وقف أنيس بيرو، الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، على وضعيات المهاجرين الذين تؤدي بهم أوضاع حياتهم وتدهور حال بلدانهم إلى التفكير بالمخاطرة بحياتهم ليحظوا بواحدة جديدة بأماكن أخرى. وأشار المسؤول الحكومي المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، خلال كلمة ألقاها اليوم في الندوة المنظمة لتقديم حصيلة السياسة الوطنية للهجرة واللجوء، إلى أن الوزارة عملت، أمام ما أسماه "ملحمة الآلاف من المهاجرين"، على بلورة التوجيهات السامية الملكية؛ "للمساهمة بسياسة نبيلة للهجرة جريئة و رائدة رسم معالمها الملك"، وفق تعبيره. وفي هذا الإطار، أوضح بيرو أن الوزارة عبأت أكثر من ثلاثة آلاف وثلاثمائة موظف لتسوية أوضاع المهاجرين. كما عملت الوزارة على تنفيذ 81 مشروعا، "واشتغل المجتمع المدني بكل تفان لتنفيذ ورش وطن بأكمله". وعلى الرغم من أنه جرى تحقيق الكثير فيما يتعلق بمجال الهجرة بالمغرب، فإن المسؤول الحكومي اعترف بأن أمورا كثيرة لا تزال هناك يجب تحقيقها، مضيفا: "سوينا وضعيات ووضعنا برامج الإدماج ووضعنا ترسانة قانونية وبعد أقل من سنة على التوجيهات الملكية وضعنا تصورا شموليا لمجال الهجرة". وزاد المتحدث قائلا: "نريد أن نكون في مستوى المسؤولية، ونصحح أخطاءنا الكثيرة وبناء نموذج يستفيد من التجارب ويحقق للمجتمع انسجامه ويمكنه من أن يغتني بفعل التنوع والاختلاف لتجاوز المعيقات الحالية والمستقبلية التي قد تكون اجتماعية وثقافية واقتصادية". ورسم بيرو بعضا من ملامح المهاجرين الذين قال إنهم يلجؤون إلى "المغامرة بحياتهم بحثا عن موطئ قدم... وبحثا عن أدميتهم وتحقيق حلمهم. كانت الحياة والموت بالنسبة لهم سيان فذاقوا طعم الحياة.. مثل النبتة التي كادت تذبل واستعادت الحياة وبدأت أزهارها تتفتح"، وفق تعبير المسؤول الحكومي. من جانبه، أبرز نور الدين بوطيب، المتحدث باسم وزارة الداخلية، أنه على الرغم من كون السياسة المغربية في مجال الهجرة تنبني على مقاربة إنسانية؛ فإنها تقتضي كذلك مقاربة أمنية كذلك لتفادي الجريمة المنظمة العابرة للحدود. وأكد بوطيب، في كلمة له خلال الندوة ذاتها، أن المصالح الأمنية المختصة عملت على وضع إستراتيجية أمنية "طموحة" وتبني إستراتيجية أمنية ترتكز أساسا على "مقاربة الحدود ومراقبة الشواطئ وتكثيف العمليات البحرية ومراقبة الغابات وتكثيف العمل الاستخباراتي"، حسب تعبير المتحدث. وفي هذا السياق، كشف المسؤول بوزارة الداخلية أن المصالح الأمنية المختصة عملت على تفكيك أكثر من 320 شبكة إجرامية و26 ألف محاولة هجرة. وأكد بوطيب أن السنوات الأخيرة شهدت تناميا في الهجرة غير الشرعية بسبب الحروب والأوضاع الاقتصادية. وفي هذا الإطار، "عجّلت بعض البلدان بسد الباب أمام هؤلاء المهاجرين. وفي المقابل، اعتمد المغرب سياسة تضامنية وفق مقاربة إنسانية تصون حقوقهم وتحفظ كرامتهم؛ وهو ما جعل من المغرب نموذجا في المجال على الصعيد العالمي"، يقول بوطيب. وزاد المتحدث ذاته قائلا إن وزارة الداخلية انخرطت في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية في مجال الهجرة، عبر نظرة شمولية وبتعاون مع القطاعات المعنية. وفي هذا السياق، ذكر المسؤول بوزارة الداخلية أن هذه الأخيرة عملت على أجرأة العملية الاستثنائية لتسوية الأوضاع الإدارية ل23 ألف مهاجر؛ وهو ما يمثل 83 في المائة من طلبات التسوية استفاد منها مهاجرون منحدرون من 112 بلدا، على رأسهم أولئك القادمون من سوريا. وأشار بوطيب إلى أن وزارة الداخلية عملت أيضا على تعزيز الطابع الإنساني للعملية، عبر تقوية برامج الرجوع الطوعي عبر التوقيع على ثلاث اتفاقيات مع المنظمة الدولية للهجرة وبالتالي تتحمل الدولة المغربية تكاليف النقل الجوي وتسهيل عملية العودة الطوعية في ظروف تصون كرامة المهاجر. من جانبه، أوضح إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن عملية إدماج المهاجرين لا ترتبط فقط بالسياسات المتخذة. وأشار المتحدث ذاته، في كلمة له خلال الندوة التي عقدت صباح اليوم، إلى أنه يجب على المهاجر "تقبل ثقافة البلد المستقبل وقوانين البلدان المستقبلة". وزاد اليزمي قائلا إنه يجب على المجتمعات أن تنفتح على المهاجر القادم، وأيضا هو عليه الانفتاح على المجتمع المستقبل له، مضيفا: "فالمهاجر يلعب دورا مهما في سياسة الإدماج". وأبرز رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن عددا من البلدان الأوروبية هي دول هجرة والأوروبيون أكبر مهاجرين، مردفا: "لا بد أن لا ننسى، أبدا، أن لدينا مهاجرين في بلدان أخرى وأننا غرباء في مكان ما وعلى دول الجنوب تحمل مسؤوليتها واعتماد سياسة للهجرة بالنسبة إلى المهاجرين الأفارقة داخل القارة السمراء". ووقف المحجوب الهيبة، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، على التحديات التي تواجه عملية إدماج المهاجرين وأيضا السياسة المرتبطة بالهجرة. وأشار المحجوب الهيبة إلى أن من بين تلك التحديات ما هو مرتبط بالأمن والإرهاب، ثم تحدي الحروب والصراعات المسلحة، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية، وأيضا التوفيق بين الاندماج في بلدان المهجر والحفاظ على الروابط الثقافية مع البلد المصدر وتحديات العنصرية والتمييز ثم الهيمنة الثقافية بين دول الشمال، وأخيرا القضايا المناخية وتدهور الأوضاع البيئية وشح الموارد. وفي هذا الإطار، شدد الهيبة على "حرص المملكة المغربية على تنفيذ التزاماتها الدولية في هذا المجال، لتصبح نموذجا في منطقة البحر الأبيض المتوسط والمنطقة الإفريقية".