يمثل الرفع من تمثيلية النساء رهانا أساسيا لتحقيق التنمية المستدامة في جميع المجالات، فكلما تزايد عدد النساء في مراكز القرار إلا وتحسنت معدلات التنمية البشرية ، والعكس صحيح. في هذا الإطار عرفت التمثيلية النسوية بالمغرب تطورا ملحوظا، على اعتبار أن تدعيم المرأة سياسيا هو دعامة للديمقراطية التمثيلية، لذلك سعى المغرب إلى إزالة بعض أشكال التمييز بين الرجل والمرأة من خلال تحيين العديد من المقتضيات القانونية كمدونة الأسرة؛ وقانون الجنسية ومدونة الشغل، إلى جانب الإجراءات التدبيرية المتمثلة في توسيع مشاركة النساء في تقلد الوظائف العمومية من حيث انخراطهن بفعالية في الحكومة، وفي أسلاك الدبلوماسية ونساء السلطة...، وقد توجت هذه الإجراءات بسن دستور2011 الذي تضمن معطيات جديدة ومتجددة لفائدة المرأة المغربية ، فقد أقر هذا الدستور في فصله التاسع عشر ضمان مبدأ المساواة بين المرأة والرجل؛وهو الأمر الذي ينسجم مع مقتضيات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومع الإتفاقية المتعلقة بالحقوق السياسية للمرأة 1952/12/20 حيث نصت ديباجتها على إعمال مبدأ تساوي الرجال والنساء في الحقوق الواردة ضمن ميثاق الأممالمتحدة ؛ كما نصت المادة1 على أنه" للنساء حق التصويت في جميع الإنتخابات بشروط تساوي بينهن وبين الرجال، دون أي تمييز، فيما تشير المادة2 أن للنساء الأهلية في أن ينتخبن لجميع الهيئات المنتخبة بواسطة الإقتراع العام المعمول به على مستوى التشريع الوطني ، وبشروط تساوي بينهن وبين الرجال، دون أي تمييز. بيد أن هذه المستجدات القانونية والاجرائية الحديثة ما زالت تصطدم بهيمنة الأنماط الثقافية والرواسب الاجتماعية القائمة على توزيع المهام بين المجال العام كفضاء ذكوري والمجال الخاص كفضاء نسائي؛ إلى جانب التمثلات والعقليات السائدة في المجتمع المغربي؛ بحيث أن الثقافة والقيم المجتمعية والسياسية مازالت تمثل حواجز قوية تحد من المساهمة الفاعلة للمرأة في الحقل السياسي، بشكل لا يوازي انتظارات النساء والقوى الحية في البلاد ، مثلما لا يواكب التوجهات الحالية التي تركز على التنمية الوطنية باعتبارها قاطرة للتنمية المستدامة؛ وتوضح بشكل جلي أن استعمال المقاربة الإدارية التقنية لا يمكن وحدها من تحقيق تمثيلية أفضل للنساء، مما يستدعي اللجوء إلى المقاربة القانونية عن طريق تفعيل مقتضيات المادة الرابعة لاتفاقية" سيداو" التي لم يتم التحفظ بشأنها المغرب، والتي تنص على تبني إجراءات التمييز الايجابي" الكوطا " . غير أن إقرار هذا التمييز الايجابي لم ينعكس على مستوى تمثيلية النساء في المؤسسات التمثيلية ، فنتائج مجلس المستشارين لسنة 2015 لم تنتج لنا سوى عشرة في المائة من تواجد النساء في هذا المجلس ، كما أن الأعضاء الست المنتخبين من قبل مجلس النواب ومجلس المستشارين لولوج المحكمة الدستورية غاب عنهما معا تواجد لأي عنصر نسوي ، الأمر الذي أمسى يفرض على مجلس النواب القادم أن يحسن من نسبة تواجد النساء لتصل على الأقل لنسبة الثلث، التزاما من المغرب بالنهوض بالمساواة بين الجنسين ، وتدعيما للنساء للوصول إلى الهيئات المنتخبة. وبالنظر إلى هذه الرهانات فقد لجأت الدولة إلى تضمين جملة من التعديلات الجوهرية يأتي في مقدمتها استمرارية صندوق الدعم لتشجيع النساء، حيث استفاد من هذا الدعم برسم سنة 2016 نجد 7 الأحزاب و 8 جمعيات وطنية و56 جمعية محلية. (للمزيد من الاطلاع على المعطيات أنظر الرابط التالي. http://www.femmes-moucharaka.elections.gov.ma/) كما أنه من بين التعديلات الهامة، ذلك التعديل الذي مس اللائحة الوطنية في شقها المتعلق بالشباب والمتضمنة ل30 مقعد؛ فبعدما كانت هذه اللائحة مقتصرة فقط على الشباب الذكور دون الأربعين سنة ، فإنها أصبحت اليوم تشمل الشباب والشابات على حد سواء ، كما لجأت وزارة الداخلية إلى تشجيع الأحزاب السياسية التي تقدم على وضع النساء كوكيلات للوائح على مستوى اللوائح المحلية ، لكن هذا الأمر يتوقف على الأحزاب السياسية المطالبة بتقديم النساء بكثافة في اللوائح المحلية والوطنية ،لأنه في انتخابات 2011 كانت نسبة ترشيح النساء لا تتجاوز 9 في المائة فقط ، أما اليوم فهناك بعض المؤشرات الايجابية ، حيث يمكننا الوقوف هنا عند حالة حزب الأصالة والمعاصرة الذي تمكن من تخصيص 29 مرشحة من أصل 30 في اللائحة المخصصة للشباب ، وهي إشارة لها مدلول سياسي جد ايجابي من شأنها أن تدفع باقي الأحزاب السياسية إلى اتباعها حتى تتحول إلى تقليد سياسي. إن الاستحقاقات الانتخابية ليوم 7 أكتوبر 2016 ستشكل فرصة مناسبة لتفعيل التزامات المغرب الدولية الخاصة بالنهوض بأوضاع النساء، قصد الرفع من التمثيلية السياسية للنساء ليس فقط على المستوى العربي، بل أيضا على المستوى القاري ، ذلك أنه من المؤشرات الدالة على نجاح هذه الاستحقاقات ضمان تمثيلية عادلة وقوية للنساء في مجلس النواب المقبل، والمغرب سبق له أن قدم دلالات سياسية هامة جدا في هذا المجال، يتعين أن تتطور في المستقبل، في أفق تحقيق مشاركة أكبر للنساء حتى يتم توسيع وعاء المشاركة السياسية للمرأة في تدبير الشأن العام.