تحقق نسب المشاركة في الانتخابات، سواء التشريعية أو المحلية، في الأقاليم الجنوبية الثلاث بالمملكة، نسبا مرتفعة بالمقارنة مع المناطق الأخرى، التي تشهد في الكثير من الأحيان حالة من العزوف عن المشاركة. ارتفاع نسب المشاركة عرفته جميع الاستحقاقات التي أجريت في الأقاليم الجنوبية للمملكة، حيث سجلت أعلى النسب على الصعيد الوطني، كما هو الحال بالنسبة للانتخابات الجماعية والجهوية الماضية في الرابع من شتنبر 2015. وحققت جهة كلميم واد نون واحدا من أعلى معدلات نسب المشاركة على المستوى الوطني خلال الاستحقاقات الماضية، حيث وصلت نسبة المشاركة إلى 64.18 في المائة، مقابل 53.67 في المائة كنسبة وطنية؛ في حين بلغت هذه النسبة في جهة العيون الساقية الحمراء 57.66 في المائة، أما في جهة الداخلة واد الذهب فبلغت 52.14 في المائة. وتفتح هذه الأرقام الباب أمام تحقيق نسبة مشاركة كبيرة في الانتخابات التشريعية المقبلة في الأقاليم الجنوبية للمملكة، خاصة أن عددا من الأحزاب السياسية حاولت قبيل إعلان اللوائح الانتخابية جذب الكثير من الأعيان من أجل الترشح في لوائحها؛ وذلك من أجل حصد أكبر عدد ممكن من المقاعد في مجلس النواب. ويقول رحال بوبريك، الباحث في الشؤون الصحراوية والأستاذ في جامعة محمد الخامس بالرباط، إن نسب المشاركة المرتفعة في الانتخابات بالصحراء "تعود أساسا إلى حوافز قبلية أكثر من أنها نابعة عن وعي سياسي أو تعبر عن انخراط في الأحزاب، إذ إن عددا من الأخيرة يعتمد على الشخصيات النافذة، والتي لها انخراط قبلي". وتابع بوبريك، في تصريح لهسبريس، بأن "الوعي الجمعي يبقى غالبا في الصحراء، كما أن الدوافع الانتخابية تكون كبيرة، على اعتبار المبارزات القبلية"، مستشهدا على ذلك ب"تغيير عدد من المرشحين للأحزاب التي تقدموا بأسمائها في انتخابات سابقة، لكن الكتلة التي تصوت بقيت هي نفسها، وبدون آراء سياسية معينة"، حسب تعبيره. وقال بوبريك إن أغلب اللوائح الانتخابية في الصحراء، خاصة بالنسبة للأحزاب الكبرى، وضع على رأسها واحد من الأعيان، وزاد: "كيفما كان الحال فإن الأحزاب لا تضع على رأس اللائحة إلا من له نسيج قبلي، في حين أن عامل استعمال المال في استمالة أصوات الناخبين يبقى أيضا محددا". وأكد بوبريك أن "الانتخابات أصبحت حرفة في الصحراء، كما أن الخريطة الانتخابية لا تتغير، إذ إن الوجوه نفسها التي تقدمت في الانتخابات الماضية ونجحت على مستوى المجالس المحلية قدمت ترشيحاتها لانتخابات السابع من أكتوبر المقبل؛ في حين لا تتم قراءة البرامج الانتخابية، كما لا تولى لها أي أهمية"، على حد قوله.