يكاد التّنقل داخل مدينة شفشاون ينحصر في وسيلة واحدة فقط، يستعملها الشاونيون وزوار المدينة من داخل المغرب وخارجه، وهي سيارات الأجرة الصغيرة؛ لأن "الجوهرة الزرقاء" تخلو من حافلات النقل العام لأسباب عديدة، على رأسها صغر مساحة المدينة وشوارعها إضافة إلى تضاريسها المليئة بالمرتفعات التي تصعّب عملية القيادة والتنقل بواسطتها داخل المدينة. يبلغ عدد سيارات الأجرة بمدينة شفشاون 52 سيارة، تقوم بنقل الزبائن بين مختلف الأحياء طيلة ساعات اليوم، بأسعارٍ تبدو في عمومها في المتناول. أسعارٌ مقبولة وإكراهات سعيد، أحد مهنيّي القطاع، يقول: "المفروض أن أدنى ثمن للرّحلة الواحدة هو 7 دراهم؛ لكننا نتساهل في هذه المسألة، خصوصا مع أبناء المدينة الذين يتنقلون بشكل يومي. لهذا، أصبح الثمن هو 5 دراهم بقوّة العُرف". وجوابا سؤال وجهته هسبريس إلى سعيد حول سبب غياب العدّاد عن تاكسيات المدينة خلافا لجلّ المدن المغربية، قال المهني ذاته: "أعتقد أن مساحة المدينة الصغيرة لا تسمح بنظام العدادات؛ لأن السعر سيكون، حينها، منخفضا جدا مهما طالت الرحلة". واستطرد المتحدث ذاته: "لهذا، فقد جرى تحديد أسعار جزافية تتراوح بين 5 دراهم و20 درهما تبعاً لمسافة الرّحلة". وبالرغم من أن هذه الأسعار توحي بدخلٍ مقبول قد يحققه مُمتهنو القطاع، فإن إكراهات أخرى تبرز في الأفق يوضّحها لنا محمد، سائق تاكسي صغير، قائلا "بالرغم من المسافات القصيرة التي نقطعها في بعض الرحلات، فإنها تكون مليئة بالمرتفعات أو ما نطلق عليه "العقبة". وهذه الأخيرة تلتهم كمية كبيرة من البنزين لصعودها، خصوصا إذا كانت السيارة تحمل 3 زبائن. وهكذا، نجد في الأخير أن هامش الربح يبقى ضئيلا ومحدودا على عكس ما يبدو للكثيرين". موسمية الحركة واحدة من الإكراهات الأخرى التي يعانيها ممتهنو القطاع، حيث تزدهر حركة النقل في فصلي الربيع والصيف بسبب إقبال السياح، وتتراجع كثيرا في فصليْ الخريف والشتاء؛ وهو ما يجعل ما يُجنى في فترةٍ معينة تأكلُه فترةٌ أخرى لاحقة. منافسة وأحياء غير آمنة في الواقع، لا تتوقف الإكراهات التي يكابدها سائقو التاكسيات بشفشاون عند هذا الحدود؛ بل تتعدّاها إلى المنافسة التي يعتبرها هؤلاء السائقون غير قانونية. محمّد، سائق تاكسي صغير، يحكي لهسبريس: "نعاني من منافسة سيارات النقل الصغيرة المعروفة ب"السوزوكي"؛ فهذه الأخيرة التي بات عددها يتجاوز بكثير عدد التاكسيات تنقل الزبائن أيضا، ولا تكتفي بنقل البضائع". أمّا عن عدد رخص الثقة الممنوحة، فيعتقد محدّثنا أنه كبير جدّا مقارنة مع مساحة المدينة، بينما تبقى بعض طلبات الزبائن غير ممكنة التحقيق لأسباب تتعلق بالسلامة والأمن، إذ "يطلب منا بعض الزبائن أن نوصلهم إلى أحياء بعيدة لا تتوفر فيها إنارة، ويطلبون منّا التوغل عميقا في دروبها. وهذا أمر غير ممكن التحقيق، خصوصا أن المدينة شهدت حوادث سرقة خطيرة تعرّض لها سائقو التاكسيات في تلك المناطق"، يوضّح محمّد. عبد السلام. س، أحد مستعملي الخدمة بشكل دائم، يرى أن الخدمة عموما مقبولة. وأوضح المتحدث أنه "بالنظر إلى صعوبة جغرافية المدينة الصعبة وكثرة المرتفعات، فإن الخدمة توفّر علينا الكثير من التعب. وبالنظر أيضا إلى مساحة المدينة الصغيرة، فإن الأسعار تبقى في المتناول عموما". وأضاف عبد السلام. س: "هناك حالات قليلة لبعض السائقين الجشعين طبعا، ولآخرين يرفضون أحيانا إيصالك إلى أماكن يعتبرونها غير آمنة؛ لكنها في الأخير خدمة لا غنى لنا عنها نحن الشاونيين".