كما كان متوقعا، غطت الأحزاب الثلاثة المتصدرة للانتخابات الجهوية والمحلية الماضية جميع الدوائر الانتخابية ال92 برسم الاستحقاقات التشريعية الحالية، حسب ما جاء في بلاغ لوزارة الداخلية، التي أكدت أن أحزاب الاستقلال والعدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة قدمت 92 لائحة انتخابية، وهي بذلك تغطي جميع الدوائر الانتخابية بالمملكة؛ فيما تقدم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ب91 لائحة. وخلق تحالف أحزاب فيدرالية اليسار الديمقراطي المفاجأة بتقديمه 90 لائحة، مشتركا في ذلك مع حزب التقدم والاشتراكية، بنسبة تغطية وصلت إلى 97.8 في المائة، قبل كل من حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي تقدم ب84 لائحة، بنسبة 91.3 في المائة، وحزب الحركة الشعبية، الذي قدم 78 لائحة، بنسبة 84.8 في المائة، وحزب الاتحاد الدستوري، الذي قدم 72 لائحة، بنسبة 78.3 في المائة. الأرقام الأولية التي كشفتها وزارة الداخلية تضمنت كذلك عدد اللوائح التي تقدمت بها الأحزاب الأقل تمثلية، والتي تراوحت بين 69 لائحة، تقدم بها حزب جبهة القوى الديمقراطية، و12 لائحة تقدم بها الاتحاد المغربي للديمقراطية، بالإضافة إلى لائحتين دون أي انتماء سياسي. تغطية الدوائر الانتخابية، وإن كانت تعكس بشكل أو بآخر قوة التنظيم الحزبي وحضوره في الساحة السياسية بالمغرب، إلا أنها لا تعني تصدر الانتخابات بالضرورة، حسب الباحث السياسي أيوب الدجالي، الذي أوضح أن تغطية حزب الاستقلال ل92 دائرة تبقى أمرا عاديا؛ بالنظر إلى كونه غطى العدد نفسه في استحقاقات 2011، أما "البيجيدي" فزاد دائرة واحدة مقارنة مع 2011، وبذلك أكمل تغطية الدوائر ال92؛ في حين انتقل "البام" من 81 لائحة سنة 2011 إلى 92 لائحة في السنة الحالية؛ "نظرا للصراع الدائر بين هذا الثلاثي، إذا لم نقل إنه ينحصر بالأساس بين "الجرار" و"المصباح"، على تصدر الانتخابات، لتواجدهما على الساحة أكثر"، حسب تعبيره. "كما أن تغطية الأحزاب لأكبر عدد من الدوائر يؤكد أنها، فضلا عن أنها أكثر قربا من الناخبين، تشتغل بشكل مستمر على الاستحقاقات، ولها عمل قاعدي متواصل؛ في وقت برزت العديد من الدكاكين الانتخابية المناسباتية"، يضيف الدجالي. وحول تغطية فدرالية اليسار الديمقراطي 90 دائرة انتخابية، اعتبر الدجالي هذا المعطى "انعكاسا لعدة نقاط، من بينها أنها تحالف بين ثلاثة أحزاب، كما تعتمد بالأساس على الترشيح النضالي"، وزاد موضحا: "هناك العديد من الدوائر التي من المستبعد جدا أن تفوز فيها، بالنظر إلى الجغرافية الانتخابية والسلوك الانتخابي.. لكن فدرالية اليسار ستحاول على العموم النزول بكامل قوتها في الاستحقاقات الحالية، بمنطق "الخط الثالث"". وتساءل الدجالي عن الأسباب التي دفعت أحزابا كالاتحاد الدستوري والحركة الشعبية وجبهة القوى الديمقراطية إلى خفض عدد الدوائر التي غطتها مقارنة مع الاستحقاقات الماضية، مضيفا أن "15 حزبا لم تستطع الوصول حتى إلى 50 في المائة من الدوائر الانتخابية، ما يدفع إلى التساؤل عن الإضافة التي من الممكن أن تقدمها". "كما أن التقطيع الانتخابي للدوائر الانتخابية عليه عدة الملاحظات"، يضيف الباحث السياسي ذاته، ويزيد متسائلا: "لماذا يصوت المهاجرون المغربية بالوكالة ولا يتم اعتماد لوائح ما وراء البحار؟"، وزاد: "هناك العديد من الاختلالات في تقسيم الدوائر الانتخابية المحلية، إذ نجد دوائر بها ثلاثة مقاعد وأخرى بها أربعة وأخرى بها خمسة أو ستة، لكن ليس هنالك أي تناسب؛ أي إننا نجد دوائر بها كثافة سكانية كبيرة وتوفر مقعدين في حين أن دوائر أقل كثافة سكانية توفر 4 أو 5 مقاعد". "كما أن 92 دائرة انتخابية تشكل نوعا من الإرهاق للأحزاب السياسية، خاصة مع خفض العتبة الانتخابية؛ ما ينبئ منذ الآن بتواجد ائتلاف حكومي غير متجانس"، يقول الدجالي.