ وبالتالي فهناك شيء من التخوف من انهيار المشهد السياسي المغربي بكل مؤسساته، خصوصا في ظل تخفيض العتبة"، حسب تعبيره. وأردف بلقاضي بأن نسب التصويت يوم الجمعة ستشكل رهانا للدولة، وزاد: "إذا كانت نسب التصويت متدنية ستكون لصالح العدالة والتنمية بشكل رئيسي، وحزب الأصالة والمعاصرة بدرجة أقل". أما الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني فاعتبر أن الأحزاب ليست المتخوف الرئيس من تدني نسب التصويت، موضحا أن "التخوف بالأساس يعود إلى مركزة السلطة في الدولة"، حسب تعبيره، مضيفا: "المقاطعة تعني أن الجمهور لم تعد له ثقة في الانتخابات، التي تعد جزءا رئيسيا من مشروعية النظام". "دعوات الأحزاب السياسية المواطنين إلى التصويت بكثافة يوم الاقتراع لا تعدو أن تكون وسيلة لتقدم نفسها على أنها تدافع عن الدولة وتقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة"، يضيف المتحدث ذاته. وأورد الناشط الحقوقي ذاته أن "جل الأحزاب تقريبا سيكون من صالحها أن تكون نسب التصويت ضئيلة، لأنها بعدد قليل من الناخبين يمكنها أن تفوز"، مضيفا: "أعتقد أن رفع نسب المشاركة يحسب لكافة الأحزاب التي لم تبن قوتها على الزبونية، والتي لها قوة نسبية من المصداقية، وعمليا فهي العدالة والتنمية وتحالف فدرالية اليسار".