بعد الجدل الحقوقي الذي أثاره ترشح السلفي حماد القباج وكيلا لائحة حزب المصباح بدائرة "كليز" بمراكش في الانتخابات التشريعية المقبلة، عاد الجدل من جديد إلى الواجهة بعد قرار والي جهة مراكش أسفي وعامل عمالة مراكش منع القباج من الترشح للانتخابات بدعوى تبنيه ل"مواقف مناهضة للمبادئ الأساسية للديمقراطية التي يقرها دستور المملكة". قرار منع ترشح القباج، الذي وجه رسالة مفتوحة إلى الملك يشتكي فيها من قرار والي الجهة، أثار انقساما في مكونات الجسم الحقوقي؛ بين مؤيد لقرار المنع بدعوى مواقف عضو "البيجيدي" "المتشددة" سابقا، وبين معارض للقرار لكونه تضييقا على حرية الترشح التي يكفلها دستور المملكة. الهايج: قرار سياسي قرار منع حماد القباج من الترشح بألوان حزب العدالة والتنمية في دائرة "كليز" بمراكش من لدن والي جهة مراكش أسفي وعامل عمالة مراكش اعتبره أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، "تعاملا ذا طبيعة سياسية، يدخل ضمن إطار الصراعات والتقاطبات التي تعرفها الساحة بين الأحزاب السياسية فيما بينها من جهة، وبين الأحزاب والدولة من جهة أخرى خلال مرحلة الانتخابات". الهايج، وضمن تعليقه على قرار المنع الذي طال ترشح القباج، قال "إذا لم يكن ضمن مبررات المنع أيّ سبب قانوني وجيه يمنع هذا الشخص من الترشح، فإن منعه سيكون تعسفا واعتداء على حقه المشروع في الترشح للانتخابات"، قبل أن يشدد على موقف جمعيته بالقول إنه "لا يمكن إلا أن نكون مع حق جميع الناس في الترشح وأن يكونوا ناخبين ومنتخبين، بإمكانهم تقلد جميع المناصب التي تؤهلهم لها إمكاناتهم وقدراتهم، علاوة على الثقة التي يمكن أن يضعها فيهم المواطنون". وشدد رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تصريح لهسبريس، على أنه "بصرف النظر عن مواقف القباج السلفية التي قد تمس ركنا من أركان المجتمع والدولة، كما جاء ضمن مبررات الولاية؛ فإن القضاء هو الوحيد المخول له بالبت في القضية بناء على طعون تقدّم إليه"، "وليس أساليب المنع، مثل ما حصل"، على حد تعبير المتحدث ذاته. الشريعي: قرار سليم بالمقابل، أيّد محمد رشيد الشريعي، رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، قرار السلطات الولائية بمراكش منع حماد القباج من الترشح في الانتخابات التشريعية المقبلة، مبررا موقفه ب"تبني القباج لمواقف جد متطرفة لا تخدم مصلحة الوطن"؛ "لا سيما أنه أشاد في العديد من مواقفه وتصريحاته بالعمل التطرفي، الذي يكاد يكون لصيقا بالعمليات الإرهابية"، على حد تعبيره. وانتقد الشريعي، في تصريح لهسبريس، منح حزب العدالة والتنمية تزكيته للقباج من أجل الترشح بألوانه في الانتخابات، موضحا ذلك بالقول "كان من الأجدر بالحزب الذي منحه التزكية أن يتفادى ترشيح القباج، المعروف بمواقفه المتطرفة"، قبل أن يستدرك: "بالرغم من أنه من الموقع الحقوقي، لن أقبل هذا القرار". ولفت رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى أنه "وجب على الدولة أن تأخذ حذرها من هؤلاء الأشخاص الذين لهم مواقف متطرفة ومعادية للمملكة، لأنهم يشكلون تهديدا على سلامة المغاربة". الناشط الحقوقي شدّد، باسم جمعيته، على "عدم القبول بأيّ شخص يتبنى الأفكار المتطرفة، سواء كان ينتمي إلى التيار الإسلامي أو اليساري"، قبل أن يضيف: "نحن في غنى عن هذا الأمر، كوننا في بلد منفتح على كل الآراء؛ لكن نرفض أن يتم تدبير الشأن العام من لدن أشخاص يهددون سلامة المواطنين".